خمسة قتلى في احتجاجات السبت على الانقلاب العسكري في السودان
عربي تريند_ رغم القمع العنيف الذي واجهت به الأجهزة الأمنية في السودان المتظاهرين، وسقوط خمسة قتلى وإصابة واعتقال العشرات، إلا أن عشرات الآلاف من السودانيين واصلوا التظاهر طوال ظهيرة ومساء السبت، رافضين للانقلاب الذي قام به قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول.
وخرج الآلاف قد خرجوا في تظاهرات احتجاجية، السبت، في العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من المدن الأخرى، استجابة لدعوات أطلقها تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة، رفضا للانقلاب.
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية سقوط خمسة قتلى برصاص الأجهزة الأمنية والاختناق بالغاز المسيل للدموع. وأعلنت أيضا وقوع إصابات متفاوتة بالرصاص الحي في مناطق متعددة من مدينة الخرطوم.
وقالت اللجنة إنها عانت من صعوبات بالغة في إيصال المصابين لمستشفيات الخرطوم.
وواجهت الأجهزة الأمنية المتظاهرين بإطلاق الغاز المسيل للدموع بشكل كثيف في نقاط التجمع المركزية والفرعية، كما أطلقت الأعيرة النارية على المتظاهرين في شارع “الشهيد عبد العظيم” في أمدرمان و”الستين” في الخرطوم، واعتقلت العشرات من المتظاهرين في مدن الخرطوم الثلاث- امدرمان، الخرطوم والخرطوم بحري.
من جانبها، وجهت لجان المقاومة المتظاهرين بالعودة إلى الشوارع الداخلية وإغلاقها بالحواجز “المتاريس” ثم العودة مرة أخرى لنقاط التجمع.
واستمر الكر والفر بين القوات الأمنية والمتظاهرين الذين احتموا بالأحياء السكنية، بينما انتشرت عربات تابعة للأجهزة الأمنية بعضها بدون لوحات، في عدد من الشوارع الرىيسية، ولاحقت المتظاهرين داخل الأحياء معتقلة العشرات منهم.
وكان تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة قد دعوا لتظاهرات (مليونية الغضب) الرافضة للانقلاب، السبت، تحت شعار “لا شراكة، لا تفاوض، لا شرعية”.
إلى ذلك، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة “فولكر بيرتس” في تغريدة على حسابه في تويتر: في ضوء مظاهرات السبت في السودان، أدعو مرة أخرى قوات الأمن لممارسة أقصى درجات ضبط النفس واحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير”. كما دعا المتظاهريين للحفاظ على مبدأ سلمية التظاهر.
يشار إلى أن قائد الجيش سمى نفسه، الخميس، رئيسا لمجلس سيادي مكون من 14 عضوا، في وقت تغيب قادة الجبهة الثورية “الهادي ادريس”، “مالك عقار” و”الطاهر حجر” عن أداء القسم، الجمعة، في مباني القصر الجمهوري السوداني وسط الخرطوم.
ولم تنص الوثيقة الدستورية التي وقعها المدنيون والعسكريون في أغسطس 2019 على إلغائها أو تعديلها من قبل أحد طرفيها.
وأطلق المتظاهرون عددا من الهتافات المطالبة بعودة المدنية والمنددة بالانقلاب العسكري وقادته ومن وصفوهم بشركاء الانقلابيين من قادة بعض دول جوار السودان.
وكانت أبرز الهتافات التي أطلقها المتظاهرون “حرية، سلام وعدالة، مدنية قرار الشعب”، “رص ” سلمية..سلمية ضد الحرامية”، ” الشعب شعب أقوى والردة مستحيلة”، ” ما تدي قفاك للعسكر العسكر ما حيصونك، بس ادي قفاك للشارع الشارع ما يخونك” “ثوار احرار حنكمل المشوار”، “للعسكر ماف حصانة يا المشنقة يا الزنزانة” وغيرها من الهتافات الرافضة للحكم العسكري والمطالبة بالعودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي.
إلى ذلك، انطلقت أولى التظاهرات الرافضة للانقلاب، السبت، في مناطق مايو،الكلاكلة، الشجرة والحمداب، الواقعة جنوب الخرطوم، بعدها بدأت الحشود تتوافد من كل انحاء مدن العاصمة السودانية الخرطوم (امدرمان، الخرطوم، الخرطوم بحري) وصولا لنقاط التجمع الفرعية ثم المركزية التي حددتها تنسيقيات لجان المقاومة.
وكانت تنسيقيات لجان المقاومة قد أعلنت شارع “الشهيد عبد العظيم “كنقطة تجمع مركزية للتظاهرات القادمة من انحاء مدينة امدرمان المختلفة، بينما حددت “محطة سبعة” كنقطة تجمع للتظاهرات في الخرطوم، وايضا “شارع المؤسسة” في مدينة بحري.
وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في نقاط التجمع الثلاث، مع بداية تجمهر المحتجين، في محاولة لمنع بقية “المواكب” المتوجهة لنقاط التجمع من الوصول.
إلى جانب التظاهرات في الخرطوم، خرج آلاف المتظاهرين في مدينة “بورتسودان” عاصمة ولاية البحر الأحمر ومدينة “كسلا”، شرقي السودان، و”دنقلا” عاصمة الولاية الشمالية، “الفاشر” عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد، و”مدني” عاصمة الجزيرة في الوسط ، بالإضافة إلى”عطبرة” عاصمة ولاية نهر النيل، “الأبيض” شمال كردفان و”كوستي” بولاية النيل الأبيض.
من جانبها، أعلنت لجنة المعلمين السودانيين، في بيان الجمعة، جدولا للتصعيد، حددت فيه السبت للمشاركة في التظاهرات المليونية، بينما يوما الأحد والاثنين لإجراء مخاطبات في المدارس، والثلاثاء لتقديم ندوات وبرامج توعوية بالمحليات. بالإضافة إلى وقفات احتجاجية أمام إدارات الشؤون التعليمية بالمحليات، الخميس، رفضا للانقلاب والقرارات الصادرة عن القادة الانقلابيين.
وكانت الأجهزة الأمنية قد أغلقت منذ الساعات الأولى لفجر السبت معظم الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم، وعددا من الطرق الرئيسية، خاصة المؤدية إلى مباني القيادة العامة للقوات المسلحة.
وانتشرت أعداد كبيرة من قوات الشرطة والاحتياط المركزي في مداخل عدد من الجسور والكباري، أبرزها “كبري السلاح الطبي” الذي يربط مدينتي الخرطوم وامدرمان، في وقت تمركز عدد من ناقلات الجيش في مدخل الكبري من جهة امدرمان.
كما أغلق المئات من العسكريين “كبري الفتيحاب”، الرابط بين المدينتين وكبري امدرمان القديم من الجهتين بدبابات وقوات تابعة للشرطة العسكرية.
وكانت لجان مقاومة “كرري” شمال امدرمان قد حددت، في بيان صباح السبت، مطالبها بإسقاط المجلس العسكري وتسليم السلطة للمدنيين ومحاكمة جميع المتورطين في الانقلاب وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين.
كما طالبت بحل كل الميليشيات وإعادة تكوين قوات الشعب المسلحة السودانية – خلال فترة محددة – بعقيدة وطنية هدفها حماية حدود الوطن وحق الشعب في الحرية والسلام والعدالة، بالإضافة إلى ابعاد القوات النظامية من العملية السياسية نهاىيا.
ودعت لجان كرري ايضا إلى تكوين كل هياكل السلطة المدنية الانتقالية في فترة محددة، بإشراف الأجسام المهنية والأكاديمية ذات الصلة والاستقلالية التامة لسيادة الدولة السودانية في ما يخص القرارات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وقالت المواطنة نوال الخبير من الخرطوم لـ”القدس العربي” إنها خرجت في تظاهرات السبت، لإيصال رسالة للانقلابيين بأن الشعب السوداني لن يقهر ولن يرضى مرة أخرى بحكم عسكري.
وقالت نوال: لن نرضى إلا بالحكم المدني مرددة الهتاف: (البلد دي حقتنا ومدنية حكومتنا). وطالبت بالإفراج عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك باعتباره الرئيس الشرعي للحكومة السودانية، وإعادة هيكلة الجيش، مشددة على ان قائد الانقلاب لن يستطيع خداع الشعب.
من جانبه قال سيد كلودة من الخرطوم: إن الشعب السوداني في كل مدن السودان، رأيه واضح وهو إعادة الدولة إلى المسار الديمقراطي والحكومة المدنية برئاسة حمدوك.
وأضاف كلودة ” كيف يدعي العسكريون الديمقراطية ويقتلون ويعتقلون المتظاهرين السلميين ويضعون شركاءهم في الحكم في السجون بسبب آرائهم، مشددا على أن ما حدث ليس انقلابا فقط وإنما تقويضا لثورة ديسمبر وان الشعب وثورته سينتصرون مهما حدث”.
وشارك وزير الثقافة والإعلام في الحكومة الشرعية حمزة بلول في التظاهرات الرافضة للانقلاب في “محطة سبعة” وسط الخرطوم، وقال مخاطبا الحشود هناك: ان الشارع قرر قيام الدولة المدنية، مشددا على ان لا إرادة أقوى من ارادة الشعب السوداني الذي لن يقبل أي وصاية.
ولفت بلول إلى أن اي جهة تعتقد انها اقوى من الشعب السوداني يواجهها الشارع بالتظاهر السلمي حتى يسقطها كما اسقط نظام عمر البشير من قبل.
وأكد أن كل المتورطين في الانقلاب من عسكريين وإسلاميين سيحاكمون، قائلا: لا تغرنكم الأسلحة والأموال سيسقطون.
وهتف الوزير الهتاف الشهير: ” رص العساكر رص.. الليلة تسقط بس”.
احتجاجات في الخارج
ونظم أبناء الجاليات السودانية في الخارج وقفات احتجاجية رافضة لانقلاب البرهان في كل من أستراليا وفرنسا وبريطانيا.
وفي العاصمة البريطانية لندن، تجمعت الحشود أمام سفارتي مصر والإمارات، تنديدا بالانقلاب.