مصر: وزارة التعليم تمنع مراكز الدروس الخصوصية… والمالية تطالبها بالضرائب
عربي تريند_ فيما يبدو أنه تضارب في القرارات الحكومية، وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير التعليم المصري طارق شوقي، أنه يحارب الدروس الخصوصية، وسط الحملات التي تشنها أجهزة الدولة لإغلاق المراكز الخصوصية، خرجت وزارة المالية لتطالب المدرسين وأصحاب مراكز الدروس الخصوصية، بالتوجه إلى مأموريات الضرائب لفتح ملفات ضريبية.
طلب استدعاء برلماني للوزيرين
التضارب في التوجهات والقرارات الحكومية، دفع محمد عبد الله، عضو مجلس النواب، إلى تقديم طلب، الثلاثاء، لاستدعاء محمد معيط، وزير المالية، و طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، لمجلس النواب، لبحث ملف طلب وزارة المالية بتحصيل ضرائب من المعلمين الخاصة بالدروس الخصوصية.
وانتقد تضارب مواقف الحكومة بشأن الدروس الخصوصية، مشيرا إلى اندهاشه من تعارض موقف وزارة التربية والتعليم الرافض لفكرة الدروس الخصوصية، وموقف مصلحة الضرائب التي تطالب مراكز الدروس الخصوصية بفتح ملفات ضريبية، قائلا، إن ذلك التعارض والتضارب في مواقف الحكومة الواحدة، يدل على تخبط سياساتها بشأن التعليم ومدى الحاجة إلى الدروس الخصوصية.
وأضاف: في الوقت الذي يعلن فيه وزير التربية والتعليم، محاربة الدروس الخصوصية، ويطالب بتجريمها ومطاردة من يعملون بها من المعلمين، نجد مصلحة الضرائب تدعو القائمين على مراكز الدروس الخصوصية والعاملين بالمجال لفتح ملفات ضريبية خلال الشهور المقبلة، بل توقع مستشار رئيس مصلحة الضرائب تحصيل نحو 850 مليون جنيه من الدروس الخصوصية خلال العام المالي الحالي.
حالة تخبط
وطالب الحكومة بتوضيح سياستها وخطتها تجاه الدروس الخصوصية، لا سيما وأن الأمر يتعلق بمصير ومستقبل الطلاب، منتقدا، حالة التخبط والقلق التي يعيشها أولياء الأمور، ما بين الالتزام بتوجيهات وزارة التربية والتعليم بالتوقف عن الدروس الخصوصية رغم عدم وجود معلمين بالمدارس ليشرحوا المناهج للطلاب نظرا للعجز الكبير في عدد المعلمين، واللجوء للدروس الخصوصية المكلفة لهم.
كذلك تقدمت النائبة هالة أبو السعد، وكيلة لجنة المشروعات الصغيرة في مجلس النواب، بطلب إحاطة بشأن قرار مصلحة الضرائب بتسجيل مراكز الدروس الخصوصية في مأمورية الضرائب واختلاف وزارتي المالية والتربية والتعليم حول تقنين أوضاع هذه المراكز.
وقالت: فوجئنا بقرار صادر من رئيس مصلحة الضرائب المصرية بإلزام من يقوم بنشاط مراكز الدروس الخصوصية سواء جمعيات أو قاعات أو عن طريق التدريس عبر الوسائل الإلكترونية وغيرها سواء مملوكة أو مؤجرة (مراكز رئيسية وفروعها) بضرورة التوجه إلى مأمورية الضرائب التي يقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط وإخطار المأمورية بذلك، سواء كان لديه ملف ضريبي أو أن يقوم بفتح ملف ضريبي جديد لهذا النشاط، وذلك في موعده أقصاه شهر من الآن.
وأضافت أن هذا القرار آثار ضجة شديدة لما له من آثار سلبية على سيادة الدولة في محاربة الدروس الخصوصية ومراكز الدروس الخصوصية.
ولفتت النائبة إلى أن وزير التعليم أكد في تصريحات تليفزيونية بعد سماعه قرار مصلحة الضرائب، أن الوزارة لا تعلم شيئًا عن مطالبة وزارة المالية مراكز الدروس الخصوصية بالتسجيل في مصلحة الضرائب، مضيفا: الكل يعمل في تخصصه، وقرار وزارة المالية لن يوقف وزارة التربية والتعليم عن مكافحة ظاهرة الدروس الخصوصية، موضحة أن الوزارة قالت مرارا وتكرارا، إنه لا يوجد شيء يسمى بمراكز مرخصة للدروس الخصوصية، وإن كل المراكز تعمل بالمخالفة للقانون، وتقوم الوزارة بشن ضبطيات قضائية عليها، وغلقها وتشميعها بالشمع الأحمر، وإحالة أصحابها لجهات التحقيق.
وأضافت: الغريب في الأمر أن هناك تبريرا من مصلحة الضرائب يقر بأنها ليست مع تقنين المراكز لكنها تريد الضريبة، حيث ذكر بيان مصلحة الضرائب أن فتح ملف ضريبي لا يعد سندًا قانونيًا لتقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية.
وتابعت: هذا القرار يضرب سياسة الدولة وتوجه القيادة السياسية بمنع الدروس الخصوصية في مقتل، وجاء عكس ما تقوم به الدولة من جهود لمحاربة الدروس الخصوصية، متسائلة كيف يصدر قرار من مصلحة الضرائب وهي جهة حكومية بالمخالفة لقرار آخر من وزارة التربية والتعليم وهي جهة حكومية أيضا؟ وهل نحن مع تقنين المراكز أم مع محاربتها؟ وكيف نوقع عقوبات على المراكز وعلى أصحاب الدروس الخصوصية، ثم نطالبهم بالضريبة على هذا النشاط غير المشروع؟
تضارب في قرارات الحكومة على طاولة مجلس النواب
وطالبت بإلغاء هذا القرار لمخالفته لتوجه وسياسة القيادة السياسية ولسياسة وزارة التربية والتعليم في محاربة تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية، ومحاربة السناتر والأماكن التي تعمل بالدروس الخصوصية.
وكان رضا عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، دعا من يقوم بنشاط مراكز الدروس الخصوصية بضرورة التوجه إلى مأمورية الضرائب التي يقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط وإخطار المأمورية بذلك، سواء كان لديه ملف ضريبي أو أن يقوم بفتح ملف ضريبي جديد لهذا النشاط، وذلك في موعده أقصاه شهر من الآن.
وحسب عبد القادر، كل هذه المراكز مطالبة بإخطار مأموريات الضرائب بنشاطها سواء كانت جمعيات، قاعات، شققا، أو عن طريق التدريس عبر الوسائل الإلكترونية أو غيرها سواء مملوكة أو مؤجرة.
ومن المقرر أن يتضمن الإخطار البيانات الأساسية للممول أو الشركة أو الجمعية وغيرها، وهي عنوان المركز الرئيسي للنشاط أو فروعه، والكيان القانوني، وكذلك الساحات وعدد القاعات وسعة مقاعد كل قاعة، وكذلك أسماء المدرسين والمتعاقدين وبياناتهم واسم الشهرة إن وجد.
لكنه في الوقت نفسه أشار عبد القادر إلى أن إخطار المأمورية بنشاط الدروس الخصوصية، وفتح ملف ضريبي لا يعدان سندًا قانونيًا لتقنين أوضاع هذه المراكز
وكشفت نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017-2018، التي أعلنها الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، أن متوسط إجمالي ما ينفقه المصريون، نحو 26 مليون أسرة في جميع محافظات الجمهورية، على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية يبلغ نحو 47 مليار جنيه، بنسبة تمثل 37.7٪ من إجمالي الإنفاق على قطاع التعليم.
مؤشرات النتائج أكدت أن إجمالي متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على التعليم في جميع المحافظات يبلغ 5 آلاف و184 جنيهاً، وأن نسبة الإنفاق منها على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية تبلغ 37.7٪، بقيمة 1954.368 جنيها للأسرة الواحدة.
وأشارت إلى أن نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية في الحضر للأسرة الواحدة تبلغ 2314.8 جنيه سنوياً تمثل 32.2٪ من قيمة الإنفاق على التعليم في الحضر وقيمتها 7189.1 جنيه سنوياً، مقابل 1686.33 جنيها تمثل 45.6٪ من إجمالي 3698.1 جنيه قيمة الإنفاق على التعليم في الريف.
لم ينفصل الإجراء الذي اتخذته وزارة المالية، عن خطوات أخرى هدفها وضع الجميع تحت مظلة «الاقتصاد الرسمي» حتى وإن كانت الدولة لا تعترف به، مثل الإتجار في المخدرات، التي تحظر الدولة استخدامها أو الإتجار فيها، ومع ذلك تحصل الضرائب على كل قضية يحررها رجال مكافحة المخدرات. وهو الحال أيضا في الطريقة التي تعاملت بها مع اليوتيبرز والبلوغرز، رغم أن الدولة عبر نقاباتها تحارب الكثير منهم وترفض أحيانا الفن الذي يقدمه بعضهم، ولا تمنحهم التراخيص للعمل.
«الاقتصاد الرسمي»
هذا ما يبرره طلعت عبد السلام، مدير المكتب الفني لرئيس مصلحة الضرائب المصرية، في حديث تلفزيوني، إذ قال إن المصلحة لا تعطي شرعية أو تقنين وضع لمراكز الدروس الخصوصية، إنما تستهدف مليونا و900 ألف منشأة تعمل عبر الاقتصاد غير الرسمي، مشيرا إلى أن هدف القرار إدراج تلك المنشآت في الاقتصاد الرسمي. وتشير إحدى الدراسات، التي أعدها اتحاد الصناعات المصرية، إلى أن حجم الاقتصاد السري أو غير الرسمي يصل لنحو 4 تريليونات جنيه، بما يعادل 60٪ من حجم الاقتصاد القومي، والمقدر بنحو 400 مليار دولار ـ أي ما يزيد على 7 تريليونات جنيه.
القرار كما يقال فرصة لضم النشاط غير الرسمي إلى حظيرة الضرائب مثلما حدث من قبل مع اليوتيوبرز والبلوغرز، وكذلك خدمات التوصيل، ولكنه يختلف في كون نشاط الدروس الخصوصية يعد نشاطا محظورا، وهو ما يرى فيه الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، عدم تنسيق بين وزارات الدولة، ولكنه في الوقت نفسه يرتكز على حقيقة أن هذه المراكز نشاط مدر للربح، يمكن إخضاعها لمنظومة الضرائب.