الموت يلاحق مسلمي الروهينغا الفارين إلى مخيمات بنغلادش
عربي تريند_ لا تزال بقع الدم بادية للعيان في الموقع حيث اغتيل مهيب الله، الذي كان بين أبرز الناشطين المدافعين عن 850 ألفا من أفراد الروهينغا الذين يعيشون بخوف في مخيّمات اللاجئين في بنغلادش.
ومدى الأسابيع التي أعقبت عملية القتل، تلقى عضو بارز في المجموعة التطوعية التي كان مهيب الله يترأسها اتصالات هاتفية تبلغه بأنه الهدف التالي إلى جانب آخرين.
وقال نور الذي كان متخوفا للغاية من الإفصاح عن اسمه الكامل أو التحدّث على الكاميرا، “يمكنهم مطاردتك كما قتلوا بالرصاص زعيمنا والعديد من الأشخاص بكل صفاقة”.
واضاف لفرانس برس إنه يعتقد بأن القتلة ينتمون إلى “جيش إنقاذ روهينغا أراكان”، وهي جماعة متمرّدة تقاتل الجيش البورمي لكن يعتقد أنها تقف خلف موجة اغتيالات وجرائم في المخيّمات.
ونفى “جيش إنقاذ روهينغا أراكان” من جهته قتل مهيب الله.
ويقيم معظم الروهينغا في مخيمات منذ العام 2017 عندما فروا من حملة عسكرية شرسة في بورما، ذات الغالبية البوذية، حيث يتم التعامل باستعلاء مع الأقلية المسلمة بمعظمها وينظر إلى أفرادها على أنهم مهاجرون غير شرعيين.
ومع رفضهم العودة إلى حين ضمان أمنهم ومنحهم حقوقا متساوية، ما زال اللاجئون عالقين في أكواخ مصنوعة من الخيزران والمشمّع من دون عمل وفي ظل ظروف صحية بالغة السوء فيما بالكاد يحصل أطفالهم على فرص التعليم.
وتفيض المراحيض في موسم الأمطار لتملأ الممرات الطينية الضيّقة بالفضلات فيما تأتي الحرائق على المنازل الهشة في غضون دقائق خلال موسم الصيف الحار.
وبينما توفر السلطات البنغلادشية بعض الأمن خلال النهار، إلا أن المخيّمات تتحوّل ليلا ميدانا لنشاط العصابات، التي يشتبه بأنها على صلة بـ”جيش إنقاذ روهينغا أراكان”، والتي تهرّب الميثامفيتامين من بورما بكميات تقدّر قيمتها بملايين الدولارات.
وقال اللاجئ المنتمي إلى الروهينغا إسرافيل لفرانس برس “يختلف السيناريو فور غروب الشمس. يقومون بكل ما يرغبون بالقيام به في ساعات الظلام الطويلة”.
عمل مهيب الله وزملاؤه بهدوء وسط الفوضى والتوتر في المخيّمات على توثيق الجرائم التي تعرّض لها شعبهم على أيدي الجيش البورمي، فيما كان يطالب أيضا بتحسين ظروف اللاجئين.
وبرز أستاذ المدرسة السابق عام 2019 عندما نظّم تظاهرة ضمّت 100 ألف شخص في المخيّمات في ذكرى مرور عامين على لجوئهم.
والتقى حينذاك الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض وألقى خطابا خلال اجتماع للأمم المتحدة في جنيف.
لكن يبدو أن شهرته أثارت حفيظة “جيش إنقاذ روهينغا أراكان”.
ويقول زملاؤه وناشطون حقوقيون إن المجموعة رأت في مهيب الله تهديدا لموقعها كجهة وحيدة تمثل الروهينغا، علما أنه كان يعارض أسلوبها العنيف.
ويقول الناشط الحقوقي البارز في بنغلادش نور خان ليتون “تحوّل شوكة في خاصرة +جيش إنقاذ روهينغا أراكان+ الذي كان يخشى أيضا من شعبيته الهائلة”.
وبعد ثلاثة أسابيع على اغتيال مهيب الله أواخر أيلول/سبتمبر، قتل مسلّحون بأسلحة نارية وسواطير سبعة أشخاص في مدرسة دينية إسلامية رفضت دفع المال لـ”جيش إنقاذ روهينغا أراكان” مقابل حصولها على الحماية.
وقال ناشط بارز من الروهينغا يعيش في الخارج “حملت المجزرة الوحشية جميع بصمات +جيش إنقاذ روهينغا أراكان+. سبق للمجموعة أن قتلت رجلي دين مسلمين على الأقل لرفضهما دعم معركة +جيش إنقاذ روهينغا أراكان+ العنيفة”.
ولفت الناشط الذي طلب عدم الكشف عن هويته إلى أن المجموعة المسلّحة “نفّذت عمليات قتل لترسيخ هيمنتها الكاملة على المخيّمات. بعد المجزرة الأخيرة، يبدو أنه تم إسكات الجميع”.
وبعد الاعتداء على المدرسة الدينية، حضّت وكالة الأمم المتحدة للاجئين السلطات في بنغلادش على “اتّخاذ إجراءات فورية لتحسين الوضع الأمني في مخيّمات اللاجئين”.
ودفعت سلسلة عمليات قتل مرتبطة بحرب العصابات سنة 2019 الجيش البنغلادشي إلى نصب حواجز وضعت عليها أسلاك شائكة في محيط المخيّمات. وأوكلت فرقة الشرطة المسلّحة التي تعد ضمن قوات النخبة مهمة تأمين المنطقة.
كما نفّذت الشرطة عمليات أمنية أسفرت عن مقتل عشرات مهربي المخدرات من الروهينغا.
لكن وعلى الرغم من توقيف السلطات البنغلادشية عشرات الأشخاص على خلفية مقتل مهيب الله، إلا أنها تنفي أن يكون “جيش إنقاذ روهينغا أراكان” ينشط في المخيّمات، ملقية باللوم على ما وصفته بـ”خصومات” ضمن المخيّمات.
وقال قائد الشرطة المسؤول عن مخيم كوتوبالونغ نعيم الحق لفرانس برس “لا تواجد لـ+جيش إنقاذ روهينغا أراكان+ في المخيّمات”.
ويشعر أعضاء مجموعة مهيب الله بقلق بالغ مشيرين إلى أن مخاوفهم الأمنية لا تلقى آذانا صاغية. حتى أن البعض يتحدث عن تعاون بين “جيش إنقاذ روهينغا أراكان”و قوات الأمن البنغلادشية، وهو أمر تنفيه دكا بشدة.
وقال الزعيم البارز للروهينغا كياو مين إن الشرطة تساعد “جيش إنقاذ روهينغا أراكان” على فرض هيمنته ليلا عبر الابتعاد عن المكان خلال فترة نشاطه.
وقبل شهر من مقتله، بعث مهيب الله برسالة، اطلعت عليها فرانس برس لكن لم يتسن التحقق منها بشكل مستقل، إلى السلطات البنغلادشية.
وذكر فيها أسماء 70 رجلا في المخيّمات قال إنهم أعضاء في “جيش إنقاذ روهينغا أراكان”، وأكد أنه وزملاؤه يشعرون بالقلق على حياتهم.
ونفى مفوّض شؤون اللاجئين في بنغلادش شاه رضوان حياة والمسؤول عن المخيّم عتيق المأمون تلقي أي رسالة من هذا النوع.
وأفاد أفراد عائلات شخصيات بارزة من الروهينغا أن قوات الأمن البنغلادشية نقلت مذاك ست عائلات على الأقل، بينها عائلة مهيب الله، خشية استهداف أفرادها.
وقال الناشط سا فيو ثيدا بفرانس برس “اعتقدنا أننا سنكون في مأمن في بنغلادش. لكننا الآن لا نعرف متى سيطرق القتلة بابنا”.
وأردف “كما هي الحال أيام الإبادة في بورما سنة 2017 عندما كنا نعيش في خوف من فرق الموت العسكرية، نعيش اليوم في حالة خوف شديد”.(أ ف ب)