جائزة ترضية سورية لإيران
عربي تريند_ قبل أن يجف حبر الاتفاق النهائي بين الأردن وسورية ولبنان، بشأن تزويد لبنان بالكهرباء الأردنية عبر سورية، أعلنت دمشق عن توقيع عقد مع شركة بيمانير الإيرانية، لإعادة تأهيل محطة محردة بقدرة 576 ميغا واط وبقيمة 99.5 مليون يورو، بمدة تنفيذ 26 شهراً ومباشرة مبدئية بالعمل.
لعلّ بهذه الرشى المتواضعة، تغض طهران الطرف، وإن لأجل، على الاتفاق الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان قبل أيام، ووصفه وزير الكهرباء بحكومة الأسد غسان الزامل بالجيد، واعداً بأن سورية لن تكون “حجر عثرة”، بعد تأكيده جدية بلاده “الكاملة” في إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية الخاصة بالربط بين الأردن ولبنان مروراً بسورية، بالرغم من التدمير الكبير الذي طرأ على الشبكات والمنظومة الكهربائية وتكاليف إعادة تأهيل خط الربط، المقدرة بنحو 5.5 ملايين دولار.
لكن نظام الأسد بدمشق يعلم يقيناً أن تلك الكعكة لا يمكن أن تشبع طهران المتطلعة لربط المنطقة عبر خطها الفارسي، وأن خط ربط الغاز العربي سيعيق كثيراً من الحلم الإيراني، ويلحق بمشروعها النكوصي الإمبراطوري والاقتصادي خسائر وأضراراً وعلى مستويات عدة، إن بدأت من تقليص حصة إيران بكعكة خراب سورية، بعد أن اختارت الكهرباء والفوسفات ولم تزل تصارع روسيا على الجغرافيا، ولن ينتهي ذلك بإرجاء مشروع “الهلال الشيعي” بعد تفاخر طهران بسيطرتها على أربع عواصم عربية.
إذ وفضلاً عن احتمال إخراج نقل الغاز المصري، أو المزيج المصري الإسرائيلي إلى لبنان، نظام الأسد، وإن جزئياً، من قبضة سيطرتها وبدء تعويمه وتدويله، ونقل الكهرباء الأردنية إلى بيروت، فإن ذلك سيحدّ من مساعي إيران إلى تعتيم لبنان وتتبيعها لولاية الولي الفقيه، وسيُحدث الغاز المصري والاسرائيلي تبديلاً كبيراً في خريطة الطاقة للمنطقة مبدئياً، ومن ثم لأوروبا لاحقاً، ما يعني إعادة إيران، ومعها روسيا، النظر في صمتهما على قبول الأسد بالاتفاق، وهما عملياً من يسيطران على القرار والأرض.
فمرور خط الغاز العربي من معبر جابر جنوبي سورية فحمص وسطها وصولاً إلى طرابلس اللبنانية ممكن نظرياً، لكن واقع الأرض والمسيطرين يقول بأن يتمّ تفجير هذا الخط متى اقتضت الضرورة، ولعل تفجير الخامس في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد إعلان ملك الأردن عن المشروع، دليل على ما يمكن لطهران فعله وتعليقه على “الإرهاب” رغم غياب داعش وأمثاله عن ريف دمشق موقع التفجير.
نهاية القول: ربما لا يخفى على متابع أن غاز إسرائيل أولاً، ومن ثم تقليل النفوذ الإيراني بالمنطقة، هما هدفا التحرك الإقليمي والدولي والتسهيلات لنقل مشروع الغاز العربي وكهرباء الأردن، عبر سورية إلى لبنان ولاحقاً إلى ما بعد لبنان.
ويأتي بعدهما، تعويم النظام السوري، ولو عبر خرق قانون “قيصر” وصادرات مصر ومنافع الأردن ومصالح لبنان وغير ذلك من أهداف أعلنت أو قد تُعلن، للتبرير أو التعمية على الهدف الأساس.
ما يعني، لن تتقبّل طهران صفعة خسائرها المتعددة بخنوع، ولن تمرّ عليها كعكة محطة محردة أو صهاريج النفط التي توصلها إلى الساحل السوري، لتغذية سيطرتها في سورية ولبنان.
وكل ذلك يرجّح استخدام جميع أدواتها بالتوازي مع نهاية العام، موعد تدفق الغاز إلى عروق لبنان المتجمدة، فتنظيم داعش بالخدمة وبعض أجنحة نظام الأسد رهن الإشارة وحزب الله المسيطر على الدولة اللبنانية بالمرصاد.