فايننشال تايمز: نجاح حزب الله في منع التحقيق بكارثة المرفأ سيحول لبنان إلى محمية إيرانية على المتوسط
عربي تريند_ قال المعلق ديفيد غاردنر، إن العنف في لبنان يزيد من فرص انزلاق البلد نحو الدولة الفاشلة.
وعلق الكاتب في مقاله بصحيفة “فايننشال تايمز” على العنف في لبنان خلال الأسبوع الماضي، وأنه لا يبشر بخير في بلد يستعرض فيه حزب الله المدعوم إيرانيا عضلاته. وقال إن قتال الشوارع الذي شهدته العاصمة بيروت الأسبوع الماضي، لم يكن الأعنف منذ أكثر من عقد، ولكنه جزء من معركة يشنها حزب الله، القوة السياسة- العسكرية وحلفاؤه للتأكد من عدم تقدم التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في آب/ أغسطس العام الماضي.
ولو نجح الحزب وحلفاؤه في مسعاهم، وأطفأوا آخر ومضة من حكم القانون في لبنان، فهذا البلد يسير بالتأكيد نحو تحوله لمحمية إيرانية على البحر المتوسط.
ويذكّر التوتر بالمحكمة الدولية التي حققت في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005، فبعد 15 عاما على الجريمة، وكلفة مليار دولار، لم تجرّم المحكمة إلا عنصرا واحدا من حزب الله وغيابيا، مبقية على ثقافة الإفلات من العقاب المستشرية منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية.
ولقي الكثير ممن لديهم معرفة بمؤامرة قتل الحريري نهاية مفجعة. وتحاول الميليشيا الشيعية وشبكتها من الداعمين منع التحقيق الأخير أيضا. ويحاول الحزب وهو دولة فوق الدولة تجنب تحمل المسؤولية عن الكارثة الأخيرة، وهي أكبر انفجار غير نووي في التاريخ. وبالتأكيد أبعدت كل قوة طائفية لاعبة في لبنان نفسها عن عملية تخزين كميات كبيرة من نترات الأمونيوم القابلة للاشتعال في عنبر من عنابر مرفأ بيروت، إلا أن مسلحي حزب الله حاولوا إغلاق مكان الحادث، المخزن الذي قيدت عملية الدخول إليه.
ويرى الكاتب أن النزاع حول التحقيق في المرفأ يسرّع من انهيار البلد الذي يتجه أصلا نحو وضع الدولة الفاشلة. واتخذت العملية اتجاها لا يبشر بخير باغتيال الحريري، الزعيم السني الذي أعاد بناء لبنان في مرحلة ما بعد الحرب. وأزاح مقتله العقبة أمام الممر الشيعي الذي خطته إيران مع جماعاتها الوكيلة عبر العراق وسوريا إلى لبنان.
واشتكى حسن نصر الله، زعيم حزب الله في الأسبوع الماضي من أن القاضي المعين للتحقيق في كارثة المرفأ، طارق بيطار، متحيز ويجب أن يستقيل كما أقيل سلفه فادي صوان بعد ضغوط سياسية. وحاول كلاهما في حالتين استدعاء واعتقال سياسيين وقادة في الأمن، وعدد من هؤلاء مرتبط بحزب الله.
ثم قام الحزب مع حركة أمل، الميليشيا التي تحولت إلى حزب بزعامة نبيه بري، رئيس البرلمان، باستعراض للقوة أمام قصر العدل، داخل المنطقة المسيحية عين الرمانة، القريبة من منطقة شيعية على خطوط التماس القديمة أثناء الحرب الأهلية. واتهم قادة الشيعة، حزبَ القوات اللبنانية، وهي ميليشيا شاركت في الحرب الأهلية وتحولت لحزب معارض الآن، بإطلاق النار وقتل سبعة من الشيعة.
والصورة لا تزال غير واضحة، لكن شهود عيان قالوا إن الناشطين الشيعة تدفقوا إلى الجانب المسيحي وهم يهتفون “شيعة شيعة”، باعتبار أن هذه المنطقة أصبحت تابعة لهم، ثم قاموا بعمليات تخريب للسيارات والمحلات. ثم ظهر المقاتلون الشيعة وهم يحملون البنادق والقذائف الصاروخية.
والمرة الأخيرة التي حدثت فيها مواجهات بهذه الطريقة كانت عام 2008 عندما هاجم الشيعة السنة في بيروت الغربية، زذلك بعد قرار الحكومة سحب مرسوم للسيطرة على شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله.
وقادت محاولة زحف الشيعة لمنطقة خلدة السنية، جنوبي بيروت لمواجهات هذا العام والعام الماضي، وهجمات على حفل زفاف وجنازة شيعية. إلا أن الانفجار في المرفأ الذي دمّر القلب المسيحي لبيروت أدى لنفاد صبر المسيحيين، وشجّع قادتهم على التدافع وتعزيز مواقفهم قبل انتخابات العام المقبل.
ومنذ عام 2016، أصبح لدى حزب الله حليف، وهو الرئيس ميشيل عون، قائد الجيش السابق. ومنذ عام 2018 لديه الغالبية في البرلمان إلى جانب حركة أمل والتيار الوطني الحر الذي يترأسه صهر الرئيس جبران باسيل. ونظرا للمشاعر الساخنة بعد كارثة المرفأ، يحاول سمير جعجع، زعيم حزب القوات اللبنانية، إضعاف التيار الحر من خلال معارضة زحف حزب الله وحليف عون.
وفي ضوء انهيار لبنان الاقتصادي، فمناورة جعجع تشبه الباحث عن الكمأ في مستنقع، وربما نجحت. فقد دعم عون القاضي بيطار، أما باسيل، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات، فقد هاجم جعجع والقوات اللبنانية ووصفهم بالمجرمين.
وفي خطاب ألقاه حسن نصر الله يوم الإثنين، ذكّر الجميع بقوة حزبه، وزعم أن لديه 100 ألف مقاتل. وقد يكون هذا مجرد تفاخر، لكن قواته لديها تجربة سنين في الحرب. ولكن ما يثير الخوف هو تحذيره المبطن للمسيحيين أنهم قد يخاطرون بوجودهم: “الخطر الأكبر على المسيحيين ووجودهم في لبنان هي القوات اللبنانية وزعيمها” بحسب قول نصر الله.
وبعد رحيل المسيحيين من سوريا والعراق خلال العقدين الماضيين، يجب عدم التعامل مع هذه التصريحات بخفة، كما يقول الكاتب.