نيويورك تايمز: “فيسبوك” وتطبيقاته تعطلت لساعات واكتشف العالم كم تتحكم بكل ملامح حياته
عربي تريند_ كشف تعطل فيسبوك وإنستغرام وواتساب لعدد من الساعات عن تبعية مليارات البشر في معيشتهم على وسائل التواصل الاجتماعي هذه، فقد تعطل عمل أصحاب المصالح التجارية الصغيرة والسياسيين وعمال الإغاثة، لكن البعض رأى في توقف هذه المنصات راحة كما يقول ريموند جونغ في صحيفة “نيويورك تايمز”.
فقد تذوق العالم لخمس ساعات يوم الإثنين طعم الحياة بدون فيسبوك وتطبيقاته، واكتشف الناس في مناطق عدة كيف يحدد فيسبوك وتطبيقاته كل ملامح وجودهم. ففي المكسيك انقطع الساسة عن مناطقهم الانتخابية، وفي البرازيل توقفت الصيدليات عن استقبال الوصفات الطبية. وفي كولومبيا وجدت منظمة غير ربحية تعتمد على واتساب لربط ضحايا العنف القائم على جنس الشخص وتوفير الخدمات التي تنقذ حياتهم نفسها بدون عمل.
وقالت أليكس بريهيل، مديرة العمليات الرقمية في المنظمة “كوساس دي ميجور”: “لأن لدينا فريقا ميدانيا فقد استطعنا تخفيف الكثير من المخاطر التي نتجت عن التعطل اليوم” و “ربما لم يكن هذا الوضع بالنسبة لمئات الخطوط الساخنة حول العالم، وكان اليوم تذكيرا مهما وهو أن التكنولوجيا هي وسائل وليست حلولا”. وأظهر توقف فيسبوك الأثر على الحياة في الكرة الأرضية وكيف أصبحت خدمات الشركة ضرورية للحياة اليومية. ولم يكن فيسبوك، انستغرام، واتساب ومسينجر مجرد أدوات للتشارك في الصور والثرثرات، فهي منصات حيوية لإدارة الأعمال وترتيب الطوارئ الطبية وإدارة الفصول الدراسية الافتراضية والقيام بحملات سياسية والرد على الطوارئ وغير ذلك.
ويقول الكاتب إن عدم الراحة من شركة واحدة تتوسط بالكثير من النشاطات الإنسانية أدى إلى الكثير من التدقيق في فيسبوك. وقدمت الهيئة الفدرالية للتجارة في أمريكا دعوى قضائية تتهم الشركة بالاحتكار ووصفتها بالمحتكرة بعدما سيطرت على انستغرام وواتساب لتقوية موقعها.
وتعرضت الشركة لاتهامات كشفت عنها الموظفة السابقة فرانسيس هوغين والتي كشفت من بين عدة أشياء أن الشركة كانت تعرف عن الدور السيئ الذي يلعبه انستغرام في صور المراهقين وأن الشركة لديها نظامان قانونيان. وأدى الكشف لنقد من المنظمين لعمل شركات كهذه والرأي العام. وستقدم هوغين اليوم الثلاثاء شهادة حول أثر فيسبوك على المستخدمين الصغار. وتركز معظم النقد لفيسبوك على القرارات التي اتخذتها قيادة الشركة أو تلك القرارات التي فشلت باتخاذها وتتعلق بإدارة الشركة وجني الأرباح من المنصات التابعة لها. وهناك مشكلة أخرى للشركة وتتعلق بحجمها لأن الكثير من الناس يتأثرون عندما يحصل عطل فني، مثل الخطأ الذي قالت الشركة إنه كان سبب عطل يوم الإثنين.
وفي بروكسل، مقر الاتحاد الأوروبي حيث يستخدم معظم الموظفين فيه واتساب للتواصل والتشارك في المعلومات، ومن هنا فالعطل الفني أدى لطرح أسئلة حول مضاعفة الرقابة على منصات التكنولوجيا الكبيرة. وكتب ثيري بريتون، المفوض الأوروبي المكلف بصياغة مسودة تتعلق بالتنظيمات التكنولوجية تغريدة على تويتر “يستحق الأوروبيون تصميما رقميا أفضل عبر التنظيمات وتنافسا عادلا وربطا قويا وأمنا إلكترونيا”.
وعلى مستوى العالم استخدم 2.76 مليار شخص منتج فيسبوك في يوم واحد بحزيران/يونيو، وذلك حسب إحصائيات الشركة. وتم تحميل واتساب الذي اشترته الشركة في 2014 حوالي 6 مليارات شخص منذ ذلك العام، حسب تقديرات شركة البيانات سينور تاور. وتمثل الهند ربع هذه الأرقام والربع الثاني من دول أمريكا اللاتينية، حسب سينور تاور، وفقط 4% أو 238 مليون شخص هم من الولايات المتحدة.
وفي أمريكا اللاتينية يمكن أن يكون فيسبوك شريان الحياة في المناطق الريفية التي لم تصل إليها الهواتف النقالة، لكن الإنترنت متوفرة، وفي المناطق الفقيرة التي لا يستطيع فيها السكان الحصول على الهواتف النقالة لكنهم يحصلون على ربط مجاني بالإنترنت. وتدير منظمة “كوساس دي ميجور” في كولومبيا مئات الاتصالات شهريا مع نساء كولومبيات ومهاجرات من فنزويلا يواجهن العنف المنزلي أو في خطر الوقوع ضحية لشبكات الدعارة والاتجار بالبشر. وقالت بيريهيل “واتساب وسيلة مهمة جدا لخدمتنا” و “في العادة لدينا خدمات هاتفية تتلقى رسائل من النساء عبر واتساب ولكن هذا غير ممكن ولا يمكن للنساء التواصل معنا”. وتستخدم ماريا إيلينا ديفاس، 51 عاما واتساب لتلقي طلبات توفير وجبات سريعة مثل إيمبانداس. وقالت “لم أبع شيئا اليوم، وكان يوما صعبا على الجميع مثلي”. وفي مناطق أخرى قال الناس إن اختفاء فيسبوك وتطبيقاته عرقل عملهم لكنه أزاح مصدرا لحرف الانتباه والصوت وجعلهم يشعرون بالراحة والإنتاجية أكثر.
وشعر جيمس تشامبرز بالفزع بداية في “تشي أنجيلا” المخبز الذي يملكه مع زوجته في براندون بمانيتوبا، كندا. وعادة ما يضعان منشورات يومية على انستغرام لجذب الزبائن. وفي مجتمع يبلغ عدد سكانه 45.000 نسمة يصل عدد المتابعين لصفحة المخبز إلى 14.000 شخص. وكتبا على تويتر “توقف فيسبوك لكن مخابزنا ساخنة”، وأرفقا المنشور بفيديو من 10 ثوان يصور معجنات بنية. لكن توقف يوم الإثنين اقترح لتشامبرز أن فيسبوك ليس مهما بالقدر الذي يعتقده “مع مرور الوقت جاءنا الكثير من الناس وقالوا إنهم شعروا بالراحة للتوقف” و “كان أكثر أيامهم إنتاجية ومن وقت طويل وأغلقنا المحل بمبيعات أعلى من العادي بنسبة 30%”. وفي صيدلية دروغاسميل في ريو دي جانيرو حاول لوران باربسوا تجديد واتساب عدة مرات لكنه اكتشف أن يومه كان هادئا ومنتجا وقال “يظهر هذا أنه يمكننا العيش بدون تكنولوجيا”.
وأظهرت دراسة مسحية أنه تم تحميل واتساب على كل هاتف ذكي في البلاد، ويقوم كل شخص بفحص حسابه كل ساعة تقريبا. ويتم استخدام “زاب” كما يعرف واتساب في البرازيل في تلقي الطلبات بالمطاعم وترتب من خلاله المحلات التجارية التوصيلات ويستخدمه الأطباء وأصحاب صالونات التجميل والمنظفون لحجز المواعيد.
وأصبح التطبيق مهما وقت الوباء للمدرسين والمشرفين للتواصل مع التلاميذ في المناطق البعيدة. وأصبح أداة مهمة لنشر المعلومات المضللة. وفي كل أنحاء أمريكا اللاتينية يعتمد الباعة المتجولون والاقتصاد غير الرسمي على منصات فيسبوك لتسويق منتجاتهم. ويعمل حساب الواتساب كخطوط ساخنة للزبائن. وقالت اليزابيث موتسيلو، بائعة الكعك في مكسيكو سيتي إن أمرا غريبا حدث يوم الإثنين، فقد بدأ هاتفها يرن بالطلبات وأجبرت على التحدث بدون الاعتماد على الرسائل النصية. وكان “يوما جنونيا” و “لم يعد أحد يتحدث بالهاتف”.
وقبل عقد كان الزبائن يأتون لمحل موتسيلو برسم أو صورة مقتطعة من مجلة لكي تصنع كعكا مماثلا. ومن النادر اليوم أن تلتقي بزبائنها، فهم يرسلون صور الكعك الذين يريدون منها تصميمه عبر واتساب. ويرسلون الثمن عبر التطبيقات المصرفية. وعندما ينتهي عملها تطلب سيارة أوبر لكي تأخذ الكعك. و “لم يعد للكثير من زبائني عناوين إلكترونية إلا إذا كانوا يعملون في شركات” و “كله عبر واتساب”. وفي المكسيك لم تعد الصحف المحلية قادرة على طباعة نسخ ورقية ولهذا تنشر طبعات منها على فيسبوك، بشكل لم يعد لدى الحكومة صحف ورقية لكي تعلن من خلالها، وقررت فعل نفس الأمر.