المغرب العربي

هل تقف أجندات إقليمية وراء توتير العلاقة بين تونس وليبيا؟

عربي تريند_ تشهد العلاقات بين تونس وليبيا في الفترة الأخيرة توتراً واضحاً، واتهامات وتصريحات من كلا الجانبين في علاقة بموضوع الإرهاب، بالإضافة إلى استمرار غلق الحدود البرية بين البلدين.

ويأتي هذا التوتر عقب تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، الجمعة الماضي، والتي قال فيها إن دول جوار صدرت الإرهاب إلى ليبيا، مضيفاً أن تونس إذا كانت تريد فعلاً بناء علاقات حقيقية وصادقة مع ليبيا فلا بد من احترام دول الجوار.

وعبّر وزير الشؤون الخارجية التونسي عثمان الجرندي، أمس الإثنين، عن استغراب بلاده لتصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، مشدداً على رفض تونس لهذه الاتهامات.

وقال الجرندي، خلال لقاء جمعه بنظيرته الليبية، نجلاء المنقوش، أمس الإثنين، على هامش أعمال الاجتماع الوزاري التشاوري لدول الجوار الليبي الذي تحتضنه الجزائر، إن أمن واستقرار ليبيا من أمن واستقرار تونس، ومذكراً، كذلك، بأن تونس مستهدفة بدورها بالإرهاب ولا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال قاعدة لتصديره أو مصدراً لتسلل الجماعات الإرهابية إلى ليبيا.

كما أشار عثمان الجرندي، إلى أن هذه التصريحات مجانبة للحقيقة، لا سيما في هذا الوقت بالذات الذي تعمل فيه تونس جاهدة للإسهام الناجع في استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا وفي دول المنطقة، وهي كذلك الصوت المدافع عن ليبيا في المحافل الإقليمية والدولية وخاصة في مجلس الأمن.

وبحسب المختص بالشأن الليبي، مهدي ثابت، فإن “هناك أطرافاً في ليبيا وتونس لديها ارتباطات مع محور الشرق، وتحديداً الجانب المصري – الإماراتي، وقد استغلت هذه الأطراف أحداث 25 يوليو لتوتير العلاقات التونسية – الليبية خدمة لأجندات إقليمية”.

وأكد في تصريح لـ”العربي الجديد” أن هذه الأطراف “معروفة بدورها، وأنها حاولت من خلال منابر إعلامية رسمية بث الإشاعات وإثارة موضوع الإرهاب لتوتير العلاقات”.

وأكد ثابت أن “إثارة هذا الملف بالذات لم تتم من قبل مصادر رسمية تونسية ولا ليبية، ولم تكن هناك ردود رسمية من الدولة التونسية في البداية وهو ما أثار حفيظة الأطراف الليبية”، مؤكداً أن “هناك استياء في ليبيا من التصريحات المجانبة للحقيقة والتي تم فيها التحذير من تسلل إرهابيين إلى تونس”.

وأشار ثابت إلى أن “الحدود التونسية الليبية محروسة بدقة عالية، وهناك طائرات مسيّرة تحرس الحدود من الجانب الليبي ولا يمكن لأي جهة أن تتسرب إلى تونس”.

وأضاف ثابت أن “هناك تنسيقاً أمنياً كبيراً في هذا المجال بين الجانبين، وأن سبب الأزمة هو الصمت التونسي وعدم إدانة هذه التسريبات، وهو ما أزعج رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الرحمن الدبيبة”.

ولاحظ ثابت أنه “خلال لقاء أمس المنعقد بالجزائر والخاص بدول الجوار، كان هناك توجه نحو التهدئة، إذ صرح الدبيبة مجدداً على تويتر أن العلاقات التونسية الليبية متميزة، وتونس وليبيا شعب واحد في بلدين، وأن لا شيء سيؤثر على العلاقات التونسية الليبية وهي خطوة إيجابية قد تعيد العلاقات إلى ما كانت عليه سابقا”، مبيناً أن “تونس صرحت أيضاً بأن لا خطر آتٍ من ليبيا”.

وبيّن المتحدث أنه “كان على الأطراف التونسية التنديد بالأطراف التي تعمل على توتير العلاقات وتتم محاسبتها قانوناً لأن المسألة لها علاقة بالأمن القومي، ووراءها أجندات خطيرة قد تتجاوز تونس وليبيا نحو إدخال الإقليم في فوضى، وعلى تونس أن تعلن في موقف رسمي غياب أي تهديدات متأتية من ليبيا”، مؤكداً أن “كلا البلدين في أمسّ الحاجة لبعضهما البعض خاصة من الناحية الأمنية والاقتصادية”.

من جهته، قال الباحث في الشأن الليبي خليفة حداد، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “العلاقات بين تونس وليبيا تمر بفترة غير مسبوقة من التوتر مع تواصل غلق الحدود، رغم تصريح السلطات التونسية بأن الأمر في علاقة بجائحة كورونا، ولكن الثابت أن هناك مسائل أخرى”، مضيفاً أن “تصريحات الدبيبة كانت واضحة جداً وتعبر على عدم رضا عمّا يقال في تونس من تصريحات رغم أنها غير رسمية”.

وأشار إلى أن “وزير الخارجية التونسي صرح أمس بأن بلاده وليبيا تتعاونان في المجال الأمني، ويوجد تبادل للمعلومات. وبالتالي، هناك أطراف غير رسمية في تونس مرتبطة بأطراف سياسية تهدف إلى توتير العلاقات مع ليبيا وهو ما قاد إلى الرد الحاد من قبل الدبيبة”.

وبيّن المتحدث أن “هذا التوتر ليس الأول، فقد عرفت العلاقات التونسية الليبية في 2011 توترا في العلاقات، وإغلاقا متكررا للمعابر الحدودية، إلا أن هناك مصالح من الجانبين وهذا التوتر لن يستمر طويلا، وستتم التهدئة رغم بعض المحاولات لتوتير العلاقات من قبل أشباه الإعلاميين، وممن يسوقون لمعلومات خطيرة وغير صحيحة كالادعاء أن قاعدة عقبة بن نافع في الوطية بليبيا تضم آلاف الإرهابيين، في حين أن هذه القاعدة تحت إشراف قوات الأفريكوم الأميركية والليبية ولا يمكن بأي حال أن تضم هذا العدد من الإرهابيين”.

ويرى وزير الخارجية التونسي السابق أحمد ونيس، أن “هناك استياء واضحا من الحكومة الليبية بعد إثارة ملف الإرهابيين وملف محاولة اغتيال الرئيس التونسي قيس سعيد واتهام أطراف ليبية، إذ لم يكن هناك رضا عن إعلان هذه الأخبار للعموم وعلناً، إلى جانب الإبقاء على غلق الحدود”، مبينا أنه “رغم تصريح الدبيبة وإعلان تحفظاته إلا أنه من الواضح أنه لا ينوي الذهاب بعيدا”.

وأشار ونيس إلى أن “ما أغضب الدبيبة والمسؤولين الليبيين، هو الاتهامات التي تشير إلى أن حكومة الوحدة الوطنية لا تتحكم في أراضيها كما ينبغي، وهذا ما يفسر الإسراع في قدوم وفود ليبية عالية المستوى، أي وزيري الداخلية والخارجية إلى تونس، ومحاولة توضيح بعض المسائل، ولكنهما لم يجدا رداً مطمئنا، وهو ما أدى إلى هذا الغضب، ولكنه يظل سحابة صيف عابرة لن تدوم مطولا”.

وأضاف: “هناك أجندات إقليمية لإفساد العلاقات الثنائية، ولكن تونس قادرة على التصدي لها وسياستها تقوم على عدم الدخول في سياسة المحاور”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى