“قصاصو الأثر”.. رهان الاحتلال للإمساك بالأسيرين الهاربين من “جلبوع”
عربي تريند_ يمتلك جيش الاحتلال الإسرائيلي أحدث الأسلحة ويستخدم في عملياته في المناطق الفلسطينية المحتلة تقنيات عالية وتكنولوجيا عسكرية متقدمة ما يجعله الأفضل في المنطقة، لكن هذا الجيش الاحتلالي لا يهمل الجانب البشري في عمله وتحديدا في عمليات المطاردة والتعقب وملاحقة النشطاء والهاربين والمقاومين الفلسطينيين.
وأحد أبرز وحدات الجيش الإسرائيلي التي تعمل منذ زمن طويل تحمل اسم “وحدة قصاصي الأثر” (التي يطلق عليها ملوك الأرض) التي تعتبر وحدة من الكتيبة الصحراوية بالجيش الإسرائيلي وتضم بين صفوفها مقتفي الأثر من البدو.
على طول المنطقة الواقعة ما بين بلدة فقوعة شمال مدينة جنين وصولا إلى بلدة عانين غرب جنين تستمر فرق عسكرية إسرائيلية بالتحرك على جانبي الخط الأخضر الذي يفصل الضفة الغربية عن مناطق فلسطين المحتلة عام 1948 عن أسيرين متبقيين من ضمن 6 أسرى انتزعوا حريتهم قبل نحو أسبوع من سجن جلبوع وهما أيهم فؤاد نايف كممجي (35 عاما) ومناضل يعقوب عبد الجبار نفيعات (32 عاما).
إحدى الفرق التي تمارس دورا رئيسيا في عمليات البحث عن الأسيرين هي وحدة “قصاصي الأثر” التي تحمل اسم “مرعول” والتي تسرب أنها كانت سبباً في إعادة اعتقال الأسيرين زكريا الزبيدي ومحمد عارضة اللذين كانا في منطقة “أم البقر” في منطقة مرج ابن عامر وذك بعد ساعات من القبض على الأسيرين محمود العارضة ويعقوب قادري.
أحد الأسرى في جنين!
ذكر تقرير أورده الموقع الإلكتروني لصحيفة “هآرتس” أن قوات الاحتلال حصلت على توثيق “يظهر شخصا يشبه أحد الأسيرين (لم تحدد هويته) يعبر الخط الأخضر من خلال فتحة في السياج بالقرب من قرية الجلمة شمالي الضفة الغربية” يستخدمها العمال الفلسطينيون للعبور إلى مناطق الـ48.
وتشير تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية، بحسب “هآرتس”، إلى أن أحد الأسيرين تمكن من الوصول إلى جنين وأنه يختبئ هناك، وأن عملية إعادة اعتقاله ستتطلب اقتحام قوات الاحتلال لمدينة جنين، الأمر الذي من المتوقع أن يؤدي إلى وقوع اشتباكات مسلحة.
ووفقا للتقرير فإن عمليات البحث الإسرائيلية عن الأسيرين تتركز في جنين وفي منطقة مرج ابن عامر، وتحديدا في المنطقة المحاذية للخط الأخضر باتجاه الداخل المحتل الواقعة بين قرية تل العدس المهجرة الواقعة شمال العفولة وقرية إكسال جنوب شرق مدينة الناصرة.
والتقط نشطاء فلسطينيون ومصورون صحافيون صورا أمس وأمس الأول لهذه الفرقة في مناطق قريبة من بلدة يعبد التي ينتمي إليها الأسير الهارب انفيعات. كما أبلغ شهود عيان أن قوات الاحتلال تواصل حملات تمشيط وتفتيش واسعة في القرى والبلدات الواقعة بمحاذاة جدار الفصل في محافظة جنين بحثا عن الأسيرين حيث نشرت فرق مشاة بين كروم الزيتون في قرى: أم دار، وطورة، والطرم، وأطراف بلدة يعبد وسهل كفيرت، والطيبة، وشنت حملات تمشيط وتفتيش واسعة، كما شنت قوات الاحتلال حملات تمشيط واسعة بمحاذاة جدار الفصل المقام فوق أراضي قرية فقوعة شرق جنين.
وبحسب صحيفة هآرتس فإن قوات الاحتلال استدعت 40 عنصرا من وحدة “قصاصي الأثر” لتعقب الأسير الفلسطيني.
بدايات الكتيبة
وتشير المعلومات التي غالبا ما يكون مصدرها الجيش الإسرائيلي إلى أن هذه الكتيبة هي أول كتيبة تدخل الميدان العسكري، من أجل تنفيذ مهام الاستطلاع والمسح والبحث عن كمائن أو أنفاق ومن ثم يتبعها بقية الكتائب.
وبحسب المعلومات المتوفرة فإن الكتيبة الصحراوية، التي يغلب عليها الجنود البدو، تتألف من مئات من الجنود أقيمت عام 1970 وصاحب فكرة تأسيسها هو “عاموس يركوني” وهو ليس يهودياً بل بدوي اسمه الأصلي “عبد المجيد خضر المزاريب”. أما الشخص الثاني الذي تعتبره أوساط الجيش من مؤسسي هذه الوحدة فهو البدوي “حسين الهيب” الذي شغل منصب “ضابط قصاصي الأثر” في الجيش وحصل على رتبة “عقيد”.
وبالعودة للوراء نجد أن هذه الوحدة شاركت بفعالية في تتبع آثار ثلاثة مستوطنين أسرتهم المقاومة الفلسطينية عام 2014 بالقرب من مدينة الخليل، وتمكنت من العثور على جثثهم وإعادة بناء مسار الاختطاف والأحداث.
وتعمل هذه الوحدة من خلال تقصي الآثار البشرية مثل آثار الأقدام وبقايا الأكل والمشروبات وأعقاب السجائر. ومن ثم تعيد تشكيل المسار الذي يتوقع أن يكون المطاردون سلكوه.
تعمل وحدة “تقصي الأثر” (مرعول) بشكل مكثف في المناطق الحدودية لدولة الاحتلال، وتتعاون مع وحدات مراقبة الميدان في جيش الاحتلال تحسباً لوقوع أي عمليات. يخضع أفراد هذه الوحدة –وأفراد وحدة مراقبة الميدان كذلك- لنوع خاص ومكثف من التدريب لتتبع الآثار التي لا تتعرف عليها عيون الناس العاديين. كما يخضع أفراد هذه الوحدة بحسب بيانات الجيش الإسرائيلي لتدريبات نوعية تهدف إلى تعريفهم بطبيعة الجغرافية والمزايا الجغرافية المختلفة لمناطق فلسطين، فالمناطق في قطاع غزة مختلفة عنها في سهل مرج ابن عامر.
كما يتم تدريبهم على سيناريوهات مختلفة، كمطاردة مقاوم أو كما يقولون “ذئب منفرد” (منفذ عمليات)، أو التعامل مع سيناريو أكثر تعقيداً، مثل اقتحام عدد من المقاومين لحدود إسرائيل دفعة واحدة.
وتنشط هذه الوحدة في قطاع غزة مثلما تنشط هذه الأيام بحثا عن الأسيرين الفلسطينيين، فكل عملية ميدانية في قطاع غزة تتطلب أن يسبقها فحص ميداني من قبل أفراد في وحدة القصاصين وذلك لفحص وجود أية متفجرات مخفية في المنطقة، أو وجود مقاومين أو وجود أنفاق خفية. أي تغيير في المنطقة يتطلب فحصا ميدانيا من قبل القصاصين. أحياناً يتم إرسالهم للميدان فقط لتقفي آثار أقدام المقاومين المتسللين إلى داخل حدود دولة الاحتلال. لهذا يعتبر وجودهم ضرورياً في أية وحدات ميدانية.
ويعتمد القصاص على حواسه التي يتم شحذها وتدريبها، ولا يمكن الاستغناء عن هذه الحواس حتى بوجود أحدث الأسلحة، حيث يقوم عملهم بشكل أساسي على حاستي البصر والشمّ اللتين يتم تطوريهما وتمرينهما.
وتعتبر مهنة تقصي الأثر مهنة يكتسبها الإنسان منذ الطفولة، ويتقنها رعاة الغنم الذين ساروا على أثر ماعزهم وعرفوا المنطقة جيداً وهو السبب الذي يمنح تفسيرا لكون أغلب أفراد الوحدة من فئة البدو.
ويمكن للقصاص معرفة كثير من المعلومات عند رؤيته الأثر، مثل: عمر الآثار، وطبيعة الشخص وحجمه، وماذا يحمل، وإلى أي مسار اتجه.
وبحسب الجيش الإسرائيلي فقد بدأت الكتيبة وحدة صغيرة من جنود البدو المحاربين لشغل مهام الاستطلاع والكشف عن الأثر والمراقبة على حدود القطاع، ومع مرور الوقت زاد عدد المنتمين لها وتم دمج وحدة من الجيش لها ليصبح فيها خلط ما بين غير البدو والبدو والمسيحيين. ودار حديث في الأوساط الأمنية الإسرائيلية خلال الفترة الماضية حول مدى أهميتها وطرحت تصورات للعمل على تقليص عدد منتسبيها مقابل زيادة كفاءة الأنظمة الاستخبارية.
وبحسب موسوعة ويكيبيديا فإن مهام الكتيبة تتركز في تمشيط الحدود مع قطاع غزة، وتقصي الأثر على الشريط الحدودي، ومكافحة الاختطاف ومنع أي عملية أسر للجنود الإسرائيليين بأي ثمن، ومراقبة مناطق سكن الفلسطينيين المحاذية للحدود، وتنفيذ عمليات خاصة سريعة بالقرب من حدود قطاع غزة، والقتال في المناطق المأهولة بالسكان، ومكافحة الأنفاق الحدودية التي تجتاز السلك الفاصل، وحماية المعابر.
دور الكتيبة على المحك
ومما يلحظ عند متابعة ما ينشر عن هذه الوحدة يجد المدقق أن الجيش الإسرائيلي يحاول إضفاء هالة كبيرة على عمل هذه الوحدة حيث يمكن لمتصفح شبكة الإنترنت أن يجد عشرات الفيديوهات والموضوعات الصحافية والدعائية عن هذه الوحدة التي لا تزال تعمل في منطقة جنين على تتبع آثار أسيرين فلسطينيين.
وستكون مهمة اقتفاء أثر الأسيرين كممجي وانفيعات بمثابة المهمة الخاصة بالنسبة لهذه الكتيبة في ظل أهمية الحدث ودلالاته وأهميته بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي الذي يصر على تقديم نفسه بالطرف الذي لا يقهر ولا يمكن تحطيمه حتى في عز الأحداث التي تثبت ضعفه وهشاشة الأمن الذي حوله الاحتلال إلى أسطورة.
تفتيش واعتقال واشتباكات
وتقوم قوات الاحتلال بشن حملة تفتيش ومداهمات بشكل يومي تطال عائلات أسرى “نفق الحرية” كان آخرها مداهمات لأقارب الأسير أيهم كممجي حيث اقتحمت قوات الاحتلال بلدة كفردان بجنين وداهمت منزل الأسير كممجي وحقق الضباط ميدانيا مع عائلته، واعتقلت شقيقه قبل أن تنسحب من المنطقة.
وقالت مصادر محلية إن أعدادا كبيرة من جنود الاحتلال داهموا بلدة اليامون واعتقلوا الشاب قيصر كممجي ابن عم الأسير المحرر أيهم وفتشوا منزله، كما داهموا منازل مجاورة وفتشوها، وكذلك أطلقوا قنابل الإنارة خلال عمليات تمشيط واسعة في البلدة سيما المنطقة بين اليامون والعرقة.
كما اقتحم جيش الاحتلال بأعداد كبيرة بلدة يعبد بجنين وحاصر منزل مناضل انفيعات أحد الأسرى الذين انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع وقام بعمليات تفتيش فيه.
واندلعت مواجهات في بلدتي اليامون ويعبد وقرية كفردان، مع قوات الاحتلال، التي أطلقت باتجاه الشبان قنابل الصوت والغاز، ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات اختناق.