واشنطن بوست: بعد 20 عاما على هجمات 9/11.. بايدن يواجه معضلة إغلاق معتقل غوانتانامو
عربي تريند_ بعد عشرين عاما على هجمات 11 أيلول/سبتمبر يواجه الرئيس جوزيف بايدن طريقا غير واضح لطي صفحة معتقل غوانتانامو في كوبا.
وقالت ميسي رايان في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” إن الرئيس بايدن يواجه عقبات لتحقيق هدفه وهو إغلاق المعتقل بما في ذلك تشدد في الكونغرس ومحاكم عسكرية تعاني من خلل وظيفي فشلت حتى الآن بإصدار حكم واحد أو حتى محاكمة الرجال المتهمين بالتخطيط وتنفيذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وظهر في هذا الأسبوع خمسة متهمين بالتخطيط لهذه الهجمات بمن فيهم الرجل الذي يوصف بأنه العقل المدبر وهو خالد الشيخ محمد أمام جلسة استماع قبل المحاكمة وهو أول حدث منذ توقف الجلسات بسبب وباء فيروس كورونا الذي أبطأ الإجراءات القانونية البطيئة أصلا.
ويعطي تأخير الإجراءات القضائية وتأخير المحاكمات التي لن تبدأ إلا في عام 2022 على أقل تقدير صورة عن المشاكل والمنعطفات المظلمة التي علمت عمليات المعتقل منذ وصول أول مشتبه بالإرهاب إليه بعد هجمات 9/11. واختفت المنشأة التي تحظى بحماية عالية في القاعدة البحرية في جنوب- شرق كوبا من عناوين الأخبار حيث تناقص عدد سكانها من 700 معتقل إلى 39 شخصا اليوم. ولكن غوانتانامو يظل علامة على إفراط وتجاوزات الولايات المتحدة في المرحلة التي أعقبت الهجمات على نيويورك وواشنطن، بما في ذلك المعاملة الوحشية للمعتقلين المشتبه بارتكابهم جرائم إرهاب واعتقالهم لمدة 20 عاما بدون توجيه تهم لهم.
ويرى البرفسور ميشل باراديس الذي مثل معتقلي غوانتانامو “أصبحت الأمور العملية لإغلاق غوانتانامو أسهل من أي وقت مضى” و”هذا لا يعني أن السياسة أسهل”.
ويقول المسؤولون في إدارة بايدن إنهم يقومون باتخاذ الخطوات لإغلاق المعتقل، مشيرين إلى إعادة معتقل مغربي هذا الصيف. وبعد ثمانية أشهر من تولي بايدن الرئاسة لم تقدم إدارته بعد التفاصيل عن الطريقة التي ستتمكن من خلالها التغلب على المصاعب السياسية والقانونية التي أعاقت جهود رئيس بايدن السابق، باراك أوباما لإغلاق السجن. كما ولم تجب الإدارة على الأسئلة المتعلقة بشأن ما تبقى من سجناء لم توجه إليهم اتهامات ولكن ينظر إليهم كتهديد دائم. وما هي خططها لنقل السجناء وإخراجهم من النظام القضائي العسكري المتكلس. وكيف ستتعامل مع مواقف المحاكم المدنية الأمريكية حالة رفضها قرارات اللجان العسكرية التي أصدرت أحكاما ضدهم. وعلق المتحدث باسم الخارجية نيد براس في تصريحات له يوم الخميس قائلا إن إدارة بايدن تقود مراجعة في “وضع” غوانتانامو و”هي منشأة مكلفة ليس من الناحية المادية بل فيما يتعلق بموقفنا الدولي”.
وترى الكاتبة أن طريقة معالجة إدارة بايدن الهادئة لموضوع غوانتانامو، وهو موضوع لم يشر إليه بايدن إلا لماما، مقارنة مع أوباما، يعطي فكرة عن المقايضات التي ستواجه المسؤولين وهم يحاولون إغلاق هذا الجزء من حقبة ما بعد 9/11 والثمن السياسي والقانوني المترتب على ذلك.
ويرى الجمهوريون بمن فيهم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وجيمس أم إنهوف، العضو البارز في لجنة القوات المسلحة بالمجلس أن إغلاق السجن يعتبر تهديدا على الأمن الأمريكي. ويقول المحامون والمسؤولون السابقون والجماعات المناصرة إن الإدارة لم تظهر بعد أنها تعطي موضوع إغلاق السجن أولوية، كإحياء منصب مبعوث غوانتانامو الخاص الذي ألغاه دونالد ترامب. ويرى النقاد أن إغلاق السجن قد يصبح صعبا على بايدن، وبخاصة حالة خسر الديمقراطيون الغالبية الضيقة التي يتمتعون بها في الكونغرس.
وقال مسؤول سابق عمل على موضوع المعتقل في الإدارة السابقة “لن تحل المشكلة نفسها بنفسها” و”يجب أن يركزوا عليها”. ومن القليل الذي رشح من الإدارة الحالية تركز على محاولات البحث عن مراكز اعتقال جديدة في الخارج. وصادق مجلس مكون من ممثلي عدة وكالات على نقل 10 معتقلين. وقال مسؤول بارز “تخوض إدارة بايدن مناقشات جادة وشاملة وعبر الجهود المشتركة لتخفيض عدد المعتقلين بطريقة مسؤولة وإغلاق معتقل غوانتانامو”. وربما وجدت إدارة بايدن صعوبة في نقل المعتقلين بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان وأدى بالجمهوريين لاتهام الرئيس بأنه خطر على الأمن القومي.
فقد تم تعيين أربعة من خمسة معتقلين أفرج عنهم في عملية تبادل عام 2014 مقابل أمريكي اعتقله المتشددون في أفغانستان في مناصب بارزة في حكومة تصريف الأعمال التي أعلنت عنها طالبان. ومن بينهم مسؤول وصفته الأمم المتحدة بأنه مسؤول عن جرائم ضد جماعات أقلية في أفغانستان وهو الآن في منصب أمني رفيع.
ويقول المسؤولون إنهم يحاولون استكشاف كل السبل القانونية للتعامل مع ما تبقى من سجناء يمثلون كما يقولون حالات صعبة، وقد لا يحصلون على موافقة من المجلس الرسمي الموكل بعمليات النقل.
ويرى بعض المدافعين ضرورة بحث الحكومة عن بلد لكي يستقبلهم ويشرف على رقابتهم الأمنية.
وعلى خلاف إدارة أوباما لم يظهر المسؤولون في إدارة بايدن اهتماما بفكرة نقل المعتقلين إلى معتقلات عسكرية أو أمنية في داخل الولايات المتحدة ومواجهة جلسات استماع قبل المحاكمة أو بعدها. وخطوة كهذه تحتاج إلى تغيير القوانين التي تم تمريرها ردا على حملة أوباما لإغلاق المعتقل وتمنع الفرع التنفيذي من إنفاق المال على نقل السجناء إلى داخل الولايات المتحدة أو أماكن أجنبية غير مستقرة كاليمن.
ويقول كليف سولان الذي عمل مبعوثا خاصا لإغلاق معتقل غوانتانامو في عهد أوباما إن إدارة بايدن بحاجة لمنصب مماثل يقوم فيه المسؤول المعين بتنسيق النقاشات بين أجهزة الحكومة المختلفة والمسؤولين البارزين في الخارج. ولم يتم تخصيص شخص في مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية المسؤول عن صفقات النقل وبشكل استثنائي لغوانتانامو. وتقول الخارجية إنها تتفاوض على عدة عمليات نقل. ويرى سولان أنه “من الضروري وجود شخص يركز على هذا 24 ساعة في اليوم”.
وتقول هينا شمسي، مديرة برنامج الأمن القومي في اتحاد الحريات المدنية الأمريكي إن فشل الحكومات الأمريكية المتعاقبة في إغلاق سجن غوانتانامو هو “عار”. وقالت “من الضروري والممكن أن تقوم إدارة بايدن وبطريقة مسؤولة بإنهاء الاعتقالات العسكرية الدائمة والمحاكمات الجائرة من أجل إغلاق غوانتانامو”.
ولعل من المشاكل العويصة التي تواجه الإدارة أكثر من نقل السجناء هي المحاكمات العسكرية التي أدت في السنوات الماضية لإدانات، لكن تم إلغاؤها عند الاستئناف، وهذه واحدة من المشاكل التي ميزت المحاكم الخاصة ومنذ البداية. وتشير الصحيفة أن المتطلبات الأمنية التعسفية والإرث السام لعمليات التحقيق التي شملت على أسلوب الإيهام بالغرق وإدخال السوائل من فتحة الشرج، أدى بمحامي الدفاع خوض معركة للحصول على الأدلة البسيطة والخوف الدائم من التنصت على محاوراتهم مع موكليهم. كما وأن استقالة عدد من المسؤولين والقضاة أدت إلى إبطاء الإجراءات القضائية. وفي عام 2019 رفضت محكمة فدرالية ثلاث سنوات من الإجراءات القضائية في حالة رجل سعودي متهم بالتفجير القاتل عام 2000 والذي استهدف المدمرة يو أس أس كول وذلك بسبب تضارب المصالح لدى القاضي المسؤول عن القضية.
كما أن بعد المعسكر جعل من لقاء المحامين مع موكليهم معتمدا على الرحلات العسكرية القليلة التي تسافر إلى القاعدة. وزادت العقبات بعد اندلاع وباء كورونا، حيث طلب من الزوار والمحامين بالحجر مدة أسبوعين بعد وصولهم للقاعدة. وهناك كلفة إدارة المعسكر والمحكمة التي تصل إلى 230 مليون دولار سنويا، هذا رغم عدد السجناء القليل. ولأن أكبر معتقل في السبعينات من عمره، فهناك منظور تزداد فيه مطالب السجناء الصحية مع كبرهم بالعمر، وهذا فوق مقدرات القاعدة. وتتقاطع هذه الأمور مع حالة المتهمين بالتآمر في 9/11 حيث لم تقل إدارة بايدن مثل أوباما إنها ستنقل محاكماتهم إلى المحاكم الفدرالية التي أدانت المئات ممن اشتبه بتورطهم بالإرهاب منذ هجمات 2001.
كما ولم تقل الإدارة إنها ستسجن الرجال بعد إدانات وانتهاء صلاحيات اللجنة العسكرية وإغلاق المعتقل. ودعا البعض إدارة بايدن للتفكير بتغيير طرق المحاكمة بما في ذلك الدخول باتفاق مع المحكمة والاعتراف بالجرم بطريقة تحسب فيها سنواتهم بالمعتقل. وهناك حالة ماجد خان، المتوقع الإفراج عنه في العام المقبل كجزء من صفقة تطلبت تعاونه وأوقفت الإجراءات القانونية التي كانت ستكشف عن سوء معاملته على يد سي أي إيه. ولم تكشف اللجنة العسكرية عن موعد نهاية محاكمته مشيرة إلى صعوبة القضية. لكن محاميه ويلز ديكسون من مركز الحقوق الدستورية يرى كغيره أن اللجان العسكرية عاجزة وعصية على الإصلاح. وقال “لو كنت تعتقد أن اللجان العسكرية أنشئت لتحقيق العدالة للهجمات الإرهابية مثل 9/11 فإنها فشلت بالمطلق” و”لو كانت اللجان العسكرية قد أنشئت لمنح مظهر إجراءات قانونية وتحافظ على الوضع الراهن فإنها نجحت بشكل كبير”.