أوبزيرفر: لم تتغير طالبان.. الشعب الأفغاني هو الذي تغير
عربي تريند_ نشرت صحيفة “أوبزيرفر” افتتاحية قالت فيها إن حركة طالبان التي باتت تحكم أفغانستان اليوم لم تغير من طرائقها وأساليبها لكن سكان البلاد الذين تريد إخضاعهم لن يستسلموا لها بدون مقاومة. وقالت الصحيفة إن طالبان أساءت تقديرها للناس العاديين، مشيرة إلى أن الصحافة البريطانية اليمينية والمعلقين فيها احتفوا بسقوط كابول في عام 2001 على أنه شيء يشبه الثأر للإمبراطورية البريطانية الفيكتورية، فقد أطاحت قوات التحالف الشمالي المدعومة بالغارات الأمريكية والبريطانية بحكم طالبان وبعد شهرين من هجمات 11 أيلول/سبتمبر على الولايات المتحدة.
وبعد عشرين عاما سقطت كابول مرة أخرى، بشكل أعاد وضع ذلك الانتصار الشوفيني السخيف في إطاره الصحيح. فلم يكن انتصار الغرب وفي أحسن حالاته إلا انتصارا مؤقتا وكان وهما في أسوأ حالاته. ورغم المقاصد الحسنة والتباهي بالتحول إلى أفغانستان لصورة عن الغرب، فقد عادت طالبان من جديد والوضع أسوأ من عام 2001. والسؤال: هل تغيرت طالبان؟ وهو سؤال على شفة كل واحد. وفي جزء منه فهو تعلل بالأماني، فلو أصلح الإسلاميون طرقهم ووجدوا حكمة وهم بعيدين عن الحكم في البرية، فلربما خفف هذا من لسعة الهزيمة على الحلفاء المهزومين. لكن الأدلة تقترح أن العكس هو الصحيح، فقادة طالبان لا يزالون متمسكين بالأفكار القمعية، وما تغير هو أن لديهم آلة علاقات عامة أفضل.
وأشارت الصحيفة إلى تقرير أعدته مراسلتها في قندهار والذي قدمت فيه صورة مثيرة للقلق عن عمليات تفتيش البيوت والاعتقالات والقتل الانتقامي والضرب ومصادرة الممتلكات والتحرش الجنسي والاستفزاز والسرقة التي يقوم بها جنود حركة طالبان وليس بيد القادة الحيلة للسيطرة عليهم. وقالت إن حكومة تصريف الأعمال التي أعلن عنها الأسبوع الماضي هي تشكيلة من الرجال وكلهم من غالبية البشتون والحرس المتشدد المرتبط بنظام 1996- 2001. وفيها عدد من المسؤولين الذين وضعتهم الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب، فسراج الدين حقاني، وزير الداخلية على قائمة المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) الذي رصد 5 ملايين دولار لمن يقتله.
وعين نجل مؤسس طالبان محمد ملا عمر، وزيرا للدفاع. ولم يتم تعيين النساء أو أي من أبناء الأقليات غير البشتونية مثل الطاجيك والهزارا في مناصب حكومية. وألغيت وزارة المرأة وأعيد إنشاء وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وخسرت النساء العاملات في القطاع المدني أعمالهن والنساء المعيلات للعائلة أطفالهن. ولم يعد للمرأة حق المشي في الشارع لوحدها أو ممارسة الرياضة. وتم خنق حرية التعبير والصحافة التي تعد من أهم إنجازات العقدين الماضيين، وتم ضرب الصحافيين الذين حاولوا ممارسة عملهم، وربما لن يجد الموسيقيون مكانة في أفغانستان طالبان.
ومن هنا فالجواب على سؤال “هل تغيرت حركة طالبان؟” واضح، وربما كان السؤال الخطأ، ففي الوقت الذي يجر فيه الإسلاميون البلد إلى الحضيض، فالسؤال الأهم هو: هل تغيرت أفغانستان؟ فحوادث الشجاعة الفردية والتظاهرات التي تحدت طالبان تقدم صورة عن تغير المزاج الذي لم يكن موجودا قبل 2001، وتكشف عن رغبة بالمقاومة. ويعرف الأفغان، وبخاصة الشباب حقوقهم. وهم يعرفون معنى الحرية ولديهم توقعات بشأن التعليم والمسيرة العملية والعناية الصحية والسفر واقتصاد حديث مرتبط تعمل فيه البنوك بفعالية ومهنية والعملة تحتفظ بقيمتها وتتوفر المواد الغذائية في المحلات. وهم يتوقعون مساعدة من الدولة في مكافحة كوفيد-19 والجفاف. وتتعرض هذه المخاطر بحكم طالبان المتعصب العقيم والفاسد والذي تدفعه الصين لمصلحتها الذاتية.
والسؤال هو عن المدة التي ستظل فيها طالبان تستخدم البندقية والسوط لمواجهة الرفض قبل أن تبدأ بفقدان السيطرة على الحكم. وقالت إن تظاهرات شارك فيها الآلاف في كابول ومدن أخرى بعد دعوة المقاومة في وادي بانشير إلى انتفاضة. وتعتقد الصحيفة أن جبهة المقاومة الوطنية الوريث للتحالف الشمالي وبقيادة أحمد مسعود لم تمت رغم تعرضها لضغوط كبيرة ومزاعم طالبان بسحقها، ومن الباكر الحديث عن نهايتها. ولو أخذنا التاريخ دليلا، فقد تشهد أفغانستان ثورة لا يمكن وقفها، وفي هذه المرة ستكون طالبان هي الهدف.
وفي تقريرها أشارت إيما غراهام- هاريسون إلى بروانا التي لم تخرج من بيتها إلا أربع مرات منذ سيطرة طالبان، فلم تعد تفعل كما كانت وهو الذهاب صباحا إلى العمل ومن ثم للدراسة المسائية، فقد أخبرها مديرها بالتوقف عن العمل أما الجامعة فلم تقرر بعد كيف ستفصل النساء عن الرجال في قاعات الدراسة. ورغم ترحيب السكان بالهدوء الذي خيم على المدينة بعد نهاية الحرب إلا أن باروانا تخشى من الخروج مع أنها لم تكن كذلك و”فكرت أنني شخص يستطيع عمل شيء لعائلتي ومساعدة الآخرين، ولا أستطيع الآن مساعدة نفسي” و”تشعر النساء هنا أن كل شيء قد انتهى بالنسبة لهن”.
وقالت إن قادة طالبان الراغبين بمساعدة العالم واعترافه بهم وعدوا باحترام حقوق المرأة وحقوق ضمن إطار الشريعة، كما قال المتحدث باسمهم ذبيح الله مجاهد. ومع مرور الأيام تقترح الإشارات الميدانية شيئا آخر، فطالبان تفكر بنوع من الفصل الجنسي، تعمل من خلاله النساء وتدرس في مجال منفصل تماما عن الرجال الذين يحكمون. ويقول نعمة الله حسن، رئيس بلدية قندهار الجديد إن امرأتين عادتا من فريقه المكون من 1.200 للعمل وإنه مستعد لاستيعاب الكثيرات حين يتم توفير المجال الخاص بهن وتوافق الحكومة المركزية على تحركاته “أنا مستعد لزيادة عدد النساء العاملات ونخطط لإنشاء مكان منفصل ومناخ آمن لهن”.
وفي مجال التعليم والصحة لا تزال النساء في مراكزهن مع أن بعضهن طلب منهن ارتداء البرقع وأمرت أخريات بالتزام بيوتهن “لأسباب أمنية”. وضغطت الصحيفة على المسؤولين في البلد لتحديد موعد عودة النساء إلى أعمالهن ورد المعظم بتجاهل الجواب أو برد غامض “قريبا”. ولكن النساء الأفغانيات متشككات، فقد استخدم نظامهم السابق في التسعينات نفس الأعذار ومنعهن من العمل مدة خمسة أعوام.
وفي مجال التعليم، هناك الكثير من الوعود من القيادة لكن القيود كثيرة أمام النساء. ورغم عودة بعض الجامعات الخاصة بصفوف منفصلة للرجال والنساء إلا أن نقص المدرسات والطالبات قد يؤدي لإغلاق الكثير من الموضوعات أمامهن. فهناك زينب، من قندهار وهي واحدة من طالبتين تدرسان العلوم وأخبرتهما الجامعة أن تدريسهما لوحدهما ليس مجديا اقتصاديا و”أنا حزينة وأشعر بالخيبة”.
وتشعر غولالاي بالفرح لأنها تدرس الطب لأن طالبان سمحت للنساء بدراسة الطب مضيفة “عدد الطالبات ليس كثيرا ولهذا لن نحصل على خبيرات في التعليم وسنحصل على شابات غير متعلمات”. أما الجامعات الحكومية فتقول إنها لم تعد قادرة على التحمل و”طالبان تتحدث عن الفصل ونحن من أكثر الجامعات تأهيلا لعمل هذا لكننا لا نستطيع عمله”، حسب أستاذ من جامعة هيرات، الجامعة التي يدرس فيها عدد كبير من البنات معظمهن تركن الدراسة “في بعض الأقسام التي لا توجد فيها مدرسات على الإطلاق أو بعض المدرسات ولكن بعدد كبير من الطالبات، فكيف سنعمل إن كان علينا تخصيص محاضرات لأقسام النساء وأخرى للرجال”.
وتقول هيذر بار، نائبة مدير حقوق الإنسان في منظمة هيومان رايتس ووتش “من المهم ألا يصفق المجتمع الدولي لو قامت طالبان بالتنازل في مجال تعليم الفتيات في المدارس الابتدائية” و”علينا أن نفتح أعيننا وأن ما يحدث اليوم في أفغانستان هو تراجع كبير عن حقوق المرأة، وعما كانت تعيشه المرأة والبنات قبل شهر. وهي أمر مدمر وغير مقبول وأننا نشاهد حدوثه في القرن 21″.
وتقول الصحيفة إن وعود التغيير والنظرة للمرأة نابعة من المسؤولين السابقين والبراغماتيين الذي شاهدوا عزلة الجماعة قبل 25 عاما وكيف منع عنها الدعم الدولي لكي تمول قطاع الصحة والتعليم والخدمات الحيوية. والرسالة الموجهة لكل قادة الحركة وفي كل مستويات الحكومة “نحن بحاجة إلى المجتمع الدولي لكي يستثمر هنا ويمولنا ولتطوير برامج في البلد ونحن بحاجة لدعمهم” كما قال عمدة قندها