يريدون اغلاق المواقع الاخبارية التي تغرد خارج رغبة الحكومة…صحفيون أردنيون يطالبون بإلغاء تعديلات أنظمة الإعلام
عربي تريند_ “يريدون إغلاق المواقع الإخبارية التي تغرد خارج رغبة الحكومات، بحيث يصبح في الأردن عدد من المواقع الإخبارية تسير تحت إبط الإعلام الرسمي، لا يريدون إعلاما وطنيا يراقب وينتقد أداء السلطات، ويقدم رؤيته لمسيرة الإصلاح، ويكشف مواطن الفساد والخلل في إدارة الدولة”.
هذا ما خلص إليه ناشر موقع سواليف الإخباري الأردني الصحفي أحمد حسن الزعبي تعليقا على تعديلات قوانين الإعلام التي تسعى سلطات بلاده لإقرارها، خاصة فيما يتعلق بنظام رسوم الترخيص للمواقع الإخبارية وإجازة المصنفات المرئية والمسموعة ومراقبتها، ورخص البث، وإعادة البث الإذاعي والتلفزيوني.
ويرى الزعبي في حديث للجزيرة نت أن التعديلات “ستحد من حرية لمواقع الإخبارية المستقلة في التعامل مع الحدث سواء بنقل الخبر أو كتابة المقال”، كما أنها تضاعف الرسوم السنوية 10 مرات، ويتزامن ذلك مع “أزمة مالية تعاني منها المواقع الإخبارية جراء جائحة كورونا وتراجع الإيرادات المالية”، بحسب الزعبي.
وحملت أبرز التعديلات استيفاء رسوم مالية قدرها 500 دينار (700 دولار) عند تجديد رخصة الموقع الإخباري الإلكتروني بدلا من 50 دينارا (70 دولار) حاليا، وفرض رسم مالي قدره 2500 دينار (3500 دولار) عن منح رخص بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية عبر الإنترنت.
بين الفوضى والتضييق
وتكمن الخطورة في التعديلات أيضا -وفق حيث الزعبي- بـ”تضييق هيئة الإعلام على حرية التعبير للناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي ممن يستخدمون خاصة البث المباشر، إما للتعبير عن رأيهم بقضية ما أو لنقل حدث معين أو فعالية”، وذلك من خلال إعادة تعريف البث، بإضافة “البث عبر الإنترنت” وليس البث من خلال الأبراج والمحطات الإذاعية المخصصة، وهي بذلك “تسعى جاهدة للسيطرة على ما يبث على وسائل التواصل الاجتماعي، وإسكات الناشطين”، على حد قوله.
في المقابل، يرى مدير هيئة الإعلام الأردنية طارق أبو الراغب وجود حالة من “الفوضى في عمل المواقع الإخبارية الإلكترونية بحاجة لمعالجة وتنظيم”، إضافة إلى أن التعديلات المقدمة لرئاسة الوزراء “قابلة للبحث والتعديل وليست نهائية”، وفق تصريحات صحفية.
وبين هذا وذاك، يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن التعديلات المقترحة “تؤدي إلى تقويض حرية الرأي والتعبير والنشر، وتفرض مزيدا من الرقابة على العمل الصحفي، وإن سحب الحكومة الأردنية التعديلات المقترحة من موقعها الإلكتروني إجراء غير كاف، ولا يمكن أن يكون بديلا عن إلغائها بشكل نهائي، والابتعاد عن تقييد حرية الإعلام والنشر، وذلك وفق بيان للمرصد.
رفض للتعديلات
وشهدت نقابة الصحفيين حالة من الغضب، ووقف الجسم الصحفي في وجه التعديلات التي قدمتها هيئة الإعلام لرئاسة الوزراء الشهر الماضي للموافقة عليها.
وتداعت المواقع الإخبارية لتشكيل “لجنة تنسيقية” قامت بسلسلة من الخطوات الاحتجاجية، بدأت باعتصام أمام نقابة الصحفيين لرفض التعديلات، وبعاصفة إلكترونية، ولقاءات بين الحكومة وممثلين عن نقابة الصحفيين.
وأمام حالة الرفض الصحفي قررت السلطات سحب التعديلات المعروضة على صفحة ديوان التشريع والرأي، لمزيد من التشاور مع الصحفيين.
وأعلنت نقابة الصحفيين ليلة أمس الثلاثاء “تجاوبا رسميا مع مطالب النقابة ووصول الحوار مع الحكومة إلى مراحل متقدمة جدا”، داعية الصحفيين وخاصة في المواقع الإلكترونية لوقف الاحتجاجات على التعديلات المقترحة نتيجة للحوار الإيجابي، والتفهم الحكومي لمطالب النقابة”، وكان صحفيون يعتزمون تنفيذ وقفة احتجاجية صباح اليوم الأربعاء للمطالبة بإلغاء التعديلات بشكل نهائي.
حبس وغرامة
وكان القائم بأعمال نقابة الصحفيين الأردنيين ينال برماوي قال للجزيرة نت إن النقابة “تفاجأت بنشر التعديلات على أنظمة الإعلام دون التشاور معها”، وهذا بخلاف القوانين السابقة التي كان يتم التشاور مع النقابة حولها.
وتابع أن موقف النقابة “يرفض هذه التعديلات، لأنها ترتب أعباء مالية على المواقع الإخبارية، وتضيق على حرية التعبير”، مؤكدا أن لقاءه الأخير مع وزير الدولة لشؤون الإعلام كان “إيجابيا، وتم سحب التعديلات من على صفحة ديوان التشريع، ولا يوجد قرار رسمي بالعمل بهذه التعديلات”.
ووفق التعديلات، فإنه في حال امتنع موقع إخباري عن الحصول على الترخيص فإن العقوبة هي السجن من سنة إلى 5 سنوات، وغرامة مالية من 25 ألف دينار إلى 50 ألفا في المرة الأولى، وفي حال تكرار استخدام خاصية البث المباشر لصفحة الموقع الإخباري على وسائل التواصل دون الحصول على ترخيص من هيئة الإعلام، فتكون الغرامة 100 ألف دينار.
سلسلة من التضييقات
الرسام الكاريكاتيري والناشط على وسائل التواصل الاجتماعي عمر عدنان العبد اللات اعتبر في التعديلات “تضييقا جديدا يضاف لسلسلة القوانين والأنظمة الضاغطة على حرية الأردنيين في التعبير عن آرائهم في القضايا الوطنية”.
وتابع العبد اللات للجزيرة نت أن “وسائل الإعلام الرسمية لا تعبر عن نبض الشارع، ولا تنقل حقيقة ما يفكر ويعبر عنه الأردنيون”، أمام ذلك استثمر الأردنيون وسائل التواصل للتعبير عن رؤيتهم للأحداث، لكن “هذا الأمر ممنوع في قاموس السلطات، فإما أن تردد ما تقوله السلطات أو تغلق حساباتك، أو أن تعبر عن رأيك ويؤدي بك ذلك للسجن والغرامة”.
ووفق مطالعة قانونية نشرها مركز حماية وحرية الصحفيين، فإن التعديلات المقترحة على الأنظمة المتعلقة بالإعلام تتضمن “مخالفات دستورية وقانونية”، بالإضافة إلى مخالفتها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي صادق عليها الأردن.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي عاصفة إلكترونية لرفض التعديلات، ورد الناشط على تويتر باسل رفايعة على وسم #أنظمةالإعلاممخالفةللدستور قائلا “في غياب حقّك في الكلام، يحضرُ الاستبداد بأقصى توحشه واستهتاره بالحقوق، ويسرق الفسادُ خبزك ومستقبلك وأحلامك، ولا يحق لك حتى أنين الجوعى..#انقذواحريةالتعبير #اسحبواأنظمة_الإعلام”.
الناشط على تويتر عمر العجلوني رد على الوسم ذاته قائلا “وفقا لـ”صحفيون بلا حدود” فإن الأردن يقع في الترتيب 129 في مستوى حرية الصحافة وربما يريدون له اليوم أن يصل إلى الترتيب الأخير عالمياً #أنظمةالاعلاممخالفة_للدستور”.
الناشط على فيسبوك إسلام البطوش كتب على صفحته قائلا “طالبان تتعهد بعدم المساس بحرية التعبير، ومواقع التواصل الاجتماعي، وحكومتنا ومن ورائها هيئة الإعلام تقترح تعديلات على أنظمة الإعلام تقيد حرية التعبير على مواقع التوصل الاجتماعي، متخيلين أنه في مؤشر مراسلون بلا حدود وغيره من المؤشرات الدولية ممكن جدا أن تكون أفغانستان -التي تعيش حربا منذ 20 عاما- متقدمة علينا”.
الناشط والمصور الصحفي فارس خليفة كتب على وسم #انقذواحريةالتعبير على فيسبوك “ودعوا فيسبوك إذا مرت التعديلات المقترحة على أنظمة الإعلام، وصار الناس مجبرين على ترخيص البث عبر الإنترنت.. الأردن سيكون الدولة الأولى في العالم التي تقيد حرية البث عبر الإنترنت”.
الجزيرة