لوموند: ملف الصحراء الغربية الشائك في قلب التوتر الجزائري- المغربي
عربي تريند_ بعد ستة أيام على قرار الجزائر “مراجعة” علاقاتها مع الرباط التي تتهمها بالتورط في الحرائق الفتاكة التي اجتاحت منطقتها الشمالية، أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بسبب ما وصفها بـ”الأعمال العدائية” من قبل المملكة تجاه الجزائر.
صحيفة “لوموند” الفرنسية أشارت إلى ما قاله الوزير الجزائري في مؤتمر صحافي “الجزائر قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب اعتبارا من هذا الثلاثاء”، مبررا ذلك بأن “التاريخ أظهر أن المملكة المغربية لم تتوقف أبدا عن القيام بأعمال عدائية ضد الجزائر”.
وأضاف الوزير أن “البروباغندا والأجهزة الأمنية المغربية تشن حربا دنيئة على الجزائر وشعبها وقادتها من خلال نشر الشائعات ونشر المعلومات الكيدية والتحريضية”، مستنكرا سلوك المغرب الذي “يؤدي إلى الصراع بدلا من الاندماج في المنطقة” المغاربية. وأكد السيد العمامرة أن هذا القرار “لن يؤثر على مواطني البلدين، فالشؤون القنصلية ستعمل بشكل طبيعي”.
بدورها، أعربت وزارة الخارجية المغربية عن أسفها لقرار الجزائر “غير المبرر إطلاقا” رافضة “الذرائع الكاذبة وحتى السخيفة التي تكمن وراءه”. وجاء في بيان الوزارة أن “المغرب يأسف لهذا القرار غير المبرر تماما والمتوقع – في ضوء منطق التصعيد الذي لوحظ في الأسابيع الأخيرة”، متهما الدولة الجزائر بارتكاب “أعمال عدائية”.
وتحت العنوان الفرعي: “ملف الصحراء الغربية الشائكة”، ذكّرت “لوموند” بخطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس في نهاية الشهر الماضي، والذي أعرب فيه عن أسفه لـ”التوترات” مع الجزائر، داعيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى “إعلاء الحكمة” و”العمل بانسجام من أجل تطوير العلاقات” بين البلدين.
وهي علاقات صعبة تقليدياً -توضح الصحيفة الفرنسية- والتي عرفت في الآونة الأخيرة تدهورا كبيرا بسبب ملف الصحراء الغربية الشائك على وجه الخصوص. فقد أدى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل -مقابل اعتراف أمريكي بـ”السيادة” المغربية على هذه الأراضي- إلى تصعيد التوترات مع الجزائر التي نددت بـ”المناورات الخارجية”.
وأشارت “لوموند” إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تم قطعها لأول مرة عندما أنهت الرباط علاقاتها مع الجزائر في 7 مارس/ آذار عام 1976 بعد اعتراف الجزائر بالجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية، التي أعلنها انفصاليو جبهة البوليساريو.
وفي مؤتمره الصحافي، قال رمطان لعمامرة إن “الاستفزاز المغربي بلغ ذروته عندما دعا مندوب مغربي لدى الأمم المتحدة إلى استقلال أبناء منطقة القبايل”. وأضاف “الجزائر أبدت ضبط النفس لكن الصمت المغربي في هذا الصدد يعكس التأييد السياسي لهذا النهج” الذي وصف بأنه “خطير وغير مسؤول”.
وكانت الجزائر العاصمة قد استدعت، في يوليو/ تموز، سفيرها لدى الرباط عقب ما وصفته بـ”انجراف الممثل الدبلوماسي المغربي في نيويورك الذي وزع مذكرة رسمية إلى الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز، يدعم فيها المغرب علنا وصراحة حقًا مزعومًا في تقرير المصير لشعب القبايل”، كما جاء في بيان وزارة الخارجية الجزائرية.
خلال اجتماع لحركة عدم الانحياز، يومي 13 و14 يوليو المنصرم، في نيويورك، مرر مندوب المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، مذكرة قال فيها إن “شعب القبائل الشجاع يستحق أكثر من أي شعب آخر، للتمتع الكامل بحقه في تقرير المصير”. وهو ما يعتبر بمثابة خط أحمر للنظام الجزائري الذي يعارض أي رغبة في الاستقلال في منطقة القبائل الناطقة باللغة البربرية في شمال الجزائر.
وقد قرر المجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس الجزائري، الأربعاء الماضي، “مراجعة” العلاقات مع المغرب متهما إياه بالتورط في الحرائق التي اشتعلت في شمال الجزائر وخلفت 90 قتيلا على الأقل. وجاء في بيان الرئاسة الجزائرية أن “الأعمال العدائية والمتواصلة التي ترتكبها المغرب ضد الجزائر استدعت مراجعة العلاقات وتكثيف المراقبة على الحدود الغربية”. وللإشارة، فقد تم إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب رسميًا منذ 16 أغسطس 1994.
حرائق “إجرامية”
وبحسب الرئيس تبون، فإن معظم هذه الحرائق كانت “إجرامية”- دون أي دليل حتى الآن. وكشف التحقيق أن شبكة إجرامية مصنفة على أنها منظمة إرهابية “تقف وراء الحرائق” بحسب اعتراف أعضائها المعتقلين، بحسب المديرية العامة للأمن الوطني الجزائري.
وعلاوة على الخسائر البشرية والمادية -وأوجه القصور التي ظهرت على السلطات العامة خلال هذه الحرائق- أصيب الجزائريون بصدمة عميقة من جراء عملية قتل وحرق شاب اتهم خطأً بإشعال النار في منطقة القبايل التي دمرتها الحرائق. وتم اعتقال 61 مشتبهاً فيهم منذ مقتل الشاب جمال بن إسماعيل في 11 أغسطس الجاري. واتهم قادة جزائريون حركة تقرير المصير في منطقة القبايل، وهي منظمة مستقلة، بالمسؤولية عن الحرائق والموت المخزي للشاب.
“قرر المجلس الأعلى للأمن (…) تكثيف جهود الأجهزة الأمنية لاعتقال باقي الأفراد المتورطين في الجريمتين، وكذا جميع منتسبي الحركتين الإرهابيتين اللتين تهددان الأمن العام والوطني والوحدة، حتى القضاء التام عليها، وعلى وجه الخصوص MAK، التي تحظى بدعم ومساعدة جهات خارجية، وعلى رأسها المغرب والكيان الصهيوني (إسرائيل)”، بحسب الرئاسة الجزائرية.