مصر: بزنس الجيش يمتد لتأجير ساحات السيارات والمطاعم
عربي تريند_ كشف مصدران مصريان مطلعان في محافظتي القاهرة والجيزة (وسط مصر)، أن محافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال، ومحافظ الجيزة اللواء أحمد راشد، وافقا على منح “الشركة الوطنية لإنشاء وتنمية وإدارة الطرق”؛ إحدى الشركات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة (الجيش)، حق استغلال ساحات انتظار السيارات في شوارع المحافظتين، وذلك بـ”الأمر المباشر” من دون اتباع المزايدات المتعارف عليها للحصول على أفضل العروض من الشركات.
وأضاف المصدران في حديث خاص مع “العربي الجديد”، أن الشركة التابعة للجيش ستتولى تطبيق قانون تنظيم انتظار السيارات في الشوارع رقم 150 لسنة 2020، الهادف إلى تقنين مهنة “السايس” من خلال وضع الحي المختص لافتة توضح إيجار الشركة لأماكن انتظار السيارات، وأسماء “السياس” المسؤولين عن تحصيل الأموال من المواطنين، والذين ستؤجر لهم الشركة هذه الساحات من الباطن على الأرجح.
شركة تابعة للجيش ستتولى تطبيق قانون تنظيم انتظار السيارات في الشوارع رقم 150 لسنة 2020، الهادف إلى تقنين مهنة “السايس”
وتابعا أن المواطن سيدفع رسوماً لصالح “الشركة الوطنية” بواقع 10 جنيهات لانتظار السيارة الملاكي (الدولار = نحو 15.7 جنيهاً)، و20 جنيهاً للسيارة (نصف نقل)، و30 جنيهاً للحافلات الكبيرة، و300 جنيه شهرياً لمبيت السيارة أسفل العقار المقيم فيه، مع منح السائق إيصالاً بالمبلغ عن طريق أحد “السياس”، ووضع حواجز مرورية في مكان الانتظار نظير مبلغ شهري.
وخصصت محافظة الجيزة عدداً من ساحات الانتظار المؤقت في شوارع النيل، ومصر والسودان، والتحرير، والسد العالي، ووزارة الزراعة، وسليمان أباظة، ومصدق، وشهاب، والبطل أحمد عبد العزيز، فيما أعلنت محافظة القاهرة حصر 2883 مكاناً وساحة انتظار في أحياء العاصمة، لتطبيق أحكام قانون انتظار السيارات عليها.
و”الشركة الوطنية” هي نفسها الحاصلة على حق استغلال المئات من المتاجر والمطاعم والكافيهات المنتشرة تحت الجسور الجديدة في مناطق شرق القاهرة، لا سيما في أحياء مدينة نصر ومصر الجديدة والنزهة، وكذلك على امتداد محور 26 يوليو بين مدينة السادس من أكتوبر وطريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، وفي محيط المحطات الجديدة لتموين الوقود على الطرق السريعة، وفق المصدرين.
وأوضحا أن الإيجار الشهري للنقطة المؤجرة في هذه الأماكن يتراوح بين 20 و80 ألف جنيه، مع اختلاف المنطقة والمساحة، في وقت تمارس الشركة التابعة للجيش ضغوطاً لإجبار العديد من المتاجر والمطاعم المعروفة على افتتاح أفرع لها تحت الجسور الجديدة، وفي مقدمتها سلسلة محال “أولاد رجب” و”سيركل ك” ومطاعم “ماكدونالدز” و”بازوكا” و”زاكس فرايد تشيكن” و”بافلو برجر”.
في السياق نفسه، أعلنت وزارة التنمية المحلية بدء إجراءات تطبيق قانون انتظار السيارات، من حيث فتح باب التقديم لمزاولة العمل بمهنة “سايس”، وطرح الساحات وأماكن الانتظار أمام الشركات والأشخاص الراغبين في استغلالها، مشيرة إلى تشكيل لجنة بكل محافظة لتخصيص أماكن الانتظار، بالتنسيق مع الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية، بدعوى الحد من العشوائية، ومنع استغلال المواطنين.
تمارس شركة تابعة للجيش ضغوطاً لإجبار العديد من المتاجر والمطاعم المعروفة على افتتاح أفرع لها تحت الجسور الجديدة
وأجاز القانون للمحافظ طرح حق الاستغلال لكل أو جزء من أماكن الانتظار بالمحافظة، سواء للشركات أو الأفراد، بما لا يُجاوز عشر سنوات، على أن تلتزم الشركات مع أصحاب حق الاستغلال بتحصيل مقابل انتظار من قائدي المركبات بالأماكن المحددة لها.
وبموجب هذا التشريع، تكون رخصة “السايس” لمدة ثلاث سنوات، قابلة للتجديد، مقابل رسم لا يُجاوز 2000 جنيه، بشرط ألا تقل سنه عن 21 سنة، من يوم تقدمه بطلب الترخيص للجهة المختصة بإصداره، وأن يجيد القراءة والكتابة، ويكون قد أدى الخدمة العسكرية، أو أعفي من أدائها قانوناً، وأن يكون حاصلاً على رخصة قيادة سارية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أصدر قانوناً جديداً للتعاقدات الحكومية، ألغى بموجبه قانون “المزايدات والمناقصات” الخاص ببيوع الأجهزة الحكومية، والذي استندت إليه المحاكم الإدارية والقضاء الإداري في إصدار سلسلة من الأحكام التي تعلي من شأن تطبيقه، ببطلان عقود بيع أراضي مشاريع سكنية كبرى مثل “مدينتي” و”بالم هيلز”، بسبب الفساد الذي شاب إجراءات تخصيص الأراضي لها.
وسمح القانون الجديد بتعاقد جميع الهيئات والإدارات الحكومية مع بعضها بـ”الأمر المباشر” من دون اتباع المناقصات أو المزايدات أو حتى الممارسات المحدودة، ما منح أفضلية استثنائية لشركات الجيش للسيطرة على المشاريع الحكومية المختلفة، من دون منافسة من الشركات المحلية والأجنبية.
ومنذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، يواصل الجيش تغلغله في جميع نشاطات المال والأعمال في مصر برعاية السيسي، ما ضاعف حجم اقتصاد المؤسسة العسكرية – غير الخاضع لأي نوع من الرقابة – بصورة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، نتيجة الاستحواذ على جميع مشروعات إنشاء الطرق والجسور، وتأجير المطاعم والكافيهات، وتوريد الوجبات المدرسية لنحو 13 مليون تلميذ في المدارس الرسمية.
وتحظى شركات الجيش بإعفاء كامل من الضرائب والرسوم والجمارك، فضلاً عن امتلاكها عمالة رخيصة ممثلة في “التجنيد الإلزامي” وإخضاع الأشخاص الذين يؤدون الخدمة العسكرية للعمل في مشروعاتها برواتب هزيلة، لا تتعدى في أفضل الأحوال ألف جنيه شهرياً.
سمح القانون الجديد بتعاقد جميع الهيئات والإدارات الحكومية مع بعضها بـ”الأمر المباشر” من دون اتباع المناقصات أو المزايدات أو حتى الممارسات المحدودة، ما منح أفضلية استثنائية لشركات الجيش للسيطرة على المشاريع الحكومية المختلفة
وقالت “هيومن رايتس ووتش” و”مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” و”مبادرة الحرية”، في رسالة سابقة إلى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، إن على الصندوق أن يطلب من الحكومة المصرية الكشف عن المعلومات المالية حول الشركات المملوكة للجيش، كجزء من التقارير المطلوبة عن الشركات التي تملكها الدولة، قبل صرف الشطر التالي من تمويل الصندوق بموجب برنامج الإقراض الحالي.
وأفادت الرسالة بأن التعاملات المالية للشركات المملوكة للهيئات العسكرية، والتي تنتج في الأساس سلعاً مدنية، محجوبة تماماً عن الرأي العام، ما يجعلها بيئة خصبة للفساد، وتقوض الرقابة المدنية على تمويل الجيش.
وأجبر تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية، ونقص الدولار، وأزمة جائحة كورونا، النظام المصري على اللجوء إلى صندوق النقد للحصول على قروض بقيمة 20 مليار دولار تقريباً، ما تسبب في انخفاض قيمة العملة المحلية إلى أكثر من النصف جراء قرار تحرير سعر الصرف، وأدى إلى مزيد من التضخم، وارتفاع الأسعار، وتآكل القوة الشرائية.