ارتفاع غير مسبوق في أسعار الغاز الطبيعي …والعالم قلق من شتاء بارد
عربي تريند_ تشهد أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعاً جنونياً في الأسواق الرئيسية المستهلكة للطاقة في العالم، ويتوقع محللون أن تواصل الأسعارارتفاعها خلال النصف الثاني من العام الجاري وحتى نهاية العام المقبل 2022 على أقل تقدير وسط النقص الكبير في الإمدادات وارتفاع الطلب.
لكنّ شركة “شل” النفطية الأميركية تقول في تقريرها السنوي للعام الجاري إنّ الطلب على الغاز الطبيعي المسال سيواصل الارتفاع حتى عام 2040، وهنالك حاجة حقيقية لزيادة الاستثمارات في الغاز المسال لتغطية الفجوة المتزايدة بين الطلب والمعروض من الغاز المسال.
وبحسب “شلّ” فإنّ هذا الطلب ربما سيدعم ارتفاع الأسعار طوال العقد الجاري والمقبل. وتقدر الشركة في تقريرها المنشور على موقعها ارتفاع الطلب العالمي من الغاز المسال من 360 مليون طن سنوياً في العام الجاري 2020 إلى 700 مليون طن سنوياً في العام 2040.
وأشارت إلى قوة سوق الغاز الطبيعي المسال في العام الماضي رغم ضربات جائحة كورونا التي عرقلت النمو الاقتصادي العالمي، إذ لم يتراجع الطلب مثلما حدث لسوق النفط بسبب الشتاء القاسي الذي ضرب آسيا ورفع الطلب على التدفئة.
ويبدو أنّ التحول التدريجي للصين من توليد الطاقة من النفط والفحم الحجري إلى الوقود الأزرق لتلبية شروط اتفاقية المناخ العالمية يدعم السوق وتحديداً أسعار الغاز المسال، بسبب عدم وجود خطوط أنابيب مباشرة لتوصيل الغاز الطبيعي لدول جنوب شرقي آسيا التي تعتمد معظمها على شحنات الغاز المسال.
وعلى صعيد الأسعار، تشير بيانات نشرة “آرغوس” الأميركية المتخصصة في الطاقة، أنّ أسعار الغاز الطبيعي تتجه للارتفاع في الولايات المتحدة بنسبة 20% خلال العام المقبل إلى 4 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية، كما ستواصل الارتفاع في كلٍّ من دول جنوب شرقي آسيا والصين وباقي دول أوروبا الغربية.
ويتزايد الطلب على الغاز الطبيعي في البرازيل التي ضربها الجفاف خلال العام الجاري وتعاني من نقص المياه الكافية وتحتاج إلى شحنات إضافية من الغاز المسال لتلبية الطلب في قطاع توليد الطاقة الكهربائية.
ويرى خبير أسواق الطاقة بشركة “سيمبسون سبنس يونغ” الأميركية المتخصصة في وساطة السلع والناقلات، جيمس ويسلر، في تعليق حول الطلب على الغاز الطبيعي: “هنالك نقص في إمدادات الغاز الطبيعي، وهذا النقص سيتزايد في حال حدوث شتاء بارد هذا العام”.
وأضاف: “المنافسة على شحنات الغاز تشتد بين آسيا وأوروبا ويترجم ذلك في الارتفاع المتواصل في أسعار الغاز العالمية”.
وفي ذات الصدد، تشير بيانات “فاينانشيال تايمز” البريطانية المنشورة يوم الجمعة، إلى أنّ أسعار الغاز الطبيعي بلغت أعلى مستوياتها منذ 16 عاماً في بريطانيا، حيث ارتفعت الأسعار إلى 14 دولاراً لمليون وحدة حرارية بريطانية، كما بلغت 15 دولاراً لنفس الوحدة في آسيا.
من جانبها، تقول نشرة “”أويل برايس” الأميركية في تحليل قبل يومين، إنّ محللي الطاقة يرجعون أسباب الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي إلى ثلاثة عوامل رئيسية، وهي النقص العالمي في المعروض من الغاز الطبيعي، وتراجع إنتاج حقول الغاز الطبيعي في أوروبا، خصوصاً في هولندا، وانخفاض صادرات الغاز الطبيعي في روسيا.
أسعار الغاز الطبيعي تتجه للارتفاع في الولايات المتحدة بنسبة 20% خلال العام المقبل إلى 4 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية، كما ستواصل الارتفاع في كلٍّ من دول جنوب شرقي آسيا والصين وباقي دول أوروبا الغربية
وتواجه شركة “غاز بروم” الروسية الممدّ الرئيسي للغاز الطبيعي لأوروبا، مزيداً من الضغوط من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي تسعى إلى تقليل النفوذ الروسي على دول الاتحاد الأوروبي.
وتشير بيانات المفوضية الأوروبية في إبريل/ نيسان الماضي إلى نقص كبير في المطلوب من شحنات الغاز الطبيعي المسال.
ويرى خبير الغاز العالمي بشركة “كوميدتز داتا” الأميركية، كريس مدجلي، أنّ أسعار الغاز الطبيعي ستظل مرتفعة عالمياً لعام آخر على الأقل”.
وأضاف مدجلي في تعليقات نقلتها صحيفة ” فاينانشيال تايمز”: “ليست هنالك إمدادات كافية لتلبية الغاز الطبيعي المطلوب في أوروبا”. ولاحظ محللون أنّ شحنات الغاز الطبيعي المسال الأميركية التي كانت تتجه إلى أوروبا تم التعاقد عليها من قبل الشركات الآسيوية ودول أميركا اللاتينية.
وحسب تقرير شركة “وود ماكينزي” للغاز الطبيعي عن سوق الغاز الطبيعي بالربع الأول من العام الجاري، تراجعت مخزونات الغاز الطبيعي بأوروبا بنسبة 25% من متوسط مستوياتها في خمس سنوات.
أوروبا تلجأ للفحم الحجري لتغطية نقص الغاز الطبيعي
وقالت الشركة في تقريرها، إنّ سوق الغاز المسال تتجه نحو نقص كبير في المعروض مقارنة بالطلب المتنامي خلال السنوات الخمس المقبلة.
من جانبه، قال محلل سوق الغاز الطبيعي، توم مارزيك، في تعليقات لصحيفة “فاينانشيال تايمز” يوم الجمعة: “ما يدهش أنّه لا يوجد قلق حول ارتفاع الأسعار في أوروبا”.
ويرى مارزيك أنّه “لا توجد خيارات عديدة لدى أوروبا تغطية النقص بالغاز سوى استيراد المزيد من شحنات الغاز المسال”. وربما تكون أوروبا بحاجة إلى مزيد من شحنات الغاز المسال القطري خلال العام المقبل، لكن حتى الآن، تشير التعاقدات طويلة الأجل التي وقعتها شركات الطاقة الآسيوية مع شركة “قطر للبترول” خلال الشهر الماضي، ربما لم تترك فائضاً للسوق الأوروبي.
وكانت الشركات الصينية قد أبرمت اتفاقية لشراء مليون طن من الغاز القطري لمدة عشر سنوات، كما وقعت شركة المؤسسة الكورية للغاز” كوغاز” اتفاقاً مع شركة “قطر للبترول” لشراء مليوني طن سنوياً من الغاز المسال لمدة 20 عاماً. ويضاف هذا العقد إلى الكميات الحالية التي تزود بها قطر المؤسسة الكورية للغاز “شركة كوغاز” والبالغة 9 ملايين طن من الغاز المسال سنوياً، بحسب البيانات الرسمية التي تنشرها شركة “قطر للبترول”.