فايننشال تايمز: “سلالة دلتا” تقوض الثقة بالنظام السياسي وتعمق “أزمة الديمقراطية” في تونس
عربي تريند_ قالت صحيفة “فايننشال تايمز”، في تقرير، إن الوضع الصحي المتدهور في تونس أضيف إلى المشاكل السياسية والاقتصادية في البلاد.
وانتشرت سلالة دلتا من فيروس كورونا في تونس خلال الفترة الأخيرة، فيما تواجه البلاد انخفاضا في عدد التطعيمات ومعدلات وفيات عالية بسبب الجائحة.
وكانت المتحدثة باسم الصحة الحكومية، جليلة بن خليل، قد قالت سابقا إن متغير دلتا يمثل أكثر من 75% من مرضى كوفيد-19 الذين أدخلوا إلى المستشفى ويعانون من مشاكل رئوية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن تونس تواجه حاليا زيادة “مقلقة للغاية” في أعداد الحالات. وجرى تطعيم 7% فقط من سكان الدولة بشكل كامل، فيما شهدت البلاد فوضى في المستشفيات ومراكز التطعيم في جميع المناطق.
وكان الرئيس قيس سعيد كلف في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي الجيش بمسؤولية الاستجابة للوباء. وجاء القرار بعد أن أقال رئيس الحكومة وزير الصحة وسط انتقادات بشأن أزمة كورونا.
وجاء ذلك بعد معاناة لوحدات العناية المركزة في بعض المستشفيات، والتي تكاد تكون ممتلئة، ويتمثل ذلك بنقص في الأكسجين خصوصا.
ووصل عدد الوفيات اليومي 200 شخص الأسبوع الماضي، وهو رقم قياسي، فيما فارق ما يقرب من 18000 شخص الحياة بسبب المرض إجمالا.
ورغم أنه يُنظر إلى تونس على أنها “الديمقراطية الوحيدة بين الدول العربية” التي شهدت ما عرف باسم الربيع العربي، إلا أن الوضع الصحي المتدهور يختبر حدود النظام السياسي في البلاد.
ويشهد النظام السياسي خلافات حادة بين الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان.
وكان رئيس الحكومة أجرى تعديلا وزاريا شاملا منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، لكنه لا يزال معلقا بسبب خلافات مع رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اعترض على عدد من الوزراء ورفض أداءهم اليمين الدستورية.
وقد نظر إلى قرار سعيد حول إدارة الجيش للأزمة على أنه “تصعيد للصراع على السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء”.
كما اعتبر محللون أنه قد يكون له “تأثير سلبي على مستقبل تونس كدولة ديمقراطية”، رغم احتمالية تأثيره الإيجابي على الوضع الصحي.
واعتبر يوسف الشريف، المحلل السياسي ورئيس مركز كولومبيا العالمي في تونس، ذلك “تعميقا للأزمة السياسية والاستقطاب بين الرجلين”، بحسب ما قال.
وأشار إلى أن الحكومة “أساءت إدارة الأزمة الصحية من خلال عدم الاستعداد لزيادة الحالات وتدفقها” إلى المستشفيات، مضيفا أن أزمة “كوفيد بشكل عام لم تكن على رأس أولويات الرئيس والحكومة ورئيس البرلمان.. إذ انشغل الثلاثة بنزاعاتهم السياسية اليومية”.
واتهم رئيس الحكومة وزير الصحة باتخاذ قرارات “شعبوية” و”جنائية”، بعد أزمة أيام التطعيم المفتوحة التي لم تشهد كميات كافية من اللقاحات المتوفرة.
وتعتبر الصحيفة أن الوضع السياسي لم يؤد إلا إلى تفاقم الأزمة الصحية. ويقول محللون إن المواجهة بين الرؤساء الثلاثة، بالإضافة إلى الخلافات المريرة بين الأحزاب (وصل بعضها إلى شجارات داخل البرلمان)، قوضت الثقة في النظام السياسي.
كما أدى الوباء إلى تفاقم الوضع الاقتصادي، إذ كثيرا ما تندلع احتجاجات من الشباب بسبب الفقر وارتفاع معدلات البطالة.
ومع وصول اللقاحات والإمدادات الطبية التي تبرعت بها دول عدة، من المرجح أن يتحسن الوضع الصحي في الأسابيع المقبلة