أردوغان يعلن “بشرى” من قبرص غدا.. خطوات لترسيخ حل الدولتين وتكهنات بإنشاء قواعد جوية وبحرية
عربي تريند_ يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين، جمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها دولياً في ذكرى “عملية السلام” التي نفذها الجيش التركي عام 1974 في الجزيرة المقسمة منذ ذلك التاريخ بين شقين تركي ويوناني، في زيارة من المتوقع أن يتخللها الإعلان عن مزيد من الخطوات التركية التي تهدف إلى ترسيخ حل الدولتين، بعد أن أعلن مسؤولون أتراك وقبارصة أن حل الدولة الواحدة “لم يعد مطروحاً وبات من الماضي”.
وبينما لم يُعرف على وجه التحديد الخطوات التي ينوي أردوغان الإعلان عنها والتي وصفها بـ”البشرى” تدور التكهنات حول مزيد من الخطوات العملية التي تهدف لترسيخ وتعزيز حل الدولتين من قبيل فتح أقسام جديدة من منطقة مرعش الاستراتيجية، والإعلان عن إقامة قاعدة جوية للمسيّرات التركية وأخرى بحرية، إلى جانب إمكانية الإعلان عن اعتراف تدريجي لدول “صديقة” بجمهورية قبرص التركية حيث يجري الحديث عن أذربيجان وباكستان بقوة في وسائل الإعلام التركية.
والجمعة الماضية، أعلن أردوغان أنه سيزف بشرى سارة من برلمان جمهورية شمال قبرص التركية خلال زيارته المرتقبة الإثنين برفقة وفد سياسي كبير. حيث من المقرر أن يلقي خطابا أمام نواب البرلمان، وقال: “أود أن أزف بشرى لشمال قبرص من برلمانها، لدينا خطوة سارة، وانتهينا من العمل التمهيدي لها”، مشيراً إلى أنه سيشارك في مراسم احتفالات “عيد السلام والحرية” السنوية في اليوم الثاني من الزيارة الموافق لـ20 يوليو/ تموز الجاري، لافتاً إلى أنه سيبعث برسائل “من أجل إرساء السلام في الجزيرة وفي العالم أجمع”.
ومنذ وصول القومي أرسين تتار إلى رئاسة قبرص الشمالية -التركية- نهاية العام الماضي، تبنت أنقرة خطاً سياسياً جديداً يقضي بالعمل المشترك من أجل فرض حل الدولتين والإعلان عن نهاية مساعي ومفاوضات التوصل إلى حل لدولة واحدة فدرالية. واتخذ الجانبان سلسلة خطوات سياسية وميدانية، كان أبرزها الإعلان نهاية العام الماضي عن فتح أقسام محدودة من منطقة مرعش الاستراتيجية الواقعة في قبرص الشمالية على مقربة من الخط الأزرق الذي يفصل شقي الجزيرة، وتعتبر واحدة من أبرز ملفات الخلاف الحساسة بين الجانبين.
وخلال زيارته التي تبدأ الإثنين إلى قبرص، من المقرر أن يزور أردوغان منطقة مرعش يوم الثلاثاء الذي يصادف ذكرى عملية الجيش التركي في الجزيرة عام 1974، ليعلن عن فتح أقسام جديدة في المنطقة وعودة السكان إليها وإقامة مزيد من المشاريع في المنطقة لفرض وترسيخ سيطرة القبارصة الأتراك على المنطقة، في خطوة من المتوقع أن تثير ردود فعل غاضبة من قبرص الجنوبية واليونان والاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يفتتح أردوغان في زيارته الثانية خلال أشهر لمنطقة مرعش عددا من المشاريع التي جرى إقامتها في المنطقة، ومنها مسجد وحديقة، والإعلان عن إخراج أقسام جديدة من المنطقة من تصنيفها كمنطقة عسكرية مغلقة، والبدء بمشاريع جديدة ترسخ الإدارة الشمالية على المنطقة، كما يتوقع أن يوجه الرئيس التركي دعوة إلى القبارصة الجنوبيين الذين لديهم أملاك في منطقة مرعش بضرورة التسجيل لدى لجنة مختصة تابعة لإدارة قبرص الشمالية والعودة إلى أملاكهم في خطوة تقول الصحافة اليونانية إنها تثير غضب ومخاوف أثينا التي تخشى من استجابة قبارصة لهذه الدعوة، وما سيعتبر بمثابة اعتراف بشرعية إدارة قبرص الشمالية.
وفي تصريح له لصحف يونانية، قال فخر الدين ألطون رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية الأحد، إن الحل الحقيقي لقبرص هو حل الدولتين القائم على التقاسم العادل للحقوق، مشدداً على أن “الجميع يرى الآن استحالة التعايش بين شقي الجزيرة في إطار دولة واحدة”.
ويُجمع مراقبون على أن أردوغان من خلال الخطوات المتسارعة في قبرص يهدف إلى فرض قواعد جديدة لحل المسألة القبرصية عبر فرض أمر واقع يجبر المجتمع الدولي على البدء بمفاوضات على مبدأ حل الدولتين، إلى جانب تعزيز نفوذ تركيا في قبرص وملف شرق المتوسط بشكل عام، لا سيما وأن تركيا ترى أن قبرص الجنوبية لا ترغب في التوصل إلى حل، وترغب في استمرار الوضع الراهن المفيد لها، وهو ما دفع أنقرة للتحرك وفرض أمر واقع آخر يحرك المياه الراكدة، ويجبر قبرص الجنوبية على وقف خطواتها الأحادية والعودة للمفاوضات بجدية أكبر، أو تحقيق مكاسب من جانب واحد في حال عدم العودة للمباحثات السياسية.
وتراقب العديد من العواصم كلمة أردوغان المتوقعة في قبرص عن قرب، لمعرفة الخطوات التركية المقبلة، وقال الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس: “نحن في حالة تأهب، نراقب عن كثب وسنرد وفق ما يعلنه (الرئيس التركي)”، حيث يتوقع أن تؤدي الخطوات التركية المتوقعة إلى تفجر الخلاف مجدداً وعودة التصعيد مع قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي.
وإلى جانب ذلك، تحدثت وسائل إعلام تركية عن إمكانية أن يعلن الرئيس التركي عن إقامة قاعدة جوية دائمة للمسيّرات التركية في قبرص الشمالية من شانها أن تعزز النفوذ العسكري التركي في الجزيرة، وقدرة الطيران التركي المسيّر على مراقبة الأوضاع في شرق المتوسط بشكل عام، حيث يُتوقع أن يعلن عن مطار “غيتشيت كاليه” العسكري كقاعدة جوية ثابتة للمسيرات التركية. ومنذ عام 2019 يستخدم المطار لهبوط الطائرات المسيرات التي كانت تنطلق من ولاية موغلا التركية وصولاً إلى قبرص.
كما تشير التكهنات إلى أن تركيا تخطط لبناء قاعدة بحرية عسكرية لرسو سفنها الحربية، وذلك مقابل سواحل مدينة “غازي ماغوصة” لنفس الأهداف السابقة المتعلقة بتعزيز السيطرة العسكرية التركية ونفوذ الجيش التركي بصراع شرق المتوسط وفرض حل الدولتين، حيث ينتشر قرابة 40 ألف جندي تركي في قبرص الشمالية منذ عام 1974.
وفي إطار الجهود السياسية الموازية، تعمل تركيا منذ أشهر للبدء بحشد اعترافات دولية بـ”جمهورية شمال قبرص التركية” غير المعترف بها سوى من أنقرة، وفي هذا الإطار تشير الكثير من التكهنات إلى أن أنقرة ركزت جهودها في الأشهر الأخيرة من أجل البدء بالحصول على اعتراف من باكستان وأذربيجان كخطوة أولى على طريق حشد اعترافات أكثر خلال السنوات المقبلة.
ولأول مرة، بدأ وفد لجنة الشؤون الخارجية والعلاقات البرلمانية الدولية بالبرلمان الأذربيجاني، زيارة رسمية لجمهورية شمال قبرص التركية، الجمعة، للمشاركة بالذكرى السنوية لاحتفالات “عملية السلام القبرصية”، حيث أجرى الوفد سلسلة من اللقاءات مع عدد من المسؤولين في البلاد، أبرزهم الرئيس، أرسين تتار الذي نقل عنه قوله: “نحن أمة واحدة وثلاث دول، وجميعنا ننحدر من النسل التركي”، واصفاً الزيارة بـ”التاريخية”.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، عُقدت في العاصمة السويسرية جنيف، أولى جلسات المفاوضات القبرصية في جلسة مفاوضات غير رسمية استضافتها الأمم المتحدة بمشاركة طرفي النزاع والدول الضامنة، في أول عودة جزئية للمباحثات منذ توقفها قبل سنوات. لكن سرعان ما أُعلن عن فشلها في التوصل إلى أي تفاهمات أو أرضية تمهد لانطلاق مباحثات رسمية برعاية الأمم المتحدة ومشاركة الدول الثلاث الضامنة.