ميدل إيست آي: بعد زيارة مدير المخابرات المصرية لواشنطن.. خوف بين المنفيين المصريين
عربي تريند_ نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا حول مخاوف المصريين في أمريكا وحملة النظام المصري العابرة للحدود لمواصلة قمعهم. وفي تقرير أعده عمر فاروق قال فيه إن الانتهاكات التي تقوم بها حكومة عبد الفتاح السيسي تتواصل بدون حسيب أو رقيب. وذلك بعدما سأل مدير المخابرات المصرية في زيارته لواشنطن مشرعين في الكونغرس عن سبب عدم اعتقال السلطات الأمريكية ناشطا مصريا أفرجت عنه القاهرة بعدما تخلى عن جنسيته المصرية.
وقال ناشطون وأنصار حقوق الإنسان وأكاديميون إن عدم تحرك إدارة جوزيف بايدن في وجه حملة القمع المصرية ضد المعارضين في الخارج زادت من أجواء الخوف بين الناشطين وعائلاتهم. وأشار إلى آخر للملاحقة وهي مطالبة مدير المخابرات عباس كامل أثناء زيارته لواشنطن السلطات الأمريكية باعتقال الناشط محمد سلطان الذي أفرج عنه عام 2015، حسبما نشر موقع “بوليتكو” الأمريكي. واعتقل سلطان في 2013 وبعد فترة قصيرة من الانقلاب الذي قام به الجيش وأطاح بالرئيس محمد مرسي، اول رئيس منتخب. وقضى المتخرج من جامعة ولاية أوهايو عامين تقريبا في السجن، منها 490 يوما مضربا عن الطعام. وكان احتجاجه مدعاة للاهتمام العالمي وأضاف ضغوطا على إدارة الرئيس باراك أوباما لزيادة الجهود والعمل للإفراج عنه. وسأل كامل المشرعين في الشهر الماضي عن السبب الذي لا يزال فيه سلطان “حرا طليقا” مع أن الولايات المتحدة وعدت باعتقاله حالة وصوله أمريكا وقضاء بقية الحكم الصادر عليه، وهو السجن مدى الحياة في سجن أمريكي.
واعترف المتحدث باسم الخارجية الامريكية نيد برايس بأن كامل قدم رسالة قال إنها تثبت الاتفاق لكنه أكد أن البيت الأبيض لمن يعلق على قانونيتها. ويرى فاروق إن تعليقات كامل وغياب الرد من إدارة بايدن أثارا القلق بين المصريين المقيمين في أمريكا، الذين يخشون من الضوء الأخضر الفعلي الذي منح لعبد الفتاح السياسي ومواصلة حملة القمع لمعارضيه في الخارج. وعبر سلطان في سلسلة من التغريدات عن دهشته من كونه أولوية في برنامج كامل الدبلوماسي الذي ضم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والذي ساعدت مصر على تأمينه وكذا مشكلة سد النهضة العظيم في إثيوبيا والانتخابات الليبية المقررة نهاية العام. وكتب في تغريدة “تعرف كم هو جنون؟ وهو أن يتعامل مع ناقد صريح ومدافع عن حقوق الإنسان كتهديد للأمن القومي وبسبب ما يقوم به من جهود لتوعية واشنطن حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يقومون بها”.
وقال عامر العفيفي، نائب مدير “مبادرة الحرية” إن قائمة المناقشات مع المشرعين الأمريكيين كشفت أن “ما يحدث للمنفيين يتم التفكير به ويأتي من الهيئات العليا”. ويدرس العفيفي في المرحلة الدكتوراة ويبحث في وضع المنفيين بمرحلة ما بعد الربيع العربي في الولايات المتحدة إن استهداف سلطان وهو مواطن أمريكي يشير “لتدخل مباشر في السيادة الأمريكية”. و”أمر نتوقع من حكومتنا رفضه”. و “لو لم يتم التعامل مع هذه الخطوة بجدية وكتصعيد من المصريين، فعندها سيرون أنه ضوء أخضر لمواصلة جهودهم”. ومنذ وصوله السلطة اعتقل نظام السيسي حوالي 60.000 شخصا حسب منظمات حقوق الإنسان. وشملت الملاحقات عائلات المواطنين المعارضين الأمريكيين في مصر. وتم اعتقال مجموعة من أقارب سلطان قبل عدة أشهر. وقال رشا الرضوي، الناشطة المقيمة في الولايات المتحدة “لا نزال غير آمنين” و “أشعر بالخوف للذهاب إلى السفارة أو عمل أي شيء. ونحن لسنا في السجن بل وخارج مصر، لكنهم يواصلون ملاحقتنا” و “احلم كل يوم أن النظام في مصر سيأتي إلى البيت ويعتقلني”.
وسجلت مبادرة الحرية في بداية هذا العام أن ذراع القاهرة القمعي وصل إلى الولايات المتحدة، وأشارت إلى حالات من المواطنين الأمريكيين وحملة التأشيرات والمقيمين الدائمين تعرضت فيها عائلاتهم بمصر للاعتقال، كأسلوب ضغط عليهم للعودة واعتقالهم. وقال فيليب ناصيف، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة أمنستي انترناشونال- امريكا “طالما لم تكن هناك محاسبة على التحرش والاستفزاز التي عانى منها الناشطون في مصر وعائلاتهم في الخارج أو هؤلاء الناشطين في الخارج، فسيتواصل السلوك”. وأضاف “أخشى على أمن بعض هؤلاء الناشطين، سواء كانوا مواطنين أمريكيين أم غير ذلك، ويعيشون خارج الحدود المصرية، وبناء على هذا السلوك الذي تقوم به مصر”.
وقال رائد جرار، المدير في منظمة “الديمقراطية في العالم العربي الآن” (دون) إن واحدا من الأسباب وراء زيادة حملة القمع المصرية العابرة للحدود هو غياب الرد الأمريكي. مضيفا أن “نظام السيسي يعتقد أن هناك مكان يمكنهم الضغط فيه على الولايات المتحدة لسجن الناشطين السياسيين لأنه ترك بدون محاسبة”. وقال “لو دفع النظام المصري الثمن على انتهاكات حقوق الإنسان هذه، فلن يشعر بالجرأة ويرسل رئيس مخابراته إلى الولايات المتحدة يحمل طلبا سخيفا مثل هذا”. وركزت إدارة بايدن التي تعهد في الحملات الانتخابية لوقف “الشيكات المفتوحة لديكتاتور ترامب المفضل” على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. ففي تقرير وزارة الخارجية عن حقوق الإنسان ركز على أن مصر مذنبة في عمليات القتل خارج القانون والتغييب القسري والتعذيب والاعتقال التعسفي والانتقام السياسي ضد أفراد خارج البلاد. لكنها لم تترجم هذا النقد إلى فعل ملموس يؤدي لوقف الانتهاكات. فعندما خرجت الأنباء في شباط/فبراير عن اعتقال أفراد من عائلة سلطان أقرت الولايات المتحدة صفقة سلاح لمصر بقيمة 200 مليون دولار.
وقال علي حسين مهدي، الناشط المصري في أمريكا “خيب جوي بايدن املنا”. واعتقل أفراد من عائلة مهدي في مصر بداية هذا العام، للضغط عليه بسبب مجموعة من أشرطة الفيديو التي وضعها على يوتيوب وكشفت عن انتهاكات حقوق الإنسان. وقال إن إدارة بايدن لا تزال “قريبة من السيسي وتبيعه أسلحة ولم تفرض عليه عقوبات” خلافا لما قالته في السابق. وقالت إليسا ابستين المحامية في هيومان رايتس ووتش إن الطلب الذي حمله مدير المخابرات المصرية يعني أن إدارة بايدن بحاجة “لوضع حقوق الإنسان وبقوة في مركز سياستها تجاه مصر”. و “مهما كان خطاب الإدارة عن حقوق الإنسان، فهو لا يعني شيئا للمسؤولين المصريين”. ويعتقد الناشطون أن إدارة بايدن لديها وقت لكي تضغط على مصر في مجال حقوق الإنسان. وقال جرار من منظمة الديمقراطية في العالم العربي (دون) الآن إن واشنطن لديها خيار لحجب 300 مليون من الدعم السنوي لمصر والتي يربطها الكونغرس بحقوق الإنسان في البلد. وظل الكونغرس يربط المساعدة السنوية 1.3 مليار دولار بحقوق الإنسان إلا أن الإدارتين السابقتين استخدمتا موضوع الأمن القومي لإلغاء الشروط. ويرى جرار ان الحل الأسهل والثمرة الناضجة هو تعليق 300 مليون دولار من المساعدة لأن مصر فشلت بالوفاء في التزاماتها بحقوق الإنسان. وواحد من الأمثلة عن هذا الفشل هو قرار مصر الشهر الماضي، تثبيت حكم الإعدام على 12 مسؤولا في جماعة الإخوان المسلمين.