لوموند: صيف دموي ينتظر القوات الأفغانية وسط التقدم الميداني السريع لطالبان
عربي تريند_ تحت عنوان: “أفغانستان.. تقدم أسرع من المتوقع لحركة طالبان”، تساءلت صحيفة لوموند الفرنسية إن كان محكوما على أفغانستان مرة أخرى أن تعيش في ظل حكم أصوليي طالبان؟ مشيرة إلى أنه بينما أكملت الولايات المتحدة انسحابها العسكري في الثالث من يوليو/ تموز الماضي، سارع المتمردون الأفغان إلى إحكام سيطرتهم العسكرية على مناطق رئيسية في البلاد.
ونقلت لوموند عن مصدر أمريكي في العاصمة الأفغانية، قوله إنه كان من المفترض نظريا أن يغادر الجنرال سكوت ميلر، قائد قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، في الرابع من شهر يوليو الجاري، لكنه ما يزال متواجدا هناك على الأغلب؛ بسبب تدهور الوضع الأمني، واستراتيجية طالبان التي فاجأت الجميع.
وأشارت الصحيفة إلى أن قيادة طالبان ركزت بالفعل جهودها على شمال البلاد، والتي كانت غير مواتية لها تاريخيا وعرقيا. وتوقع العديد من الخبراء الأفغان والدوليين أن تسيطر طالبان أولاً على مناطق البشتون في الجنوب، قبل أن تتقدم نحو الشمال الطاجيكي، وقومية “الهزارة” في المرتفعات الوسطى للبلاد. كما أن حركة طالبان حاضرة بقوة حول مدينتي قندوز ومزار شريف كما هو الحال في مقاطعة بدخشان. حتى أنهم أجبروا ألف جندي أفغاني على الفرار عبر الحدود إلى طاجيكستان.
إلى جانب الهزيمة التي لحقت بالسلطات في كابول، يعد التكتيك الذي اتبعته حركة طالبان أيضا وسيلة لإضعاف تحالف الشمال الذي قاتل ضدها بين عامي 1994 و1996 قبل هزيمته. ثم عمل نفس التحالف وأمراء الحرب القبليون التابعون له كداعم ميداني خلال الهجوم الأمريكي في أواخر عام 2001، والذي أسقط حركة طالبان.
وفي بداية تموز/ يوليو الجاري، كانت الملاحظة التي أبداها مسؤول أممي في أفغانستان واضحة: “المليشيات المسلحة التابعة لأمراء الحرب الرئيسيين في تحالف الشمال تعرضت للتزاحم، وخسرت مواقعها. ووحده إسماعيل خان ورجاله في هيرات هم من يبدو أنهم قادرون على المقاومة”.
عمليات انسحاب تكتيكية؟
في حاشية وزير الدفاع الأفغاني الجديد، بسم الله خان، يتم الحديث عن أن “الجيش أجرى انسحابات تكتيكية”. وفي السر، داخل السلطة الأفغانية، من المسلّم به أن “سلسلة التوريد ليست مثالية”. بمعنى آخر، عندما يتعرض الجنود الأفغان للهجوم، لا يمكنهم الحصول على أي تعزيزات بالرجال أو المواد، لذلك عندما يفرون، قد يكون ذلك بسبب الافتقار إلى العزم أو الافتقار إلى الوسائل لمواصلة القتال.
ويتعلق القلق، على وجه الخصوص، بوسائل النقل اللازمة لتزويد القواعد المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. فقط تعزيز الموارد الجوية التي وعدت بها الولايات المتحدة يمكن أن يحسن الوضع. ونتيجة لذلك، أصبح عدد كبير من المقاطعات الآن تحت سيطرة طالبان. ويبدو أن المتمردين يتجنبون عواصم المقاطعات في الوقت الحالي. ومع ذلك، قامت حركة طالبان يوم الخميس الماضي بغزو قصير للعاصمة الإقليمية الشرقية بادغيس. وقالت وزارة الدفاع يوم الجمعة إن ذلك بفضل هجوم مضاد ناجح.
وفي اليوم نفسه، قال شهاب الدين ديلاوار، أحد أعضاء وفد طالبان المكلّف بالتفاوض على حل سياسي مع كابول، في مؤتمر صحافي في موسكو، إن الحركة سيطرت على “85% من الأراضي” الأفغانية، وهو ما فنّدته السلطات.
من ناحية أخرى، يبدو أن طالبان تتجنب غير الأفغان، حيث تتركز معظم القوات الأجنبية في الجيب الآمن بمطار كابول، حيث يوجد ما بين 100 و200 جندي أمريكي وقوات بريطانية خاصة بصدد المغادرة، وحوالي 600 جندي تركي مدعومون من قبل بعض الأذربيجانيين. ولم يصل بعد 650 من مشاة البحرية الذين يتعين عليهم ضمان أمن السفارة الأمريكية.
احتمال الانهيار
ومضت “لوموند” إلى القول إن المستقبل يبدو قاتماً في أفغانستان، حيث تحدث رئيس أركان الجيش البريطاني نيك كارتر عن أن “أفغانستان في طريقها إلى حرب أهلية. ومن المعقول أن تنهار البلاد في حال لم تتلقَ مساعدة من القوات الدولية. فالبلاد مهددة بالدخول في الاشتباكات القبلية بين أمراء الحرب وحركة طالبان التي لن تستطيع السيطرة على 100% من أراضي أفغانستان“.
والآن، فإن مستقبل مطار كابول الدولي -نقطة الدخول الوحيدة الآمنة في البلاد- هو محور نقاش ساخن بين الأمريكيين والأتراك، الذين أكدوا يوم الجمعة المنصرم أن المفاوضات التي أجريت في إطار حلف شمال الأطلسي قد اختتمت بشكل نهائي.
وعموما كما تتابع “لوموند”، فإن منطقة العاصمة مطوقة حاليا بقوات طالبان، التي ما تزال تسمح بالإمدادات إلى كابول، التي تعيش الآن تحت التهديد المستمر بالحصار. وتثار أسئلة كثيرة حول سلسلة اللوجستيات الخاصة بطالبان وأصل الأصول والمركبات والأسلحة والذخيرة التي لا يبدو أنها تفتقر إليها. ووفقا لمصدر دبلوماسي غربي، فإن الكثير من أعتدهم في كابول يأتي من أُسر الجيش الأفغاني، الذي يتخلى عن مخزوناته عندما يتم طرده.
وخلصت “لوموند” إلى القول إنه من المؤكد من أن الصيف سيكون دمويا بالنسبة للقوات الحكومية الأفغانية. ويبقى أن نرى متى ستقرر طالبان مهاجمة عواصم المقاطعات التي حاصرتها بالفعل. ومما لاشك فيه أن ذلك سيتم حين تعتبر الحركة أنها لم تعد ملتزمة بالاتفاقية الموقعة في 29 فبراير/ شباط عام 2020 مع الولايات المتحدة، والتي وصفتها واشنطن بأنها “اتفاقية سلام” وتم تقديمها على أنها مقدمة لعملية المصالحة بين الأفغان. ويبدو أن ثمرة هذه المفاوضات الحصرية بين الأمريكيين وطالبان، والتي استمرت عامين، لم تكن أبدا سوى “اتفاق انسحاب”، كما تقول الصحيفة الفرنسية.