فياض يبحث في غزة آفاق المرحلة السياسية القادمة.. معلومات عن سعيه لتشكيل حكومة وحدة برئاسته
عربي تريند_ بحثا عن دور سياسي جديد في المرحلة القادمة، زار الدكتور سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية السابقة، التي تشكلت مباشرة عقب أحداث الانقسام عام 2007، ودامت لست سنوات، قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس، بعد أن كانت الحركة تصنفه سابقا على أنه أحد خصومها السياسيين، الذين كرسوا الانقسام السياسي.
زيارة فياض الذي لم يكن في وقت سابق مرحبا به في غزة من قبل حماس، دامت لعدة أيام، بدأت الأحد الماضي، وانتهت ظهر الأربعاء، وبدا واضحا من خلالها، أن القرب والبعد بين المكونات السياسية الفلسطينية، وفياض وفريقه يشكل واحد منها، مرده القرب والبعد من مركز الحكم في السلطة الفلسطينية.
فحين كان الرجل على رأس الحكومة ويدير كذلك وزارة المالية، بعد أحداث الانقسام، صنف الرجل على أنه يقف ضد قطاع غزة، وكان على خلاف كبير مع حركة حماس، التي فتحت له أبواب غزة، وبدا من صور له في منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات، أنه يتمتع بحراسة أمنية وفرتها حماس له في غزة.
ويمكن أن يرد الأمر لكون الرجل خرج من رئاسة الحكومة في يونيو من عام 2003.
يشار إلى أن خروج فياض من الحكومة جاء وقتها بعد خلاف قوي مع اللجنة المركزية لحركة فتح، استبقه خروج مسيرات جماهيرية في الضفة نادت برحيله، ووقتها قيل إن حركة فتح هي من كانت تقف خلفها.
فياض زار منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات، والذي كان قد عيّنه قبل وفاته وزيرا للمالية، كما أجرى زيارات أخرى حملت مدلولات سياسية، حين زار معبر رفح، الذي يفصل غزة عن مصر، وتمر منه حافلات المسافرين وشاحنات البضائع، وعقد الرجل عدة لقاءات رتبها فريقه في غزة، مع شخصيات مجتمعية ووطنية.
وخلال الزيارة لمعبر رفح، تفقد الرجل عمل المعبر، وهي زيارة حملت رسائل أخرى على أن فياض الذي يتمتع بعلاقات قوية مع المجتمع الدولي والدول الأوروبية ومع الولايات المتحدة الأمريكية، بحكم عمله السابق، من الممكن أن يساهم وفق رؤيته السياسية، في إيجاد حلول لسكان غزة المحاصرين، الذين بات المعبر يشكل لهم نافدة الأمل الوحيدة على العالم، في ظل الحصار الإسرائيلي، وهي وجهة نظر أيضا تتطابق مع موقف حركة حماس، التي تنادي بتطوير حركة التجارة مع مصر، بما يساهم أيضا في عملية إعادة الإعمار.
لكن اللافت في زيارة فياض لغزة، حديثه مع من التقاهم عن ضرورة تطوير النظام السياسي الفلسطيني، مستندا في حديثه إلى برنامج قائمته التي قدمها للتنافس في الانتخابات البرلمانية التي كان مقرر عقدها في مايو الماضي، وجرى تأجيلها بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وكان فياض الذي فاز بعضوية المجلس التشريعي المنحل بمقعدين واحد له والآخر للدكتورة حنان عشراوي، حين ترشحا على قائمة “الطريق الثالث”، قدم قائمة أخرى حملت اسم “معا قادرون” وكان يأمل مع فريقه في رفع نسبة تمثيله في تلك الانتخابات.
ولم يخلُ حديث فياض أيضا على المصالحة وكيفية إنهاء الانقسام، وفق رؤية تشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية جديدة، يطرح الرجل نفسه لتولي رئاستها.
ومن خلال طرحه هذا الذي كشفته تقارير محلية، يلمّح الرجل إلى أن وجوده على رأس الحكومة، بحكم علاقاته يضمن قبولها دوليا.
والمعروف أن فياض غالبا ما يعتمد في برامجه على الشق الاقتصادي، كونه يعد خبيرا في هذا الشأن، ويتحدث عن تحسين وضع السكان، وهو مدخل مهم من الممكن أن يتسلل من خلاله لإقناع سكان غزة الذين يعانون من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
يشار إلى أن فياض استبق زيارته إلى غزة، وتحدث بعد غياب طويل، بتوجيه انتقادات للسلطة الفلسطينية، على خلفية مقتل الناشط نزار بنات، أثناء اعتقاله من قوة أمنية فلسطينية.
وكتب على حسابه في موقع فيسبوك: “نزار بنات قضى شهيداً دون رأيه وحق الناس في ممارسة هذا الحق”، وأضاف: “سيقال فيما يقال سنحاسب الفاعلين”، وتابع: “كفى استهتاراً بحياة الناس واستخفافاً بعقولهم والمطلوب تغيير النهج وبدون ذلك ستتكرر المأساة على أيدي فاعلين جدد”.
وقد ذكرت وكالة “سما” المحلية، أن فياض حمل في جعبته مشروعا للمصالحة وتشكيل حكومة وحدة فلسطينية جديدة، وذكرت أنه التقى الرئيس محمود عباس مطولا قبل قدومه إلى غزة.
وأشارت إلى أنه أجرى لقاءات موسعة مع قطاعات مجتمعية وسياسية مختلفة في القطاع في مهمة أقرب لـ”جس النبض”، والبحث عن مخارج للأزمة الحالية، بعد توقف محادثات المصالحة وتدهور الأوضاع في غزة والاشتراطات الدولية لعملية إعادة الإعمار.
لكن في غزة، لم تعلق حركة حماس على زيارة فياض، ولم تخرج تصريحات جديدة من قادتها، أو من مقربين من الحركة سواء كتاب أو نشطاء، تشير إلى إمكانية قبوله في منصب رئيس وزراء لحكومة وحدة وطنية.
كما لم تعلق حركة فتح على زيارته، لكن الواضح أنها ترفض عودته مجددا لتصدر مشهد إدارة العمل الحكومي، في ظل الخلافات التي لا تزال قائمة بينها وبينه.
وفي هذا السياق، علق مسؤول من الحركة في غزة لـ”القدس العربي”، على ما يتردد بعودة فياض لرئاسة الحكومة بالقول إن “قيادة فتح هي من تقرر بخصوص الملفات الكبرى، وأن حركته تسعى لإنهاء الانقسام، ولكن على ألّا يكون ذلك على حساب المصالحة الوطنية الفلسطينية”، وأكد موقف فتح السابق لرفض عودة الرجل لرئاسة الحكومة.
كما تحدث عن رفض فتح لأن يلعب أي شخص دور الوسيط في الاتصالات مع حماس، لوجود علاقة اتصال مباشرة ومفتوحة بين قيادة الحركتين، حتى وقت اشتداد الخلاف السياسي.
من جهته، لم يتحدث فياض عن جدول زيارته بالمطلق لغزة على صفحته الرسمية في موقع “فيسبوك”، واكتفى فقط بالإشارة إلى زيارته لمنزل الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وفتح ذلك مجالا للتنبؤ بأن زيارته إما فشلت في تحقيق أهدافها، أو أنه رغب بجعل نتائج المشاورات في طي السرية، على الأقل في هذه المرحلة التي تشهد تباعدا في المواقف بين فتح وحماس، خاصة وأن جولة الحوار الأخيرة في القاهرة قبل عدة أسابيع لم تحقق أي نتائج.