العرب تريند

تركيا: افتتاح المشاريع وتخريج دفعات الجيش بـ”القرآن والدعاء” يثير المعارضة العلمانية

عربي تريند_ قبل أيام قليلة، اعتلى رئيس الشؤون الدينية في تركيا، علي إرباش، المنصة ووقف إلى جانب الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس محكمة النقض (التمييز) محمد أقارجا، ليبدأ حلقة من الدعاء استمرت لأكثر من 5 دقائق، وذلك في مراسم افتتاح العام القضائي ومجمع المباني الجديد لمحكمة النقض في العاصمة أنقرة قبل أيام.

هذا المشهد غير المعتاد، فجّر موجة كبيرة جداً من الجدل، حيث هاجمت المعارضة العلمانية هذه الخطوة، معتبرة أن نفوذ وتدخل رئيس الشؤون الدينية في كافة مناحي الدولة قد وصل إلى درجة غير مسبوقة “تهدد علمانية الدولة” وبشكل يخالف “الدستور العلماني” لتركيا، لا سيما وأن ذلك ترافق مع تكرار نفس المشهد في تخريج دفعات جديدة من الجيش التركي بتلاوة القران والأدعية من قبل إرباش.

وبشكل تدريجي طوال السنوات الماضية، كان أردوغان يصطحب رئيس الشؤون الدينية ليقرأ القران والدعاء في افتتاح المشاريع الكبرى بالبلاد، وعلى الرغم من انتقاد هذه الخطوة باعتبارها “مساساً بعلمانية الدولة”، إلا أن وصول هذا البرتوكول الجديد إلى القضاء والمحاكم والجيش، رأت فيه المعارضة العلمانية “نقلة غير مسبوقة في خطوات أردوغان لنسف علمانية الدولة”، وكتب معارضون: “افتتاح العام القضائي ليس كافتتاح جسر أو نفق”.

وعبر عشرات المقالات في صحف ومواقع إخبارية مختلفة، وعشرات آلاف المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، رأى “مدافعون عن علمانية الدولة” أن ما حصل هو “تجاوز غير مسبوق”، وكتب البعض تعقيباً على افتتاح العام القضائي بالقرآن والدعاء: “لقد قرأت الفاتحة على القضاء وعلى العلمانية أيضاً”.

وتتهم المعارضة العلمانية أردوغان بالعمل على إضعاف العلمانية التي ينص عليها الدستور التركي منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2003، حيث أعاد الزخم إلى بناء المساجد وازدهرت المدارس الدينية “مدارس إمام خطيب”، وجرى تعزيز مكانة ودور رئاسة الشؤون الدينية، وبناء المساجد في ثكنات الجيش، وافتتاح المشاريع الكبرى في البلاد بتلاوة القرآن والدعاء الذي حضر مؤخراً في مراسم تخريج دفعات من الجيش التركي، الذي كان يعتبر “قلعة العلمانية وحاميها” في البلاد.

ومؤخراً، سرّع أردوغان من خطواته في هذا الاتجاه، لا سيما عقب إعادة فتح مسجد آيا صوفيا للعبادة، وما أعقبه من قرار الخروج من اتفاقية إسطنبول للمرأة. وهي خطوات اعتُبرت بأنها تأتي تحت ضغط الجماعات الدينية الداعمة للرئيس التركي لتحقيق أهداف انتخابية وإرسال رسائل للناخبين المحافظين وسط الأناضول، بأن الرئيس ما زال أمامه الكثير ليقوم به في هذا الإطار، حيث يحتدم التحشيد للانتخابات الرئاسية البرلمانية والرئاسية الحاسمة المقررة منتصف عام 2023، والتي تضغط المعارضة لإجرائها بشكل مبكر.

أحد أحزاب المعارضة العلمانية (حزب التحرر الشعبي) رفع دعوى قضائية على الرئيس التركي ورئيس محكمة النقض ورئيس الشؤون الدينية؛ بسبب مشاركتهم بالدعاء في حفل افتتاح العام القضائي، حيث اعتبر الحزب في الدعوى أن ذلك “يتعارض مع الدستوري التركي وأسس العلمانية” ويأتي تحت تهمة “سوء استخدام المنصب” وأن ذلك بمثابة “خلط للدين بالدولة”.

وفي مواجهة الحملة الكبيرة التي استهدفت رئيس الشؤون الدينية وأردوغان، نشر رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية، فخر الدين ألطون، صورة الدعاء في الفعالية الأخيرة قبل أيام، وصورة أخرى لمؤسس الجمهورية مصطفى كمال اتاتورك ورفاقه وهم يرفعون أيديهم أثناء الدعاء خلال حفل تأسيس وافتتاح البرلمان التركي في العاصمة أنقرة عام 1920، فيما اعتُبرت بأنها رسالة للمعارضة العلمانية أن “أردوغان يسير على خطى أتاتورك” وهو ما أثار مجدداً غضب العلمانيين.

واعتبرت الكثير من المقالات أن ما يجري هو “محاولة لجعل تركيا دولة دينية” وذلك عبر “استهداف العلمانية بطرق مختلفة”، فيما وصف كتاب آخرون بأن إرباش بات يعتبر بمثابة “الرجل الثاني في تركيا” بعد أردوغان، حيث وجهت انتقادات من قبل معارضين بسبب ما قالوا إنه تقديم كبير لرئيس الشؤون الدينية في البرتوكول الخاص بالدولة وجلوسه في الصفوف الأولى متقدماً على الكثير من المسؤولين

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى