جريمة اغتصاب أرملة تهز موريتانيا..ونائب يستغرب من انعدام الأمن في بلد يحكمه الجنرالات
عربي تريند_ اجتاح غضب عارم الساحة السياسية الموريتانية بعد الإعلان أمس عن قيام عصابة إجرامية باغتصاب أرملة أمام ذويها في حي بمقاطعة توجنين شرق العاصمة، وهي المقاطعة التي شهدت قبل شهر من الآن حادثة اغتيال أستاذ جامعي شهير من طرف شبان أحداث منحرفين.
ولم يكد خبر حادثة الاغتصاب ينتشر مع فيديو شرحت فيه الضحية وهي تجهش بالبكاء تفاصيل الجريمة، حتى انفجرت الاحتجاجات على السلطات، عبر البيانات، وعبر اللايفات، والتدوينات.
وطالب النائب محمد الأمين مولود وهو من نواب العاصمة، الموريتانيين للتظاهر والاحتجاج، ورفض ما يتعرضون له من جرائم لم تتوقف رغم ما تدعيه السلطات، حسب قوله.
وقال في بث مباشر من صفحته على الفيس “تحدث هذه الجرائم في بلد يحكمه الجنرالات، وفي بلد أكثر ما يحتاجه الأمن .. فأي فشل أكبر من هذا؟! لم يعد الوضع يحتمل، هبوا للدفاع عن أمنكم، ولا تعولوا على الأنظمة الفاشلة!!”.
ودعا نشطاء ونواب مهتمون بانتشار الجريمة لتنظيم تظاهرات بعد صلاة الجمعة لمطالبة السلطات بخطة أمنية محكمة.
وخصصت وزارة الشؤون الإسلامية خطب الجمعة للحديث عن “الحرابة ومخاطرها الدينية والدنيوية”، ويأتي ذلك، وفقا لبيان من الوزارة، استظهارا لمخاطر الحرابة على الفرد والمجتمع، وإحياء للقيم الإسلامية السمحة التي توجب حماية النفس وصون الأعراض”.
ونظم عدد من الأئمة والعلماء اليوم يتقدمهم العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، ثاني وقفة احتجاج أمام القصر الرئاسي في نواكشوط للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية.
ونبه الشيخ الددو في كلمة ألقاها خلال الوقفة “إلى أن إقامة الحدود الشرعية مصلحة للعباد، فالله غني عنهم، ولم يشرع لهم شيئا إلا لمصلحتهم المتمحضة”، مردفا “أن إقامة حد شرعي واحد خير للأرض من المطر لأسبوع”.
وأشار الشيخ الددو “إلى أن العلماء المتظاهرين ليسوا بالخيار، وليسوا كالمطالبين بالحقوق الشخصية، وإنما يطالبون بحق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، وبإعلاء كلمة الله بين عباده، وبما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، ونزل به جبريل من عند الله، وهو تطبيق أحكام الله كلها دون استثناء، ودون اقتصار على أي جانب من جوانبها”.
وعلق وزير الإعلام السابق سيدي محمد محم على الحالة الأمنية بعد جريمة الاغتصاب، فأكد أنه “من حق المواطنين مطالبة المسؤول الذي اختاروه وانتخبوه بتأمينهم، ومن حقهم الانفعال والتفاعل ضد كل فعل إجرامي يحدث، إلا أن الاستغلال السياسي لذلك من طرف خصوم النظام ومعارضته أمر رخيص وعلينا أن لا نسكت عليه أحرى أن ننزلق معه”.
وأضاف الوزير محم “أن تصوير حوادث إجرامية لا تختص بها فترة دون أخرى على أنها انفلات أمني غير مسبوق وخلل غير قابل للمعالجة في بنية منظومتنا الأمنية، واستغلال ذلك كله لمهاجمة شخص رئيس الجمهورية دون علم أو بينة أمرٌ تأباه أخلاق الساسة وقيم السياسة النبيلة”.
وفي تعليق كتب المدون البارز محمد محفوظ أحمد “أن الأمن العام في موريتانيا ظل قليل التكاليف بفضل تقاليد المجتمع والردع الديني والاجتماعي، ولكن مع الكثافة الحضرية وانصرام تلك التقاليد ظهرت جريمة القتل وترعرعت وشبت وانتشرت، بحيث أصبحت هدفا للمجرمين في حد ذاتها، ولم تعد وسيلة لجرائم أخرى كالسطو والسرقة.”
وقال “رغم تعاقب الأنظمة العسكرية، المفترض أن الأمن حرفتها، سخرت الوسائل المتوفرة للأمن السياسي كالقمع والرقابة، ثم جاء نظام العشرية بما يشبه الثأر الشخصي من جهاز الشرطة الوطنية، فأقصي وهمش حتى نضبت موارده وارتخت قبضته وتحطمت معنوياته”.
“اليوم، يضيف المدون، ها هي الجريمة تبلغ درجة الإرهاب المجتمعي، وتتجاوز الحدود التقليدية، ولا يمكن تدارك الوضع دون اتخاذ اجراءات ثورية من قبيل إعادة الثقة في جهاز الأمن العمومي وتزويده بكل الموارد البشرية المؤهلة، والمادية الكافي، وإنشاء قطب قضائي خاص بجرائم الحرابة يملك صلاحيات ووسائل قوية، بما فيها الرقابة على السجون وضمان تنفيذ أحكامه كاملة بصرامة، ومن ضمن ذلك إنشاء معهد للتخصص في علوم الجريمة مزود بمعامل الأدلة الجنائية ومختبر للطب الشرعي، ولعل موريتانيا هي الدولة الوحيدة التي لا يوجد بها حتى اليوم مختبر أدلة جنائية, بل ولا خبرة البصمات”.
ودعا بيان لمنظمة نساء حزب التجمع (الإسلاميون) “لضرورة أن تتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها كاملة في حفظ أمن المواطنين فالوضع الأمني في تدهور خطير، كما دعا لوضع سياسة متعددة الأبعاد لمكافحة الجريمة وانتشار المخدرات والأخذ بيد كل من كان له دور من قريب أو بعيد في إفساد هذا المجتمع”.
وكتب الباحث الاجتماعي ديدي السالك “أن موريتانيا في وضعها الحالي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من حالة الدولة الفاشلة على غرار أغلبية جيرانها من دول الساحل”، مضيفا “أن ظاهرة الانفلات الأمني الذي تعرفه مدينة نواكشوط؛ ليست إلا إحدى تجليات عجز الدولة عن القيام بوظائفها ونتيجة طبيعية لممارسات الفساد المعمم؛ الذي ينخر جسم الدولة الموريتانية منذ عقود”.
وقال “إن ما نشاهده من انتشار للجريمة المنظمة في موريتانيا اليوم وخاصة في كل من مدينتي نواكشوط ونواذيبو؛ هو النتيجة الطبيعية للفساد المالي والإداري المنتشر في موريتانيا منذ عقود؛ والذي هو وليد الفساد السياسي؛ الذي أصبح له مدارس عريقة تخرج قادته باستمرار، وما لم يتم التصدي للفساد الكبير، فإن الدولة لن تستطيع إيقاف الجريمة المنظمة؛ التي هي الوليد الشرعي للفساد؛ وغير ذلك يعني أن الدولة الموريتانية مهددة بالانهيار أمام ضربات تحالف أباطرة الفساد وعصابات الجريمة المنظمة”.