الغارديان: رسائل لريجيني على فيسبوك قبل مقتله تظهر تخوفه من ديكتاتورية السيسي
عربي تريند_ تكشف الرسائل الأخيرة التي كتبها طالب الدراسات العليا الإيطالي جوليو ريجيني ونشرها على صفحته في فيسبوك عن مخاوف من الدراسة في مصر.
وفي تقرير أعده أنتوني هيوارد ونشرته صحيفة “الغارديان” قال فيه إن طالب الدكتوراة بجامعة كامبريدج إنه شعر بالقلق والمخاطر التي سيجدها وهو يعد أطروحته حول موضوع حساس في مصر وهي النقابات العمالية، ولكن الطالب البالغ من العمر 28 عاما والذي اختفى في كانون الثاني/يناير 2016 فكر أن أسوأ ما سيحدث له هو ترحيله قبل أن يتم بحثه.
وبدلا من ذلك فقد اختطف من الشارع وعذب وألقيت جثته شبه العارية على قارعة الطريق في جريمة بشعة يتهم 4 رجال أمن مصريين بها ويواجهون المحاكمة في شهر تشرين الأول/أكتوبر بروما.
وكتب ريجيني قبل مغادرته إلى القاهرة “مصر بلد صعب هذه الأيام”. وحصلت الصحيفة على رسائل من صديق له، وقال في إحداها: “عادت الديكتاتورية وحتى وقت قريب لم يكن أحد يعرف مدى الوحشية التي ستذهب إليها، ويظهر أنها “تستقر” الآن وهذا الوضع محفوف بالمخاطر للغاية”.
وبات التغييب القسري حالة يومية في ظل عبد الفتاح السيسي ووثقت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان 2.723 حالة تغييب في السنوات الخمس الماضية تم تعذيب وقتل عدد منهم.
وكان ريجيني طالبا غير عادي، فهو أجنبي وطالب دكتوراة إيطالي في كلية غيرتون بجامعة كامبريدج وانتقل إلى القاهرة في أيلول/سبتمبر 2015 لإنجاز أطروحة في مجال دراسات التنمية حول النقابات العمالية المستقلة في مصر. وهو موضوع حساس في بلد لديه تمثيل كبير للعمال أثناء الربيع العربي الذي جلب مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي إلى السلطة عام 2012. وبعد 12 شهرا أطيح بمرسي في انقلاب جلب قائد الجيش الذي فتح الطريق لعودة العسكر إلى السلطة. وقرر ريجيني الذي درس السياسة واللغة العربية بجامعة ليدز القيام بعمله في القاهرة من أيلول/سبتمبر 2015 إلى آذار/مارس 2016، مع قضاء عطلة أسبوعين مع عائلته أثناء أعياد الميلاد في شمال إيطاليا.
وفي تشرين الأول/أكتوبر، بعد شهر من وصوله إلى مصر وصف النقابات العمالية بأنها “القوى الوحيدة الباقية من المجتمع المدني”. وركز على الباعة المتجولين في الشوارع والذين يبلغ عددهم 6 ملايين تاجر. وقاموا بإنشاء نقابة عمالية لمواجهة قمع الحكومة. وقال ريجيني إن الوضع في القاهرة:” محبط ولكنه ليس جنونيا كما في 2013″. و “لا يبدو أن هذه ستكون 30 سنة أخرى” في إشارة إلى فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك. لكن الأمور تغيرت واتخذت مسارا آخر عندما اكتشف ريجيني أثناء مشاركته في اجتماع للناشطين أن امرأة محجبة تقوم بالتقاط صور له، مما أثار قلقه وأنه ملاحق. وشعر بالانزعاج من الباعة الذين باتوا يطلبون منه هواتف نقالة وطلب منه مدير النقابة مساعدات مالية لدفع فواتير العناية الطبية للعائلة. وعندما رفض ريجيني قام محمد عبد الله بالإبلاغ عنه إلى الشرطة زاعما أنه جاسوس. وفي واحدة من رسائله الأخيرة، طلب من ريجيني المساعدة بترجمة ورقة كتبها إلى الإنكليزية. وبعد 5 أيام اختطف من شارع عندما كان في طريقه للسهر ليلا. وبعد9 أيام عثر على جثته ملقاة على طريق القاهرة- الإسكندرية السريع. وتعرض للتعذيب والضرب والطعن قبل أن تكسر عنقه عندما ضرب من الخلف بأداة ثقيلة.
وكانت جراحه سيئة بدرجة لم تستطع والدته باولا التعرف على جثته إلا من طرف أنفه. وما تبع ذلك محاولة من الحكومة للتستر. وتعهد الرئيس السيسي في مقابلة مع صحيفة “لاريببلكا” بملاحقة الجناة. ولكن الحكومة قالت لاحقا إن القتلة هم عصابة سرقة قتلت الشرطة كل أفرادها. إلا أن المحققين بإيطاليا اكتشفوا سجلات على هاتف زعيم العصابة وتظهر أن أفرادها لم يكونوا في القاهرة وقت اختفاء ريجيني. وتوصل المحققون إنه تم وضع هوية الطالب في واحد من العناوين العصابة. وبناء على شهادات أشخاص قالوا إنهم شاهدوا التحقيق مع ريجيني، قرر قاض إيطالي توجيه اتهامات لـ 4 من ضباط المخابرات المصرية وهم الجنرال طار ق صابر والعقيد هشام حلمي والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم والرائد مجدي إبراهيم عبد العال شريف. ويتهم الأخير بالتآمر للقتل.
وأغلقت مصر القضية ورفضت ترحيل المتهمين إلى إيطاليا لكن القضية ستمضي بدون حضورهم. وقال يوهانس سيفنسون الذي سكن مع ريجيني في القاهرة عندما كان يعمل مع وكالة تابعة للأمم المتحدة عام 2013، وفي وقت الإطاحة بمرسي إن ريجيني “كان مهتم بكيفية عمل الباعة المتجولين الذين ترى أنهم ضعاف ولكن لديهم القدرة على تنظيم أنفسهم وممارسة الضغط السياسي”. وقال سيفنسون إن ريجيني كان أكاديميا وليس محرضا سياسيا. وفي الحقيقة كان ريجيني شخصا حذرا عندما خرجا إلى الشارع للاحتفال بالانقلاب على مرسي. ومنذ مقتله تحول ريجيني إلى شهيد للمختفين في مصر السيسي. ويقول صديقه على فيسبوك “لهذا السبب هناك كتابة جدارية له في القاهرة” و “شخصية ممثلة لهذا”.