مصر والسودان يرفضان فعلا أحاديا في ملء وتشغيل سدّ النهضة
عربي تريند_ قال وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، الجمعة، إن مصر والسودان لن يقبلا بالفعل الأحادي لملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وحسب بيان للوزارة تناول لقاء جمع الوزير بقيادات مؤسسة «ماعت» لحقوق الإنسان أمس، وهي منظمة عضو مؤسس في المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام» «حرص مصر على استكمال مفاوضات سد النهضة للتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، مع تمسك بثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة».
وبيّن عبد العاطي أن «مسار المفاوضات الحالية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي لن يؤدي لحدوث تقدم ملحوظ، وأن مصر والسودان طالبتا بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشارك فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط بين الدول الثلاث».
كما شدد على «أهمية أن تتسم المفاوضات بالفاعلية والجدية لتعظيم فرص نجاحها، خاصة مع وصول المفاوضات إلى مرحلة من الجمود نتيجة للتعنت الإثيوبي».
أضرار جسيمة
ولفت إلى «لأضرار الجسيمة التي تعرض لها السودان نتيجة الملء الأحادي في العام الماضي، والذي تسبب في معاناة السودان من حالة جفاف قاسية أعقبتها حالة فيضان عارمة بسبب تنفيذ الجانب الإثيوبي عملية الملء الأول دون التنسيق مع دولتي المصب، ثم إطلاق الجانب الإثيوبي كميات من المياه المحملة بالطمي خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي دون إبلاغ دولتي المصب مما تسبب في زيادة العكارة بمحطات مياه الشرب في السودان».
وأوضح أن «مصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية؛ حيث أقامت مصر العديد من سدود حصاد مياه الأمطار ومحطات مياه الشرب الجوفية لتوفير مياه الشرب النقية في المناطق النائية البعيدة عن التجمعات المائية مع استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية في عدد كبير من الآبار الجوفية بما يسمح باستدامة تشغيلها، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسي النهرية، ومساهمة الوزارة في إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية، كما تساعد مصر الدول الأفريقية في بناء السدود، ومنها على سبيل المثال سد (ستيجلر جورج) على نهر (روفينجي) في تنزانيا، والذي ينفذه عدد من الشركات المصرية، وبما يلبي طموحات الشعب التنزاني في تحقيق التنمية، بالإضافة لما تقدمه مصر في مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل».
وأشار إلى «الدور المهم الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني في التعريف بقضايا المياه في قارة أفريقيا وتحقيق التواصل وتبادل الرؤى بين الشعوب المختلفة، وتصحيح المفاهيم والأكاذيب الخاطئة التي تُروج ويتداولها البعض فيما يخص قطاع المياه».
ولفت إلى أن «منظمة «ماعت» هي عضو مؤسس في المبادرة الأفريقية «النيل من أجل السلام» التي دشنت في العاصمة الأوغندية «كمبالا» في شهر أبريل/ نيسان الماضي، وصدرت عنها وثيقة تدعو للوصول لاتفاق قانوني ملزم بين مصر والسودان وإثيوبيا فيما يخص سد النهضة الإثيوبي يحافظ على مصالح الدول الثلاث، مع تأكيد حق كل دولة في تحقيق التنمية لشعوبها دون التأثير على مصالح الشعوب الأخرى، وتضم المبادرة 500 عضو من 60 دولة حتى الآن.
كسب الوقت
في الموازاة، حذرت «اللجنة الشعبية للحفاظ على النيل» من المراوغات الإثيوبية المتكررة على مدار السنوات السابقة، لكسب الوقت وإعاقة أي فرصة للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بهدف مواصلة سياساتها العدوانية ضد مصر والسودان، وإدارة النهر ومشروعاته بإرادة منفردة.
«الجبهة الشعبية للحفاظ على النيل» تحذر من «المراوغات» الإثيوبية
وقالت اللجنة المشكلة من أحزاب سياسية مصرية معارضة، إنها «تابعت الإعلان المصري – السوداني بوصول مفاوضات سد النهضة الإثيوبي لطريق مسدود».
وأكدت «حق مصر المشروع في الدفاع عن النفس باستخدام كل موارد القوة بما في ذلك القوة المسلحة لحماية الحق في المياه والحياة».
ولفتت إلى أن «أي اتفاق قانوني بشأن سد النهضة يجب أن يقوم على مبادئ القانون الدولي بخصوص الأنهار الدولية والتي تتعارض مع التوجهات الإثيوبية لخصخصة النيل وتحويله لبحيرة إثيوبية، وحق مصر والسودان في الإدارة المشتركة لأي سدود تنشأ على النيل الأزرق بأولوية للإطار القانوني على التفصيلات الفنية، وعلى ضرورة احترام الاتفاقيات والتعهدات الدولية ذات الشأن».
كما أكدت الجبهة «رفضها القاطع لوضع محبس على النيل يمنع تدفق المياه لمصر والسودان، وتحويل المياه إلى سلعة وتحويل نهر النيل إلى بورصة مياه ورفض مد نهر النيل إلى أية دولة من غير دول الحوض».
وشددت على أن «هذا الإطار هو ما يتفق مع قواعد القانون الدولي، ومن الواجب مراجعة أي اتفاق او إعلان يتعارض مع هذه المبادئ».
كما أكدت «ثقتها في أن مصر تملك من موارد القوة ما يكفي لحسم هذه المواجهة لصالح الحق في الحياة، وأنها في سبيل هذا الحسم توضح عدالة موقفها للشعوب الأفريقية وشعوب العالم والمجتمع الدولي، ولكنها لن تنتظر إذنا من أحد، ويقبل شعبها ـ الذي يواجه تهديدا وجوديا ومصيريا لشريان الحياة – كل تضحية ولا يقبل العدوان».
وكانت مصر والسودان أعلنتا في بيان مشترك، قبل أيام، وصول المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي، وأن البلدين توافقا على ضرورة التنسيق للتحرك لحماية الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة وفي القارة الأفريقية، وهو ما يتطلب تدخلا نشطا من قبل المجتمع الدولي لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها القائمة على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب والإرادة المنفردة التي تواصل إثيوبيا اتباعها والتي تتجسد في إعلانها عزمها على ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل دون مراعاة لمصالح السودان ومصر.
قمة لقادة حوض النيل
إلى ذلك، اقترح يوري موسيفيني، رئيس أوغندا، على إثيوبيا عقد قمة على شكل مؤتمر لقادة دول حوض النيل من أجل مناقشة القضايا الخلافية حول استخدامات النهر.
وقال سيلشي بيكيلي، وزير الري الإثيوبي، إن الرئيس الأوغندي عرض عليه أثناء زيارته لأوغندا، أنه سيحاول مع رؤساء الدول توجيه الوزراء المعنيين من قبل رؤساء الدول والحكومات.
وفي وقت سابق، أكد موسيفيني دعم بلاده للحوار المفضي لتحقيق مكاسب لكل الأطراف في أزمة سد النهضة، مشيرا إلى أن المدخل الصحيح لمعالجة نقاط الخلاف هو الاتفاق على الرؤية الاستراتيجية لإدارة مياه النيل، معتبرا أن ملء وتشغيل السد يتطلب النظر إلى الجوانب البيئية، متفهما موقف السودان الداعي إلى مفاوضات منتجة تفضي إلى نتائج تحقق الرضا لكل الأطراف.
وتصر إثيوبيا على ملء ثانٍ للسد، يُعتقد أنه في يوليو/ تموز وأغسطس/ آب المقبلين، بعد نحو عام على ملء أول، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، بينما يتمسك السودان ومصر بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي للحفاظ على منشآتهما المائية، وضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل
وتتفاوض الدول الثلاث منذ 2011 للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكنها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق. وتبني إثيوبيا السد على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر، وترى أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديدا حيويا لها، إذ تحصل على 90 ٪ من مياه الري والشرب من نهر النيل.