شرطة الاحتلال تشنّ حملة اعتقالات واسعة في محاولة لردع وترهيب فلسطينيي الداخل
عربي تريند_ صعّدت الشرطة الإسرائيلية اعتقالاتها داخل أراضي 48 ضمن حملة “نظام وقانون” وفيها اعتقلت حتى الآن مئات من فلسطينيي الداخل بسبب مشاركتهم في فعاليات واحتجاجات ومظاهرات نصرة للقدس وغزة، وسط تحذيرات من قيامها بعمليات انتقام ومحاولات كسر إرادتهم.
ويوضح المحامي عمر خمايسي من مركز “الميزان” لـ”القدس العربي” أن ما يجري الآن داخل أراضي 48 هو “حرب اعتقالات ومداهمات ليلية” تهدف لترهيب فلسطينيي الداخل. لافتا لاعتقال نحو 1500 فلسطيني في الداخل كثيرون منهم قاصرون، فيما تم تقديم نحو 200 لائحة اتهام بحقهم كافتها ضد العرب عدا بضع لوائح اتهام موجهة لمواطنين يهود.
ويؤكد خمايسي أن السلطات الإسرائيلية تقوم بحملة اعتقالات بالجملة في محاولة لترويع فلسطينيي الداخل وثنيهم عن المشاركة في نضالات شعبهم وإخراجهم من دائرته، داعيا قيادات العمل السياسي والأهلي للتحرك السريع ومواجهة هذه الحملة الإسرائيلية التعسفية الانتقامية.
وعلى خلفية الكيل بمكيالين، دعت إذاعة عبرية، النيابةَ العامة لعدم الوقوع في خطأ مريع يتمثل بملاحقة الشباب العرب وصرف النظر عن المعتدين اليهود والتعامل معهم بقفازات من حرير. يشار إلى أن النيابة العامة الإسرائيلية قد أعلنت أنها تعتبر الاعتداءات تمت على خلفية عنصرية تمهيدا لاستصدار أحكام قاسية على المتظاهرين العرب وفق ما يؤكده خمايسي. وأبرق الدكتور ثابت أبو راس، وأمنون بئيري سوليتسيانو رئيسا جمعية “مبادرات إبراهيم” العربية – اليهودية برسالة إلى مدير عام الشرطة الإسرائيلية الجنرال كوبي شابتاي، مطالبين بالتحقيق في تصرفها خلال الأسابيع الأخيرة مع المواطنين العرب وخصوصاً في البلدات المختلطة.
صورة مقلقة
وأكدت الرسالة أن الشهادات والأدلة المتراكمة التي شهدتها الأحداث الأخيرة تقدم صورة مقلقة للوضع في المدن المختلطة، حيث يخشى المواطنون العرب الأبرياء مغادرة منازلهم، ويخافون أيضا حتى داخل المنزل بعد أن أقدم مثيرو الشغب من اليمين المتطرف بوسم البيوت العربية بكتابات تدلل على هويتهم تمهيدا للاعتداء عليهم. وقالت الرسالة إن كثيرا من مجموعات المعتدين اليهود، بما في ذلك الجماعات المسلحة ليسوا من سكان المدن المختلطة، وهم يتجولون بطريقة حرة في المدن المختلطة، يهاجمون ويهدّدون المواطنين العرب. ونوه أبو راس وسوليتسيانو في رسالتهما أنه في كثير من الأحيان يرافق أفراد الشرطة هؤلاء المشاغبين المعتدين لتوفير الحماية. وأضافا: “ورغم هذه الحالات التي تم توثيق بعضها وبلغت ذروتها في محاولة إعدام مواطن عربي في مدينة بات يام جنوبي تل أبيب قبل يومين حتى الآن لم يتم تقديم لوائح اتهام ضد يهود لأعمال شغب على خلفية قومية، لكن فقط ضد العرب. حتى قاتل المرحوم موسى حسون من سكان اللد والذي قتل برصاص أحد السكان اليهود من المدينة، لم يتم تقديم لائحة اتهام ضده”.
تقرير مراقب الدولة في موضوع التربية للحياة المشتركة ومنع العنف
وتطرقت جمعية “مبادرات إبراهيم” للتقرير الأخير لـ”مراقب الدولة” حول التربية للحياة المشتركة ومنع العنف. وقالت إنه لا يوجد رمزية أكثر من أن يصدر تقرير مراقب الدولة حول التربية للحياة المشتركة ومنع العنصرية بالذات في هذا الأسبوع: أزمة عميقة تتصاعد إلى عداء وعنف واسعي النطاق بين المواطنين اليهود والعرب في جميع أنحاء البلاد. وتنوه “مبادرات إبراهيم” أن التقرير المذكور يظهر عمق فشل وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية في بلورة مجتمع متضامن وشامل.
وتابعت: “في واقع مثل هذا الانقسام القومي العميق وتيارات التربية اليهودية والعربية المنفصلة بشكل محكم، فإن التعليم للحياة المشتركة ليس رفاهية بل ضرورة وجودية”. وقالت إن الشباب المشاغبين في شوارع المدن، والعنصرية الصارخة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، والطلاب والمعلمين المتورطين في أعمال عنف، كل هذا يشهد على حجم هذا الفشل المستمر. يشار إلى أن مدير مدرسة يهودي من مدينة كفار سابا تم رصده وهو يلقي الحجارة وسط الشارع على مارة عرب داخل مدينة اللد. وبعد الكشف عن الفضيحة بفيديوهات في منتديات التواصل الاجتماعي، اكتفت وزارة التعليم الإسرائيلية بالإعلان عن نيتها أنها ستقيم “جلسة استماع” للمدير لكنها لم توقفه عن العمل.
وفي هذا السياق، تساءل النائب وليد طه، من القائمة العربية الموحدة، في حديث للقناة العبرية 12 بالقول: “تخيلوا لو كان مدير المدرسة عربيا؟ هل كانت الوزارة لتكتفي بهذا الموقف المريب أم أنها كانت ستوقفه فورا عن العمل وتطالب بمحاكمته؟”.
فقدان التربية على الحياة المشتركة
وفي سياق الحديث عن ذلك، قالت “مبادرات إبراهيم”: “بكوننا في مبادرات إبراهيم نتعامل مع هذه القضية بشكل يومي، فإننا ننظر بقلق إلى الآثار المترتبة على انخفاض تخصيص الموارد لمعالجة هذا المجال المهم. نرى حاجة مدراء المدارس والمعلمين قد اكتسبت زخماً في السنوات الأخيرة إلا أنها لا تلاقي الاستجابة الكافية”. واعتبرت أنه من المواضيع المقلقة التي تطرق إليها تقرير “مراقب الدولة” عدم وجود استراتيجية شاملة لهذا الموضوع، ولا يوجد تحسين عند الطلاب في تقبل الآخر والحياة المشتركة، وعدم وجود أي مقاييس وأدوات تقييم لمدى انتشار ظاهرة العنصرية في نظام التعليم. كما قالت إنه منذ قرار وزارة التعليم الإسرائيلية في عام 2014 بشأن برنامج التثقيف المنهجي للحياة المشتركة ومنع العنصرية، لم يتم تنفيذ مثل هذا البرنامج. ونوهت أنه نتيجة لذلك، فإن المشاركة المدرسية في برامج تعليم التربية للحياة المشتركة هي أمر تطوعي وتخضع لقرار المدرسة ولا يتم قياسها وتقييمها بطريقة منظمة.
كما أكدت “مبادرات إبراهيم” أن الوزارة لم تقم بدمج موضوع التربية للحياة المشتركة بشكل مرضٍ في تعليم موضوع المدنيات، كما وأن دراسة الموضوع ما زالت اختيارية. وتطالب جمعية مبادرات إبراهيم بمأسسة مجال مركزي خاص بـ”التربية للحياة المشتركة” ويشمل تعليم اللغة والثقافة العربية لليهود، تعليم اللغة والثقافة العبرية للعرب، لقاءات منتظمة وثابتة ومتعددة السنوات بين العرب واليهود (وخصوصاً التعليم المشترك) لمواضيع وفق اختيار المدرسة كمواضيع إجبارية وليس طواعية. كما أشارت لضرورة اعتماد التربية للحياة المشتركة وضد العنصرية وتوسيع موضوع المدنيات وتعليم الروايات المختلفة للطلاب والتعلم عن النكبة الفلسطينية للطلاب العرب واليهود.
تعليم النكبة
يشار إلى أن محرر صحيفة “هآرتس” ألوف بن، كان قبل ثلاثة أسابيع قد دعا لتعليم النكبة الفلسطينية في المدارس الإسرائيلية. وقال متسائلا: “لماذا يجب أن تهرب الدولة من ماضيها حتى لو اعتبر الانشغال به أمراً غير سار، وتتصاعد منه أسئلة أخلاقية صعبة”. وخلص ألوف بن للقول: “هذا هو واجبها تجاه مواطنيها، الذين من حقهم معرفة ما حدث هنا من قبل لفهم أسباب ودوافع ما يحدث الآن. إن قانون القومية، والفشل المتكرر لأحزاب (فقط ليس نتنياهو) في تشكيل ائتلاف يهودي عربي، وحماس في غزة، والسلطة الفلسطينية في رام الله، إخلاء العرب من بيوتهم في يافا كلها نتائج متواصلة لولادة مشكلة اللاجئين الجزء المظلم من حرب الاستقلال. يجب الحديث عن ذلك”.
لا نريد قمة مغمسّة بدم شعبنا
وقال رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة في حديث لصحيفة “الاتحاد” الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الإسرائيلي في هذا المضمار: “الآن بالنسبة لنا، نحن لا نختلف مع إسرائيل على “نقلة كركار” ليضعوها لنا أمام المنزل، ولسنا على خلاف مع الحركة الصهيونية على جدار واقٍ في مكان معيّن، إنما على قضية أكبر من هذا بكثير، وهم يختلفون معنا على وجودنا بالأساس، وهم يعتبرون بقاءنا في وطننا خطأ، فما معنى أن يروج البعض أن أعطونا بعض الحقوق المدنية ولنضع القضية القومية جانباً؟”.
وأكد أن الخلاف أصلاً ليس على الحقوق المدنية، رغم أن إسرائيل تنفيها حتى في قانون القومية، لكن الصراع معهما هو على الوجود. وتابع: “هذا ما قاموا به عام 48 بتهجير غالبية شعبنا، وهذا ما دأبوا عليه منذ ذلك الوقت وحتى الآن، في إقصاء الشعب الفلسطيني وإخراجه خارج حق تقرير المصير، خارج الجغرافيا وخارج التاريخ، إذا كان خلافنا على البيت، فلماذا يصور البعض أنه على كرسي أو حتى أين يمكن وضعه؟ هذا كلام غير معقول، وأنا أقول أكثر من ذلك، وقد ذكرت هذا مراراً وسمعه من يجب أن يسمعه، نحن لا نريد حقوقاً مغمسة بدم شعبنا”.