العالم تريند

لوموند: ماذا تعني إعادة إدماج نظام الأسد في جامعة العربية؟

عربي تريند_ “إعادة إدماج سوريا بشار الأسد في جامعة الدول العربية”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إننا قد نشهد مشاركة رئيس النظام  السوري في القمة العربية المقبلة. وهو قرار ترى الجامعة العربية أنه ضروري بسبب الحاجة إلى إيجاد مَخْرج من حرب تؤثر على دول الجوار.

فقد قررت الدول العربية طيّ صفحة الصراع السوري، بعد اثني عشر عامًا من الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف من الأرواح وملايين اللاجئين. وبالتالي، فبحسب لوموند فإن بشار الأسد، المحظور من المجتمع الدولي، والمتهم بارتكاب جرائم حرب، يحقق انتصارًا دبلوماسيًا جديدًا، بموافقة دول الجامعة العربية، بقيادة السعودية، العازمة على إظهار ريادتها في الشؤون الإقليمية، في سياق فكّ الارتباط الأمريكي عن الشرق الأوسط، وانفراج العلاقات مع إيران، يوم الأحد على إعادة دمج سوريا. فبعد استبعاده في عام 2011، يستعيد نظام دمشق مقعده داخل الكيان العربي، ويمكن لبشار الأسد المشاركة في القمة السنوية لرؤساء الدول التي ستعقد في جدة في 19 مايو الجاري.

بعد استبعاده في عام 2011، يستعيد نظام دمشق مقعده داخل الكيان العربي، ويمكن لبشار الأسد المشاركة في القمة السنوية لرؤساء الدول التي ستعقد في جدة في 19 مايو الجاري.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في افتتاح الاجتماع الطارئ بالقاهرة: “كل مرحلة من مراحل الأزمة السورية أثبتت عدم وجود حل عسكري، ولا خاسر ولا رابح. السبيل الوحيد للتسوية في سوريا هو الحل السياسي دون إملاءات خارجية”.

وتقول الجامعة العربية، في بيان صحافي، إن إعادة اندماج نظام الأسد “أمر لازم لضرورة إيجاد مخرج من هذه الحرب، التي تؤثر تداعياتها الأمنية والإنسانية والسياسية على دول الجوار، مثل قضية اللاجئين السوريين، هناك تهديد الإرهاب وتهريب الكبتاغون، الأمفيتامين الذي يغمر به نظام الأسد المنطقة”.

ويأتي هذا القرار تتويجاً لجهود التطبيع التي يقوم بها النظام السوري بدعم من موسكو، منذ أكثر من خمس سنوات. بعد أن استعادت قوات الأسد معظم أراضي البلاد في عام 2018، بمساعدة الرعاة الإيرانيين والروس، كان على دول المنطقة أن تلاحظ “انتصار” الديكتاتور السوري، تقول “لوموند” موضحة أنه تم بعد ذلك توقيف دول الخليج تمويل المعارضة السورية.

واعتبرت الصحيفة  أن موقف المملكة العربية السعودية غيّر الوضع، فمنذ التطبيع مع طهران، في العاشر من مارس/ آذار، تحت رعاية بكين، تعمل الرياض على إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط لتحقيق توازن إقليمي جديد. فإلى جانب إحياء جهود السلام في اليمن، يعتبر التطبيع العربي مع نظام الأسد من أولويات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 ينشغل الدبلوماسيون السعوديون في إيجاد إجماع عربي. وضربت المملكة العربية السعودية نموذجاً من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري بزيارة رئيس الدبلوماسية الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق، في 18 أبريل المُنصرم.

وأدت سلسلة لقاءات نُظمت في جدة وعمان للتفاوض مع النظام السوري، بشأن شروط عودته إلى الجامعة العربية، إلى رفع بعض التحفّظات، خاصة من مصر، التي تحرص على تجنّب واشنطن. من جانبها، أكدت قطر، التي ما تزال تستبعد تطبيع علاقاتها مع دمشق في ظل غياب حل سياسي، أنها لن “تضع أي عقبة” أمام إعادة إدماج سوريا في جامعة الدول العربية.

بالنسبة لمعارضي نظام الأسد، يعتبر قرار الجامعة العربية هذا بمثابة خيانة، حيث قال الائتلاف الوطني السوري، تحالف المعارضة الرئيسي، إن القرار يرقى إلى “التخلي عن السوريين وتركهم من دون دعم عربي رسمي”. وتضيف المجموعة التي تتخذ من تركيا مقراً لها: “من غير المقبول السماح لـ (الأسد) بتجنب العقوبة على جرائم الحرب التي ارتكبها ضد السوريين”. لكن موقفهم بات أكثر هشاشة مع انخراط الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحت رعاية روسيا، منذ صيف عام 2022، في مفاوضات مع نظام الأسد. وهذا الأخير يجعل الانسحاب التركي من الجيب الذي يسيطر عليه المعارضون السوريون في شمال غرب البلاد شرطًا أساسيًا.

وتابعت “لوموند” القول إن دول الجامعة العربية تراهن على جلب بشار الأسد “خطوة خطوة” إلى التنازلات. قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، يوم الجمعة، إن العملية ستكون “طويلة وصعبة للغاية”. وتتولى مجموعة اتصال وزارية مكونة من السعودية ومصر والعراق والأردن ولبنان والأمين العام لجامعة الدول العربية المسؤولية عن تنفيذ خارطة طريق بالتنسيق مع الحكومة السورية.

بناءً على مبادرة قادتها الأردن، يدعو إعلان عمّان إلى حل سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي ينص على صياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات برعاية الأمم المتحدة وإطلاق سراح المعتقلين، وتسوية مصير المختفين. ويدعو دمشق إلى التعاون للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق سوريا والعودة الطوعية والآمنة للاجئين والنازحين السوريين. مواجهة التهديد الإرهابي- من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية- والحدّ من تهريب المخدرات.

تحت رعاية بكين، تعمل الرياض على إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط لتحقيق توازن إقليمي جديد. فإلى جانب إحياء جهود السلام في اليمن، يعتبر التطبيع العربي مع نظام الأسد من أولويات ولي العهد محمد بن سلمان.

تنص خارطة الطريق هذه، في مرحلتها الأخيرة، على انسحاب جميع المقاتلين الأجانب من سوريا، ولا سيما المقربون من إيران، وكذلك جميع القوات الأجنبية، بما في ذلك قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. لم يعد الحد من النفوذ الإيراني في سوريا شرطًا أساسيًا. وأكدت زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق، يومي 3 و 4 مايو، أن الأسد لا ينوي بأي حال من الأحوال تقديم أي تنازلات بشأن هذا الموضوع. قال ميشيل دوكلوس، السفير السابق في سوريا: “كما فعل والده من قبله، سيلعب بشار الأسد ضد بعضه البعض للحصول على مساحة للحكم الذاتي”.

واعتبرت “لوموند” أن الرافعات المتاحة لدول المنطقة لإجبار الأسد على تقديم تنازلات هي اقتصادية بشكل أساسي. فبينما تمر سوريا بحالة ركود، وعدت الدول العربية دمشق بمزيد من المساعدات الإنسانية، وقبل كل شيء، بالمطالبة بتخفيف تدريجي، أو حتى رفع، في نهاية المطاف، للعقوبات الغربية التي تعرقل أي احتمال لإعادة الإعمار في سوريا. ويشكل رفع العقوبات الأمريكية في إطار قانون قيصر في عام 2019، تحديًا. وقد جدّدت إدارة بايدن معارضتها لأي تطبيع مع نظام الأسد في غياب حل سياسي.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى