واشنطن بوست: النقاش في أمريكا يتحول بشأن إسرائيل والكل تغير إلا بايدن
عربي تريند_ يرى المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” إيشان ثارور إن النقاش حول إسرائيل يتغير مهما كان رد الرئيس جوزيف بايدن “الوديع/الخانغ”. وقال إن تعامل الرئيس مع الأزمة الأخيرة في غزة جعله في مرمى النار من كل الأطراف. وفاجأت الأزمة إدارته التي لم تكن جاهزة لمواجهة العنف. وأشار نقاد الإدارة إلى عدم اهتمام البيت الأبيض الذي ركز أولويات السياسة الخارجية بعيدا عن الشرق الأوسط، فمن رموز اليمين مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو الذي اتهم الرئيس بعدم الوقوع بشكل “لا لبس فيه” مع إسرائيل في وجه صواريخ الإرهابيين إلى حزبه الذي اتهمه عدد من نوابه بعدم الإستعداد لنقد سياسات وأفعال إسرائيل بشكل واضح ودور الولايات المتحدة في وصول الأزمة عند هذه النقطة. وفي يوم الأحد قررت عدة منظمات إسلامية أمريكية بارزة مقاطعة حفلة العيد الإفتراضية للبيت الأبيض على أرضية أن الإدارة “متواطئة” في معاناة الفلسطينيين.
ومن جانبه أصدر بايدن سلسلة من التصريحات الفاترة دعا فيها لخفض التصعيد ودافع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وراوغ في حديثه عن أخطاء الطرفين. ولكن إدارة بايدن عملت مرة أخرى على حماية إسرائيل في مجلس الأمن ومنعت صدور قرار يشجبها ويدعو لوقف إطلاق النار.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات للتلفزة الامريكية والإسرائيلية إنه ليس جاهزا لوقف العمليات العسكرية مهما كان الضغط الدولي بسبب الإفراط في استخدام القوة. وكان يوم الأحد الأكثر دموية حيث قتلت غارة إسرائيلية قبل الفجر 42 فلسطينيا ومن بينهم 10 أطفال، بحيث وصل عدد القتلى الآن إلى أكثر من 197 شخصا بمن فيهم أكثر من 58 طفلا. وأطلقت حماس والجماعات المسلحة في غزة أكثر من 3.000 صاروخ باتجاه إسرائيل حسب مصادر الجيش الإسرائيلي وأكبر من العدد الذي أطلق في أثناء حرب 2014. واعترضت الدفاعات الإسرائيلية معظم هذه الصواريخ لكنها أدت لمقتل عشرة إسرائيليين، فيما انتشر العنف داخل الضفة الغربية ومدن إسرائيل.
وفي الوقت الذي تبرر فيه اسرائيل دكها لغزة بأنه ضرورة إلا أنها ضرباتها أدت لمقتل المدنيين واستهدفت بنايات وأبراجا منها واحد استخدمه الإعلام الدولي. وأجبر الألاف على ترك منازلهم المزدحمة ومن بينهم أبناء عائلات أجبروا على ترك منازلهم في 1948 بعدما احتلت القوات الإسرائيلية والعصابات المسلحة بيوتهم. وزادت الأحداث الأخيرة من الصدمة لدى الفلسطينيين حول العالم الذي أحيوا نهاية الأسبوع ذكرى النكبة الأصلية.
وأشار ثارور إلى الدعم الواضح لمأساة الفلسطينيين الواضح في واشنطن، وفي مقال جرى توزيعه بشكل واسع قال فيه السناتور عن فيرمونت بيرني ساندرز ونشرته صحيفة “نيويورك تايمز” ركز فيه على واقع الفلسطينيين تحت الحصار وأشار فيه إلى الفساد الذي أطلق العنان له عندما قام الغوغاء من اليهود المتطرفين في القدس ومحاولات إسرائيل التي تعلوها علامات الاستفهام لطرد عائلات فلسطينية من بيوتها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية.
وقال ساندرز “لا مبرر لهجمات حماس التي حاولت استغلال الاضطرابات في القدس او فشل السلطة الوطنية الفاسدة والعاجزة والتي أجلت الانتخابات التي فات موعدها” مضيفا أن “واقع الحال هو أن إسرائيل هي السلطة السيادية في أرض إسرائيل وفلسطين وبدلا من التحضير للسلام والعدل فإنها تقوم بتحصين سيطرتها غير العادلة وغير الديمقراطية”.
ويعلق ثارور أن صوت ساندرز في زمن آخرـ كان سيكون نشازا ووحيدا بين زملائه، لكنه لم يعد كذلك، فهناك عدد من زملائه بمن فيهم داعمون لإسرائيل أصدروا بيانات عبروا فيها عن عدم رضاهم من الضحايا الذين تسببت بها الهجمات الإسرائيلية على غزة.
وأتهم آخرون إسرائيل بالفصل العنصري، وهو اتهام وجهته منظمات حقوقية لكنه كان حتى وقت قريب “تابو” محرما في واشنطن.
ولا يزال الدعم من الحزبين لإسرائيل واضحا إلا أن المحللين يشيرون إلى تحول. فهناك تركيز جديد على حقوق الفلسطينيين كمضاد للحديث السابق عن الدولة الفلسطينية المؤجلة، مما أضاف إطارا من العدالة الاجتماعية للنزاع. وقال ساندرز “علينا الاعتراف بأن حقوق الفلسطينيين مهمة وكذا حياتهم”.
ويمثل التحول مشكلة شائكة لبايدن الذي أكد على أولوية حقوق الإنسان في سياسته الخارجية بعد دخوله البيت الأبيض. وكتبت كل من زها حسن ودانيال ليفي في “فورين بوليسي” أن “السياسة الخارجية الأمريكية كانت جيدة في إدارة عدم التناسق والنفاق، ولما تبتعد عن هذه القيم المعلنة والالتزامات فيما يتعلق الأمر بمعاملة إسرائيل للفلسطينيين فإنك تكشف عن ضعف يمكن أن يستغله الأخرون” و “ليس من الصعب تخيل ما ستقوله بيجين: تقول الإيغور ونحن نقول الفلسطينيين”ـ واتهمت الصين الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع بأنها لا تتحمل مسؤولياتها.
وقال جيرمي بن عامي مدير منظمة جي ستريت التي تعكس مواقف اليهود الليبراليين الأمريكيين أن الصك المفتوح الذي منحته الإدارات المتعاقبة لإسرائيل يعني عدم وجود ما يحفزها لكي تنهي الاحتلال أو البحث عن حل للنزاع. وأدى دعم دونالد ترامب غير المشروط لإسرائيل لتراجع الإجماع بين الحزبين بشأن الدولة اليهودية. لكن الكثير من الديمقراطيين استيقظوا على الضرر الذي احدثه ترامب وكذلك الإدارات الديمقراطية بمن فيهم بايدن الذين لم يفرضوا ثمنا على إسرائيل في توسعها الاستيطاني أو تقويضها لمنظور الدولة الفلسطينية.
وقال بن عامي “يجب أن تظل الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل” و “لكن عليها الاعتراف بأن تسهيلها لضم أراضي الفلسطينيين لن يقود إلا لواقع الدولة الواحدة”.
ولم يبد التغير في المواقف داخل الحزب الديمقراطي فقط، بل ولدى الرأي العام الأمريكي، ففي دراسة مسحية لمركز غالوب أظهر أن غالبية صغيرة تطالب الولايات المتحدة بممارسة ضغط على إسرائيل. ووجد شبلي تلحمي، استاذ العلوم السياسية بجامعة ميريلاند والذي قضى العقود الماضية وهو يجري استطلاعات حول مواقف الأمريكيين من النزاع أن غالبية الأمريكيين الذين استطلع أراءهم يعتقدون أن المشرعين يميلون نحو اسرائيل أكثر من اهتمامهم بالرأي العام الأمريكي. وبحسب أبحاث تلحمي، فهناك غالبية من الناخبين الديمقراطيين تدعم فرض عقوبات أو اتخاذ اجراءات متشددة من إسرائيل بسبب التوسع الاستيطاني. ولو لم يعد حل الدولتين ممكنا فغالبية الأمريكيين بمن فيهم الناخبين الجمهوريين سيختارون إسرائيل ديمقراطية حتى ولو لم تعد دولة يهودية أو دولة يهودية بدون حقوق متساوية لكل مواطنيها.
ولكن بايدن ليس واحدا من هؤلاء، وكما يقول تلحمي “ففي الأمور الاجتماعية والعرقية تطورت مواقف بايدن على مر السنين وباتت قريبة من قاعدته الانتخابية” و “في مسألة إسرائيل- فلسطين فلا يزال يحن إلى زمن آخر من الثقافة السياسية الديمقراطية المنفصمة عن المناخ المتحول والقواعد الانتخابية التي منحته صوتها”.