صاندي تايمز: غزة تقلب حسابات السياسة الإسرائيلية والسياحة.. وآمال بهدنة قريبة
عربي تريند_ نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا لمراسلها أنشيل بيفر، قال فيه إن تدمير إسرائيل مبنى يضم مكاتب لوسائل إعلام دولية في مدينة غزة وتعمل منه وكالة الأنباء الأمريكية “أسوشيتدبرس” وقناة الجزيرة القطرية، أثار غضب الأمريكيين، وربما دعا إلى دفع لوقف إطلاق النار.
ومع أن أحدا لم يقتل في الهجوم، إلا أن صور اللاقطات الفضائية التي انهارت مع البناية أدت لردة فعل قوية من البيت الأبيض. وقالت جين ساكي في تغريدة على تويتر: “لقد اتصلنا مباشرة مع الإسرائيليين للتأكيد على أن سلامة وأمن الصحافيين. والإعلام المستقل هو مسؤولية مهمة”.
وقالت ليزا ناندي، وزيرة الشؤون الخارجية في حكومة الظل البريطانية إن “استهداف مكاتب الإعلام في غزة بغارات إسرائيلية غير مقبول، وحرية الإعلام هي حق أساسي”. وقالت إسرائيل التي منحت المقيمين في البناية ساعة للخروج منها، إنها كانت تستهدف مكتبا لحماس، مع أن مالك البناية أنكر وجود شيء من هذا القبيل.
أعطت إسرائيل انطباعا أنها ستقوم بعملية برية وضللت الإعلام بأن القوات دخلت القطاع، وكانت تحاول دفع مقاتلي حماس للنزول إلى الأنفاق ثم قتل أكبر عدد منهم في قصف جوي عنيف، لكنّ الخدعة لم تنطلِ على مقاتلي حماس، وأفشلوا الخطة الإسرائيلية
واستمرت الغارات الإسرائيلية يوم الجمعة، حيث قُتلت عائلة بكاملها في مخيم الشاطئ للاجئين. واستمرت حماس بإطلاق الصواريخ نحو المدن الإسرائيلية بما فيها تل أبيب واستمر عدد الضحايا بالارتفاع، خاصة من الجانب الفلسطيني. كما عادت الفوضى إلى الشوارع، حيث تم حرق بيوت في حي عربي بمدينة يافا، فيما انطلقت مسيرة من أم الفحم باتجاه مستوطنة زراعية وهتف المشاركون فيها “جئنا لنحرق بيوت اليهود”.
وانتشر العنف داخل إسرائيل والمناطق الفلسطينية، حيث قُتل 11 فلسطينيا في الضفة الغربية. وشعر القادة الإسرائيليون ولوقت قصير أنهم سينهون حملة قصف وغارات استمرت لمدة خمسة أيام وبدأت بإطلاق حماس الصواريخ باتجاه القدس.
وردت إسرائيل بغارات دمرت شبكة من الأنفاق التي حفرتها حماس لشن حرب عصابات ضد إسرائيل، وفق ما تقول الصحيفة. وفي الساعات الأولى قبل القصف، أعطت إسرائيل انطباعا أنها ستقوم بعملية برية من خلال نقل رتل من الدبابات قريبا من حدود غزة، وضللت الإعلام بأن القوات دخلت القطاع، وكانت تحاول من وراء ذلك، دفع مقاتلي حماس للنزول إلى الأنفاق ثم قتل أكبر عدد منهم في قصف جوي عنيف، لكنّ الخدعة لم تنطلِ على مقاتلي حماس، وأفشلوا الخطة الإسرائيلية، بحسب وسائل إعلام عبرية.
وقاد انطباع آخر بأن الأزمة تقترب من نهايتها عندما خفّت وتيرة العنف المتبادل بين العرب واليهود داخل المدن والبلدات الإسرائيلية. وفي حيفا، كبرى المدن الإسرائيلية حضّرت الشرطة نفسها لعملية كبيرة عندما خططت جماعة يمينية متطرفة لدخول الأحياء العربية ولكن تم تفريقها بعد مواجهات متفرقة. وأدى وصول هادي عمرو، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، إلى إسرائيل، ووفد عسكري مصري إلى حالة المزاج المتفائل. وقال ضابط إسرائيلي: “أعتقد أننا سنتوصل لوقف إطلاق النار خلال أيام”. مضيفا: “في ضوء إنجازاتنا وتحرك المصريين والأمريكيين فالأمور تبدو واعدة”، لكن أحداث السبت أظهرت أن أياً من الطرفين ليست مستعدا لوضع السلاح.
ولم يكن هذا الوضع المتوقع بعد نجاح عمليات التلقيح وعودة الحياة لطبيعتها في إسرائيل وتوقعات بعودة السياحة خاصة من بريطانيا بعد اتفاق البلدين على الاعتراف بشهادات التطعيم. وحتى لو عاد الهدوء الأسبوع المقبل، فلن يأتي السياح البريطانيون الجريئون إلى شواطئ إيلات أو حيفا. وقال صاحب محل سياحة: “في الصيف الماضي كاد كوفيد-19 أن يمحونا. وهذا الصيف ستكون غزة من يفلسنا”.
وحاولت إسرائيل في الأشهر الماضية تقديم صورة عن نجاح حملات التطعيم وكأنها ليست جزءا من الشرق الأوسط، ولكنها عادت هذا الأسبوع للحروب والدم. وكان من المتوقع أن تكون الأمور مختلفة بعد فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة ائتلاف متطرفة، واقتربت الأحزاب المعارضة من تشكيل حكومة يمين ويسار ووسط، بل وأحزاب عربية والتخلص من نتنياهو. وكان سيتم الاتفاق على رئيسي وزراء، المتطرف نفتالي بينت والوسطي يائير لابيد. كما كان من المتوقع أن يلتقيا مع رئيس حزب القائمة العربية الموحدة عباس منصور. ولكن اللقاء أُجل بسبب التوتر في القدس والصواريخ من غزة.
وبحلول الخميس أخبر بينيت لابيد أنه لن يشارك في حكومة مع عرب. وسيظل نتنياهو رئيسا لحكومة تصريف الأعمال بدون بديل له، ولا توجد أدلة على هندسته للأحداث الأخيرة، فهو وإن أمر الشرطة بتخفيف تحركاتها في القدس، إلا أنه عمل في السابق ما بوسعه للتحريض ضد العرب في إسرائيل للحفاظ على تحالفه مع الأحزاب المتطرفة. كما ورث أزمة غزة عندما تولي الحكم عام 2009 لكنه لم يفعل شيئا لحلها.
ورغم الحصار الذي فرضته إسرائيل ومصر على القطاع بعد سيطرة حماس عام 2007 والرشقات المتبادلة بين الطرفين، إلا أن نتنياهو ترك مليوني مواطن في القطاع يعيشون في حالة بؤس وفقر. فالتنازل في موضوع غزة لم يكن ليحظى بدعم من حلفائه المتطرفين.
في داخل إسرائيل، العنف له أسباب أبعد من المسجد الأقصى، فنسبة 20% من سكان إسرائيل هم عرب وتمت معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية
وربما سيظل نتنياهو في الحكم لبعض الوقت، إلا أن العنف الذي غمر إسرائيل تحت نظره وهو الأسوأ قد يغيّر الحسابات. وانطلقت الشرارة من القدس، حيث شهدت مواجهات بين المصلين في المسجد الأقصى والشرطة الإسرائيلية طوال شهر رمضان. ويعتبر الأقصى الرمز الذي يوحد الفلسطينيين ومسلمي العالم.
وبالنسبة لحماس التي أطلقت على حملة الصواريخ “سيف القدس” فهذه لعبة ضد القيادة الفلسطينية بعد تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في 22 أيار/ مايو. أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فالتزم الصمت حيال الأحداث الأخيرة، حيث وضعت حماس نفسها في موقع القيادة.
وفي داخل إسرائيل، فالعنف له أسباب أبعد من المسجد الأقصى، فنسبة 20% من سكان إسرائيل هم عرب وتمت معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية. فالعنف الذي اندلع هو نتاج للغضب والظلم ولا علاقة له برموز دينية أو سياسية. فمدينة اللد القريبة من تل أبيب، ظلت مكانا للفقر. وربع سكانها من العرب، حيث انتشرت العصابات فيها، وكانت مسرحا للأحداث في الأسبوع الماضي. وقال وليد علوي: “كي أكون صادقا، كنت أتمنى لو حضرت الشرطة إلى هنا عندما كان العرب يقتلون العرب” في إشارة لانتشار الجريمة في الأحياء العربية. وتابع: “كانوا يحضرون ويعتقلون البعض ثم يفرجون عنهم لغياب الأدلة. ولهذا كيف ستشعر عندما يحضرون بالمئات للبلدة لأن الضحايا هم يهود”. وفاقم حضور عدد من المتطرفين اليهود بذريعة حماية الأحياء اليهودية من تدهور الوضع.