نيويورك تايمز: أحداث القدس وغزة تمثل تحديا لنهج بايدن الابتعاد عن الشرق الأوسط
عربي تريند_ قال مايكل كرولي في تقرير له بصحيفة “نيويورك” إن أحداث العنف في إسرائيل تمثل تحديا لنهج جوزيف بايدن “الرجوع للخلف”، فالرئيس وصل إلى البيت الأبيض ولديه فكرة أن الفرص لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني باتت قليلة.
وربما وجد نفسه الآن مجبرا للتعامل مع الوضع بشكل أكبر. ويرى أن قلة اهتمام بايدن بالنزاع في الشرق الأوسط مفهومة، فقد استضاف بيل كلينتون قمة خلال سنته الأولى في البيت الأبيض، وعين بارك أوباما مبعوثا خاصا للشرق الأوسط في فترته الثانية، أما دونالد ترامب فقد تعهد قبل تنصيبه بالوصول إلى صفقة سلام “لم يستطع أحد تحقيقها من قبل”، وكلهم فشلوا في تحقيق السلام بالإضافة لجورج دبليو بوش الذي تعامل مع الموضوع بمرحلة متأخرة من رئاسته.
اتفق معظم المحللين حتى قبل انفجار العنف بين إسرائيل وغزة أن منظور مفاوضات ناجحة لا يزال عبثيا على المدى القريب
واتفق معظم المحللين حتى قبل انفجار العنف بين إسرائيل وغزة أن منظور مفاوضات ناجحة لا يزال عبثيا على المدى القريب وذلك بسبب رفض الجانبين تقديم تنازلات. وقبل بايدن ومستشاروه فكرة الوضع القائم وحضروا لحرف انتباه السياسة الخارجية الأمريكية من الشرق الأوسط نحو الصين. وقام بايدن بإصدار التصريحات المعروفة حول حل الدولتين بدون القيام بجهود لدفع الطرفين نحو هذا الهدف. وفوق كل هذا لم يجد بايدن شريكا موثوقا في حكومة إسرائيلية غير مستقرة ورئيس وزراء محاصر بات يدعم سياسات اليمين المتطرف. وفي ظل العنف المتزايد الذي قد يخرج عن السيطرة في الغارات التي تقوم بها إسرائيل على غزة تتزايد الدعوات داخل الحزب الديمقراطي للرئيس كي يلعب دورا أكبر. ويدعوه بعض الليبراليين لمواجهة إسرائيل بشدة حول نشاطاتها الاستيطانية والتي تجعل عملية تحقيق السلام مع الفلسطينيين صعبة.
ونقلت الصحيفة عن مارتن إنديك، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل، قوله إن “المشكلة في الشرق الأوسط أنك تحاول إدارة ظهرك له لكنه لا يدير ظهره لك”.
وقال كرولي إن المسؤولين في الإدارة دعوا الطرفين لضبط النفس. وقاموا في الأيام الأخيرة بالضغط على الفلسطينيين والإسرائيليين في محادثات خاصة لتجنب إشعال التوتر واستطاعوا تأجيل قرار للمحكمة حول إخلاء عائلات فلسطينية من القدس الشرقية الذي تسبب في المواجهات الأخيرة. ويقول إنديك إنه لا يلوم بايدن ونهجه القائم على “إدارة النزاع لا حله”، خاصة أن منظور السلام بات قاتما بعد رئاسة دونالد ترامب والتي بلغت ذروتها في خطة للسلام مؤيدة لإسرائيل ورفضها الفلسطينيون قبل وصولها. ولكن إنديك يرى الآن أن على بايدن التحرك ولعب دور أكبر وحثه على ملء منصب السفير الأمريكي في إسرائيل الشاغر والذي لم يعين أحدا له بعد.
ولاحظ إنديك أن الرئيس بايدن لم يتحدث إلى رئيس السلطة الوطنية محمود عباس وأن على إدارته إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية والتي كانت نقطة اتصال الولايات المتحدة مع الفلسطينيين وأغلقها ترامب. وقال إنديك “هم بحاجة لبناء حوار مع الفلسطينيين”.
وكشف البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن الرئيس بايدن وعباس تبادلا الرسائل بعد انتخابات عام 2020. وقام المسؤولون الأمريكيون باتصالات على مستوى متدن مع المسؤولين الفلسطينيين بمن فيهم مستشار الرئيس عباس، حسين الشيخ. وحث ديمقراطيون الرئيس بايدن ممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية في موضوع المستوطنات والمزاعم المناطقية التي يقولون إنها تعقد من منظور التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين إن لم تجعله مستحيلا.
ونقلت الصحيفة عن جيرمي بن عامي من المجموعة اليهودية الليبرالية “جي ستريت”: “لو وقفت متفرجا أمام عملية الضم الزاحفة وسمحت لها بالاستمرار فستؤدي إلى لحظة كهذه”. وأضاف بن عامي “يمكنك تمني أن يكون هذا خارج قائمة أمانيك، ولكن هذا نزاع بمشاكل متجذرة وهو بحاجة للنظر. ولو تركته بدون رعاية فستشعل فيه النار وسيتضرر الناس مرة أخرى” و”نحن نقف على شبر واحد من خروجه عن السيطرة”.
تشير الصحيفة إلى أن الحزب الديمقراطي تحرك نحو اليسار في السنوات الأخيرة وبخاصة فيما يتعلق بإسرائيل
وتشير الصحيفة إلى أن الحزب الديمقراطي تحرك نحو اليسار في السنوات الأخيرة وبخاصة فيما يتعلق بإسرائيل. وجزء من هذا التحول هو تحالف نتنياهو القوي مع ترامب والقادة الجمهوريين. وكذلك لأن عددا كبيرا من نوابه وناشطيه الشباب باتوا يتعاطفون مع القضية الفلسطينية أكثر من جيل بايدن. وبعد تعبير وزارة الخارجية في الأسبوع الماضي عن “قلقها العميق” حول عمليات إخلاء العائلات الفلسطينية في القدس الشرقية، قام بعض الديمقراطيين بتوبيخ إدارة بايدن على عدم التحرك بقوة ووقف الإسرائيليين.
وكتب السناتور عن ميريلاند كريس فان هولين تغريدة قال فيها “هذا ليس هو وقت التصريحات الفاترة”. وفي إيجازات للمتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس سئل عن تصريحات النائبة الديمقراطية عن مينيسوتا إلهان عمر التي قالت إن نائب رئيس بلدية القدس في دعمه للإخلاء قام بالمصادقة على “تطهير عرقي”، فرد برايس “هذا شيء لا يدعمه تحليلنا”. ويقول محللون إن بايدن وإن اشترك مع التقييم حول ضرورة الضغط على الحكومة الإسرائيلية، إلا أنه قلق من مفاقمة التوتر مع قادة إسرائيل الذين ينظرون بقلق لخطط بايدن العودة للاتفاقية النووية مع إيران التي يعارضونها. وعندما وصل بايدن إلى البيت الأبيض كان الوضع السياسي في إسرائيل متغيرا بعد سلسلة من الانتخابات التي فشل فيها حزب بالحصول على الأغلبية وتشكيل حكومة، وفي وقت كانت فيه السلطة تحضر لانتخابات تم تأجيلها فيما بعد.
ويكافح نتنياهو للتمسك في السلطة، أما تأثير عباس على الاحتجاجات والعنف الذي يدفع به المتشددون وإعلام التواصل الاجتماعي فهو صفر كما يقول المسؤولون الأمريكيون. ولدى بايدن ذكرياته في أيام ما كان نائبا للرئيس باراك أوباما الذي طلب تجميد الاستيطان وتقديم تنازلات سياسية والتي أدت لردة فعل من الجمهوريين والديمقراطيين الذين اتهموا أوباما بعدم فهمه لاحتياجات إسرائيل الأمنية. ويحاول الجمهوريون استغلال التوترات في داخل الحزب الديمقراطي بشأن إسرائيل.
وفي يوم الثلاثاء أصدر ترامب بيانا اتهم فيه بايدن وقال إن “غياب دعمه لإسرائيل شجع على هجمات ضد حلفائنا”. ولكن لا يعرف ما هو الدعم الذي يريده ترامب، خاصة أن تصريحه الذي أكد فيه على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها متوافق مع تصريحات إدارة بايدن.
ويرى الكثير من الديمقراطيين بمن فيهم مسؤولون في إدارة بايدن أن ترامب هو المسؤول عن الوضع الحالي. وقال هالي سوفير، المدير التنفيذي للمجلس الأمريكي لليهود الديمقراطيين، إن ترامب دعم بشكل فاضح سياسات نتنياهو المؤيدة للاستيطان وتجاهل التحذيرات بحدوث اضطرابات فلسطينية عندما نقل السفارة إلى القدس من تل أبيب و”كان مستعدا للتدخل في السياسة الداخلية الإسرائيلية خدمة لأجندته بدون اهتمام لما سيتركه هذا على النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني”. وقال سوفير إن بايدن يستحق الثناء لأنه كان من الداعمين لنظام القبة الحديدية خلال فترة أوباما والتي توفر الدعم للمدن الإسرائيلية ضد الهجمات القادمة.