واشنطن بوست: التيار المحافظ في إيران يستخدم الدراما ضد الإصلاحيين بهدف منع اتفاق نووي
عربي تريند_ نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لمدير مكتبها في إسطنبول ومراسلها في الشرق الأوسط أشار فيه إلى هجمات التيار المتشدد ضد حكومة الرئيس حسن روحاني وزرع بذور الشك في المحادثات النووية.
وقال إن الفصائل السياسية المتنازعة لوحت في الأسابيع الماضية بالمحادثات النووية مثل الهراوة. واستخدم التيار المتشدد سيطرته على أمواج الأثير لتوجيه ضربات للرئيس الإصلاحي حسن روحاني والتيار المعتدل في السياسة الإيرانية. وأشار إلى حرب “الدراما” التي شهدتها إيران في الفترة الماضية وكلها تنتقد الرئيس والمسؤولين معه باعتبارهم مخترقين من عملاء أجانب، وفي أحيان أخرى يسيرون نحو المصيدة الأمريكية.
ففي واحد من المسلسلات تم تصوير وزارة الخارجية الإيرانية باعتبارها وكرا للجواسيس الغربيين الذين يريدون سرقة المعلومات حول المحادثات الإيرانية مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى بشأن الملف النووي. وفي مسلسل آخر تصور المحادثات الإيرانية بأنها عملية جر إلى المصيدة الأمريكية. وفي فيلم وثائقي “نهاية اللعبة” يقول الراوي “الخطط الأمريكية لرفع العقوبات هي على الورق فقط وتخفيض النشاط النووي مقابل لا شيء”. وعرض الفيلم مثل بقية المسلسلات الناقدة للمؤسسة الإصلاحية عبر شبكات تسيطر عليها الجماعات المتشددة.
يقول المحللون إن الهجمات المتزايدة تعقد لكنها لا تعرقل المحادثات النووية الجارية حاليا في فيينا
ويقول المحللون إن الهجمات المتزايدة تعقد لكنها لا تعرقل المحادثات النووية الجارية حاليا في فيينا بهدف إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، لكن الحملة هي جزء من محاولات التسييس قبل الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو، حيث ستترك نتائجها أثرا على الولايات المتحدة. ويضيف أن الهجمات التي هي انعكاس للتنافس السياسي، زادت من وضوح الخطوط بين المتشددين ومن يطلق عليهم بالبراغماتيين. وشنت الهجمات في الوقت الذي يقترب فيه موعد الانتخابات وظهور إشارات عن تقدم تحقق بالمحادثات في فيينا.
ويقول علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية: “من الواضح أن هناك هجوما منظما من المعارضين لاتفاقية العمل المشتركة الشاملة في إيران وضد إحياء الاتفاقية في ظل إدارة روحاني”.
وقال إن التصعيد في الهجمات تدفعه المخاوف. ومع تقدم المفاوضات “بات المتشددون يشعرون بالقلق من التداعيات الانتخابية”، بما في ذلك حملة انتخابية قد تعطي مرشحا مرتبطا بالإصلاحيين الجرأة، كوزير الخارجية محمد جواد ظريف، لدخول السباق الرئاسي، ذلك أن روحاني الذي استوفى فترتين رئاسيتين لا يحق له الترشح مرة أخرى. ففي ظل دونالد ترامب خرجت الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاقية التي وعدت بتخفيف العقوبات عنها مقابل الحد من البرنامج النووي. إلا أن ترامب أعاد فرض العقوبات السابقة وفرض مئات من العقوبات الجديدة، بشكل دفع إيران لخرق بنود الاتفاقية وبخاصة تخصيب اليورانيوم بمعدلات أعلى من المسموح به.
وفي الوقت الذي تحاول فيه إدارة جوزيف بايدن وحكومة روحاني إحياء الاتفاقية من جديد فقد واجهتا معارضة محلية. ويطالب المتشككون باتفاقية جديدة ومتشددة تتصدى للنشاطات الإيرانية بالمنطقة وبرامجها من الصواريخ الباليستية. وفي إيران، خلفت سياسة ترامب “أقصى ضغط” اقتصادا مدمرا وشكا بالوعود الأمريكية وصعودا للتيار المتشدد. وكشفت التسجيلات المسربة عن مقابلة لوزير الخارجية ظريف ظهرت في الشهر الماضي عن حجم التنافسات. واشتكى فيها من محاولات الحرس الثوري تقويض جهوده الدبلوماسية والمحادثات النووية. وقال في واحد من التسجيلات إنه لا يخطط لترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية. ولا يعرف سبب تسريب التسجيلات ومن سربها. ولكن روحاني في لقاء مع حكومته يوم الأربعاء طالب وزارة الاستخبارات بالتحقيق في الأمر معلقا “في وقت وصلت فيه فيينا لذروة النجاح، يتم نشر هذا الشريط لخلق الفتنة في الداخل”.
ومنذ أول موسم له، أثار مسلسل “غاندو” النقد بين الفصائل المتنازعة داخل القيادة الإيرانية، وكان دائما مع رواية اليمين المتشدد، ذلك أنه صور الحرس الثوري يقوم بحملة لمكافحة الفساد داخل حكومة تشبه حكومة روحاني.
وفي الموسم الأول، لاحقت المخابرات الإيرانية جاسوسا يشبه مراسل صحيفة “واشنطن بوست” جيسون رضائيان الذي سجن بناء على اتهامات زائفة بالتجسس وأفرج عنه في عملية تبادل سجناء عام 2016. وفي الموسم الأخير يصور المخابرات الإيرانية وعملاءها بالإنسانيين والأذكياء. وبدأت بمعالجة درامية لعملية اختطاف حقيقية لروح الله زام، الصحافي المعارض الذي اختطفه عملاء إيرانيون من العراق ثم أعدم في كانون الأول/ديسمبر.
ويشبه واحد من فريق المفاوضين في المسلسل نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، وهو المفاوض الحقيقي في المحادثات النووية. ويقع الشخص في حيلة للمخابرات البريطانية حيث يقوم بتسريب معلومات عن المفاوضات النووية.
أما الفيلم الوثائقي “نهاية اللعبة” فيتطرق إلى روبرت مالي، الرئيس السابق لمجموعة الأزمات الدولية والمبعوث الخاص الحالي لبايدن إلى إيران. ويتم وصفه بـ “رجل الظل” والحديث عنه من خلال مؤثرات موسيقية تنذر بالخوف بأن والديه يهوديان. ويشير للقاءات مالي السابقة مع ظريف كما لو أن هناك علاقة بينهما.
وليس غريبا أن يلتقي مالي الذي كان مفاوضا في الشرق الأوسط أثناء إدارة أوباما مع ظريف. وقال فائز “الكثير من المعلومات ليست جديدة وتم إعادة إنتاج نظريات المؤامرة ووضعها في سياق 2015 و2016″، في إشارة إلى العامين اللذين تم توقيع الاتفاقية النووية فيهما.
و”ما يثير اهتمامي هو أن الحكومة ترد بطريقة مفتوحة”، مشيرا للأمثلة التي احتج فيها مسؤولو الخارجية على ما ورد من أخطاء وتغطية غير مناسبة للاتفاقية. و”يظهر أن إدارة روحاني لم يعد لديها ما تخسره ومستعدة للمخاطرة والتأكد من أن إرثها ليس مجرد اتفاقية نووية نصف ميتة واقتصاد في وضع لا يحسد عليه”. كما شارك بقية المسؤولين بمن فيهم ظريف في نقاشات مفتوحة وعبر كلوب هاوس التطبيق الجديد لتوضيح موقفهم للرأي العام، حسب سنام وكيل، الباحثة في تشاتام هاوس بلندن.
وعلى الجانب المحافظ فقد استخدموا “كل الوسائل المتاحة” على الأثير أنهم أفضل لقيادة إيران. وتقول “لست متأكدة من ماهية سياساتهم” و”نعرف أنهم يحاولون تشويه روحاني وظريف، ولكن ما الذي يروجون له؟ وهل يضعون أنفسهم كمفاوضين بدلاء أو مفاوضين أفضل؟”.
ويقول علي فائز إن المشاركة المتدنية في الانتخابات تخدم المحافظين كما حدث العام الماضي، وتعطيل أو تحطيم المحادثات النووية قد يخدمهم أيضا. ولو ظل مصير الاتفاقية غير واضح خلال الحملات الانتخابية فربما أدى لعدم اهتمام الناخبين. ولو تم توقيع الاتفاقية بعد الانتخابات فسيكون المستفيد هو الرئيس المحافظ الذي سيحصد ثمار رفع العقوبات، وهو ما سينفع بشكل جميل “الدولة العميقة” و”لهذا السبب يحاولون خلق معوقات وعدم حل الخلافات بشكل سريع”.