ذا هيل: اعتراف بايدن بالإبادة الأرمنية خطوة لمزيد من العلاقات المتوترة مع تركيا
نشر موقع “ذا هيل” تقريرا أعدته لورا كيلي، وتحدثت فيه عن قرار الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الاعتراف بأن ما حدث للأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى هو “إبادة”، مما يزيد من مخاطر التوتر في العلاقات الأمريكية- التركية.
وقالت كيلي إن القرار حظي بترحيب من الأرمن الأمريكيين، باعتباره خطوة طال انتظارها للوقوف مع حقوق الإنسان. وجاء إعلان بايدن عن قراره من المكتب البيضاوي تنفيذا لوعد انتخابي، واعترف بحدوث قتل وتهجير جماعي لأكثر من مليوني أرمني وغيرهم من الأقليات العرقية بداية القرن العشرين، أثناء حكم الدولة العثمانية.
ويعتبر قرار بايدن تحولا عن مواقف الإدارات الأمريكية السابقة والرؤساء الذين تجنبوا الحديث عن “إبادة” خشية أن تتمزق العلاقات بين أنقرة وواشنطن. وتعتبر تركيا حليفا في الناتو، وشريكا في الحرب على الإرهاب وحل النزاع في سوريا، ومنع ظهور الدولة الإسلامية. إلا أن العلاقة باتت عدائية، نظرا لتحدي تركيا أمريكا وشرائها نظاما صاروخيا من روسيا، ومحاولتها التنقيب عن الغاز في منطقة شرق المتوسط، بشكل أغضب اليونان وقبرص، وكذا تدخلها في النزاعات الإقليمية من سوريا إلى أذربيجان وأرمينيا.
يُعتبر قرار بايدن تحولا عن مواقف الإدارات الأمريكية السابقة والرؤساء الذين تجنبوا الحديث عن “إبادة” خشية أن تتمزق العلاقات بين أنقرة وواشنطن
وترفض الحكومة التركية وصف الأحداث القديمة بالإبادة، ولكن بايدن عبّر في مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة، أنه يخطط للاعتراف بالإبادة.
وتقول الكاتبة إن توقيت المكالمة جاء لتأكيد أهمية الحفاظ على العلاقات الأمريكية- التركية. وقال جون هيربست، مدير مركز يوريشيا في المجلس الأطلنطي، والذي عمل لأكثر من 3 عقود في وزارة الخارجية الأمريكية: “أعتقد أن هناك شيئا واحدا يمقته القادة الأجانب، وهي الكلمات الحادة من واشنطن وليس تجاهلهم”. وأصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا مطولا يوم السبت شجبت فيه الاعتراف الأمريكي ودعت لسحبه. وقالت إنه “يعني فتح الجراح التي ستقوض الثقة المتبادلة والصداقة”. وتجادل تركيا في أحداث تلك الفترة، حيث تقول إن الأتراك والأرمن كانوا ضحايا وسط انهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
وقالت إن تعريف الإبادة بدأ في 1944 لوصف الهولوكوست، واعتُبر جريمة دولية معترفا بها في 1948 بمعاهدة الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة. ولكن المذابح التي تعرض لها الأرمن في بداية القرن العشرين ساهمت في تعريفه وتداعياته القانونية التي طبقت بعد الهولوكوست.
ويدعو الأنصار اليوم إلى تحقيق العدالة لضحايا الترحيل والتعذيب والقتل وحماية بقاء أرمينيا. ولم يذكر بايدن في بيانه الذي لم يزد عن 300 كلمة، “الإبادة” إلا مرتين. وقال: “يكرم الأمريكيون الأرمن الذي ماتوا في الإبادة التي بدأت قبل 106 عاما اليوم”. وقال السفير الأرميني فيرجان نيرسيان، في مقابلة مع “ذا هيل”، إن اعتراف الولايات المتحدة بالإبادة يثبت أنها تقف مع العدالة والقضية الصائبة، وأن الولايات المتحدة لديها قيادة أخلاقية في هذه الأمور.
ومررت حوالي 30 دولة قوانين أو أصدرت بيانات اعترفت فيها بالإبادة الأرمنية، والتي يُحتفل فيها كل عام في 24 نيسان/ أبريل. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2019، مرر كل من مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين قرارا بالإجماع اعترفا فيه بالإبادة الأرمنية، مع أن التحرك جاء كتوبيخ لتركيا بسبب توغلها في شمال- شرق سوريا، بعدما أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب عن انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة. وبكى بوب ميننديز، السناتور الديمقراطي عن نيوجرسي عند تمرير القرار، معلقا أنه يشعر بالفرح لأن بعض الناجين من المذابح لا يزالون على قيد الحياة.
وأُبعدت إدارة ترامب عن القرار، وظل ترامب صامتا عن نقد تركيا بشكل عام. وعبّر نقاد تركيا وأردوغان عن أملهم بتبني بايدن موقفا متشددا. ويشيرون تحديدا إلى شجب المرشح الديمقراطي في حينه التدخل التركي إلى جانب أذربيجان في الحملة لاستعادة منطقة ناغورو- قرة باغ في أيلول/ سبتمبر 2020.
سترى حكومة أردوغان هذا بأنها فرصة لإثارة المشاعر المعادية لأمريكا داخل تركيا، ولكن الرئيس سيعود للعمل بشكل طبيعي بعد الرد الأولي كما فعل مع حكومات سابقة
لكن إدارة بايدن حاولت جهدها للتأكيد على أهمية العلاقات الأمريكية- التركية. وقال نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية جالينا بورتر: “تركيا حليف مهم وطويل في حلف الناتو ولدينا مصالح مشتركة، وتضم هذه مكافحة الإرهاب ووقف النزاع السوري وأي تأثير خبيث بالمنطقة”. وقالت: “في الوقت نفسه سنظل ملتزمين بقيمنا والتي تضم حقوق الإنسان وحكم القانون وحماية المصالح هذه والعمل على بقاء تركيا مصطفة مع التحالف الأطلنطي في كل هذه الأمور”.
وقال هيربست إن الإدارات السابقة ترددت في الاعتراف بالإبادة الأرمنية خشية إغضاب تركيا. مضيفا: “أشك أن هذا لن يكون هو الوضع، ولكن هناك إمكانية لأن يعقد الرد الحاد الصادر من تركيا العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا لبعض الوقت”.
ويرى أيكان إردمير، مدير برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، والنائب السابق في البرلمان التركي، أن تركيا قد تصدر بيانا حادا لحرف النظر عن التوتر الداخلي ولكنها لن تتخذ موقفا متشددا من الولايات المتحدة. وقال: “سترى حكومة أردوغان هذا بأنها فرصة لإثارة المشاعر المعادية لأمريكا داخل تركيا، ولكن الرئيس سيعود للعمل بشكل طبيعي بعد الرد الأولي كما فعل مع حكومات سابقة”. مضيفا: “على المدى البعيد، فإن هذا قد يكون لنتيجة إيجابية في العلاقات الثنائية، حيث ستصبح الإبادة الأرمنية في الخلف، وعندها ستستثمر أنقرة جهودها في لحل قائمة طويلة من المشاكل مع الولايات المتحدة”.