سد النهضة: انقسام بشأن عقد مفاوضات في واشنطن
عربي تريند_ قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن هناك محاولات تجرى حالياً لعقد جولة مفاوضات ثلاثية حول سد النهضة في واشنطن، إذ حمل مبعوث الإدارة الأميركية للسودان دونالد بوث هذا المقترح إلى البيت الأبيض، في ختام الجولة التي أجراها بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا منذ أسبوعين. لكن الأطراف الثلاثة طلبت إرجاء النقاش حول هذا المقترح إلى ما بعد اجتماعات كينشاسا، التي عقدت الأسبوع الماضي، وفشلت في إحراز أي تقدم، بل انتهت باستبعاد نهائي للمقترح المصري السوداني باستحداث آلية الوساطة الدولية الرباعية، ومقترحات وساطة أخرى.
وأضافت المصادر، لـ”العربي الجديد”، أن مصر والسودان متفقان على الترحيب بعقد جولة التفاوض المقبلة في واشنطن، وأن التدخل الأميركي في هذا الوقت الحساس قد يلعب دوراً إيجابياً في وقف الملء الثاني للسد، أو التسريع بإتمام الاتفاق الشامل على قواعد الملء والتشغيل قبل يوليو/ تموز المقبل.
مصر والسودان يرحبان بعقد جولة التفاوض المقبلة في واشنطن
ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أمس الأول الخميس، الدول الثلاث إلى استئناف المفاوضات معاً، لحل أزمة سد النهضة، مشدداً على رفض الولايات المتحدة أي إجراءات أحادية الجانب، وأنها تؤمن بالحل الدبلوماسي لأزمة سد النهضة. وأعلن، في بيان، أن واشنطن على استعداد لتقديم أفكار فنية للمساعدة في حل أزمة سد النهضة، مؤكداً، في الوقت ذاته، أهمية الوساطة الأفريقية في حل أزمة سد النهضة.
وأوضحت المصادر أن موقف الإدارة الأميركية منقسم على مقترح عقد جولة مفاوضات في واشنطن، فهناك فريق يرى أن التدخل الأميركي بات ضرورياً، لأن مصالح أميركا في الدول الثلاث أصبحت على المحك. وأشارت إلى أنه وعلى الرغم من أن التهديدات المصرية بالحل العسكري تواجهها عقبات إقليمية ودولية كبيرة يمكن أن تترتب عليها عواقب جسيمة، إلا أن هذه التهديدات يمكن أن تأخذ أشكالاً أخرى تخريبية، فضلاً عن التنافس المصري الإثيوبي على استقطاب دول المنطقة في اتفاقيات ثنائية وعسكرية. ورأى هذا الفريق أنه يجب أن تلعب الولايات المتحدة دوراً أكبر لحماية مصالحها في المنطقة ككل، من التدخلات الصينية والروسية، خاصة وأن الجولة المقترحة، برعاية أميركية، يمكن أن تجرى دون أن تلعب الإدارة الأميركية دور وساطة مباشراً، وأن يقتصر دورها على التسهيل وطرح البدائل، ما يساهم في تخفيف حدة المخاوف التي كانت قائمة في البيت الأبيض عند دراسة آلية الرباعية الدولية. ولم تكن واشنطن قد حسمت موقفها من آلية الرباعية، وبدا عليها اتجاه لإبقاء الوضع على ما هو عليه، واقتصار جهودها على منع تطور القضية إلى مواجهة عسكرية بين مصر وإثيوبيا.
أما الفريق الثاني فيفضّل التزام ما يمكن وصفه بـ”الحياد السلبي” تجاه القضية ككل، استمراراً للموقف الذي اتخذته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في فبراير/ شباط الماضي، عندما قررت إلغاء ربط تعليقها مساعدات، تبلغ قيمتها 272 مليون دولار، إلى إثيوبيا بالنزاع حول سد النهضة، وربطها بالنزاع الأهلي الداخلي في إقليم تيغراي. وكانت مصر قد فسّرت هذا الأمر آنذاك بأنه رسالة مشتركة للقاهرة وأديس أبابا، بالتزامها “الحياد السلبي في المرحلة الحالية” إزاء ملف سد النهضة، خاصة إذا وضع القرار الخاص بإثيوبيا في سياق متصل بالقرار الصادر قبله بالموافقة لمصر على صفقة بيع محتملة لصواريخ تكتيكية سطح ــ جو من نوع “بلوك 2″، ومعدات ذات صلة بتكلفة تقديرية تبلغ 197 مليون دولار. وفي ظل التوتر بين واشنطن وأديس أبابا، فإنه لم يطرأ أي تغيير على الرأي المستقر في البيت الأبيض لجهة إبقاء العقوبات الحالية المفروضة على إثيوبيا “كما هي في إطارها الكمي، دون زيادة تأثيرها على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين”.
الحياد الأميركي السلبي تجاه الأزمة لا يصب البتة في مصلحة القاهرة
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية قد قالت سابقاً، لـ”العربي الجديد”، إن الحياد السلبي تجاه الأزمة لا يصبّ البتة في مصلحة القاهرة، وإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقتنع بأن إدارة بايدن لن تمنح أفضلية لمصر مجاناً، خاصة في ظل الخلافات الجذرية بين الجانبين في العديد من الملفات. والأمر ذاته يتعلق أيضاً بالدول الكبرى التي تتابع الموقف عن كثب، ولها مصالح في كل من مصر وإثيوبيا، بل إن بعضها شارك في إنشاء وتمويل السد، كالصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وكذلك روسيا التي تعتبر من الداعمين العسكريين للبلدين، إذ أصابت مصر خيبة أمل كبيرة من موقف معظم هذه الدول حتى الآن، خاصة عند لجوئها في الصيف الماضي لمجلس الأمن.