واشنطن بوست: مصر وإثيوبيا في الطريق للمواجهة حول النيل والحل هو مبادرة أمريكية- صينية
عربي تريند_ ناقش الكاتب عز الدين فشير بصحيفة “واشنطن بوست” الخلاف المصري- الإثيوبي المتركز على سد النهضة العظيم الذي بنته أديس أبابا بكلفة 4 مليارات دولار.
وقال إن البلدين يتجهان نحو النزاع حول المياه وحان وقت التدخل. وأشار فشير إلى انهيار المحادثات حول بناء وتشغيل سد النهضة يوم الثلاثاء والذي ترى فيه مصر خطرا عليها وقد يؤدي لجفاف في دول المصب. وقام الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار تهديدات قائلا ألا أحد يستطيع
اخذ ولا قطرة ماء من مصر ومن أراد فليحاول. وفي اليوم التالي من التهديدات أعلن الجيش المصري عن مناورات مشتركة مع السودان التي ستتأثر من السد، وأطلق على المناورة “نسور النيل”.
وأمام هذه التطورات قررت حكومة إثيوبيا المضي قدما في ملء خزان السد والذي تخطط لملئه بشكل كامل مع 2023. وبات من الواضح أن ستة أعوام من المفاوضات العقيمة والإجراءات التي اتخذت من طرف واحد قد قضت على أي نية حسنة منذ توقيع اتفاقية المبادئ المتعلقة بالسد المثير للجدل عام 2015. وطالب السودان ومصر بتدخل خارجي لحل الأزمة وهو ما رفضته إثيوبيا سريعا. ولكن هناك حاجة للتفاوض على حل طويل الأمد بشأن السد. ويوفر النيل الأزرق نسبة 85% من المياه التي تصب في النيل في طريقه إلى مصر. وبدون مياه أمطار اعتمد المصريون ولقرون على ماء النيل ليوفر لهم كل ما يحتاجون. وترى مصر أن أي تخفيض في حصة المياه الحالية تهديدا وجوديا. أما إثيوبيا فترى في مياه النيل غير المستغلة مصدرا يمكن أن يحسن من مستويات الحياة لمواطنيها، وهي الآن بالمرتبة 173 في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة.
ومن هنا أصبح السد رمزا لسيادة إثيوبيا وحقها في التنمية ومصدرا للفخر الوطني. وما يعقد الوضع انعدام الثقة بين البلدين، ويعود هذا إلى أيام أنور السادات المعادي لنظامها الشيوعي وتنفير حسني مبارك لدول الصحراء. وعلى الجانب الآخر تصر إثيوبيا على التعامل مع النيل كثروة وطنية وليس مصدرا طبيعيا مشتركا، وهو ما زاد من عصبية حكام مصر.
وفي ظل هذا الحال، فمن العبث نسبة الفشل الدبلوماسي لأي طرف، فهذا لن يقربها من بعضها البعض. كما أن الخوض في نقاشات قانونية عن الالتزامات المتعلقة بالممرات المائية العابرة للحدود لا داعي لها، فكل من الطرفين وسع تفسيره للقانون الدولي بدون أن يقود هذا لاتفاق.
وفي النهاية فمصر وإثيوبيا تعتمدان على قوانين القوة لا قوة القوانين. ومن هنا فالتحدي هو جر الطرفين باليد وإجبارهما على اتفاق يحترم معظم الأهداف التي يتمسكان بها. ومن الناحية المثالية فيجب إدارة الأنهار الدولية من خلال مؤسسات عابرة للحدود القطرية التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول وتتعامل مع الأنهار كجزء من نظام بيئي مكتمل، ومن المستبعد أن يوافق البلدان على هذا النظام.
لكل هذا فهناك حاجة لدبلوماسية قوية حيث يتمتع البلدان بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة والصين. وفي الوقت الذي تنعدم الثقة بين هاتين القوتين إلا أن عليهما تخفيض منظور التنافس والبحث عن محاور التقارب والتلاقي. ويمكن للصين والولايات المتحدة تحويل أزمة النيل لتجربة تعاون في القيادة. ولن يبدأ البلدان من الصفر، فهناك اتفاق المبادئ الذي وقعت عليه مصر وإثيوبيا ويعطي كل منهما أمرا يريده كل منهما. ويمكن للقوتين أن تقيما المبادرة الدبلوماسية القوية على مبادرة حوض النيل التي تشترك فيها معظم الدول الواقعة على النيل. ولو حصل تفاهم أمريكي- صيني للتقدم أماما والتشاور مع الأطراف المعنية بالإضافة لشركاء دوليين مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والإتحاد الإفريقي فسيكون له حظ من النجاح أكثر من المفاوضات الجارية حاليا وتشبه التمثيلية. ولو قامت الأمم المتحدة بالتأكيد الرسمي على هذا التعاون فسيعطيه فرص للاستمرار. والبديل عن هذا هو استمرار مناخ عدم الثقة والتصريحات الاستفزازية التي ستقود في النهاية إلى نزاع بتداعيات مدمرة عليهما والسودان وشرق أفريقيا بشكل عام. وهو آخر ما تحتاجه المنطقة ويريده المجتمع الدولي.