6 سنوات على حرب اليمن: تكهنات وأرقام مبهمة حول القتلى
عربي تريند_ هيمنت التكهنات على الأرقام المعلنة للخسائر البشرية خلال 6 سنوات من الحرب اليمنية، وخصوصاً في ظلّ عجز المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية عن رصد كافة ضحايا النزاع من المدنيين، فيما واصل طرفا النزاع التكتم على الخسائر في ما يخصّ العسكريين.
وتلجأ المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، عادةً، إلى تفصيل الخسائر في صفوف المدنيين. وفي تقرير حديث لها مطلع مارس/آذار الحالي، أعلنت أنها تواصل توثيق عدد المدنيين القتلى والجرحى الذين سقطوا بسبب النزاع المسلح، والتحقق بعناية من كل حالة على حدة، بهدف ضمان المساءلة في المستقبل عن أي انتهاكات أو تجاوزات. وفقاً للتقرير الأممي، فقد تخطى إجمالي الخسائر في صفوف المدنيين، التي تم التحقّق منها منذ مارس/آذار 2015 حتى مطلع مارس 2021، 20 ألف مدني، من بينهم أكثر من 5000 طفل.
تخطى إجمالي الخسائر في صفوف المدنيين 20 ألفاً
وكما هو الحال مع جميع التقارير الأممية التي تتكتم عن الإشارة بوضوح إلى هوية الأطراف المتسببة بالانتهاكات، قال التقرير الأممي إنّ “جميع الأطراف في الصراع مسؤولة عن هذه الهجمات، وما من طرف يتّخذ الاحتياطات اللازمة عند استخدامه الأسلحة”. وكانت المفوضية ذاتها قد أثارت الجدل مطلع العام الحالي، عندما أعلنت أنّ الصراع في اليمن أودى بحياة 233 ألف شخص خلال 6 سنوات، وهو الرقم الذي اعتمده عدد من وسائل الإعلام الدولية، لكن الرقم جاء في إحصائية لمن لقوا حتفهم خلال 6 سنوات من الحرب؛ “إما بشكل مباشر بسبب النزاع أو لأسباب مرتبطة به”، في إشارة إلى الأوبئة وكافة الأزمات الإنسانية التي شهدها اليمن منذ مارس 2015.
وتنشر أطراف الصراع أرقاماً مغايرة للضحايا المدنيين، غالبيتها تكون حصيلة ما ارتكبه الطرف الآخر فقط. فالسلطات التابعة للحوثيين والمراكز الحقوقية الموالية للجماعة والمعنية برصد الضحايا، مثل مركز “عين الإنسانية” بصنعاء، تحدثت في إحصائية لها، نشرت الثلاثاء الماضي، عن أكثر من 17 ألف قتيل مدني و26 ألف جريح في 6 سنوات. أمّا السلطات التابعة للحكومة الشرعية، فتفتقر لوجود آلية رصد تابعة لها، وتعتمد غالباً على تقارير حقوقية صادرة عن منظمات موالية لها.
تقارير عربية
مخاوف يمنية من “المواقف الإيرانية السلبية” على المبادرة السعودية
وظّلت الخسائر في صفوف العسكريين هي اللغز الأكبر. وفي ظلّ استراتيجية التكتم، التي انتهجتها أطراف النزاع كافة حفاظاً على معنويات أنصارها، لم يكن أمام المهتمين أو وسائل الإعلام سوى رصد الخسائر بناءً على مواكب التشييع المعلنة رسمياً، والتي تتم غالباً للقادة البارزين وضباط الصف الأول، فيما يتم تجاهل الجنود أو أفراد القبائل والمتطوعين.
وقياساً بعمليات التشييع اليومية، وخصوصاً منذ تصاعد المعارك في مأرب شرقي البلاد واستحداث عشرات المقابر في مناطق نفوذها، تبدو جماعة الحوثيين هي المتصدرة لأعداد القتلى العسكريين من بين كافة أطراف الصراع.
وفي السياق، قال مصدر إعلامي موال للجماعة، لـ”العربي الجديد”، إن هناك إحصائيات شاملة لكافة القتلى على مستوى كل محافظة، وبموجبها تتم رعاية أسرهم، ولكن نشر الحصيلة النهائية قد يتم عندما تضع الحرب أوزارها، ويتم الاتفاق على إنشاء هيئة واحدة لرعاية أسر الشهداء. وأشار المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أن “الغارات الجوية للتحالف (العربي بقيادة السعودية) هي التي ضاعفت رقم الخسائر في صفوف مقاتلي الجماعة، وخصوصاً في العام الأول للحرب، عندما كانت الضربات تستهدف معسكرات تدريب أو رتلاً عسكرياً كاملاً، ما يوقع مئات القتلى. لكن تراكم الخبرات خلال السنوات اللاحقة جعلهم يديرون المعركة بطريقة قللت من الخسائر، بحيث لا تمر عربات عدة مع بعضها أو تتجمع المئات في موقع واحد”.
ظّلت الخسائر في صفوف العسكريين هي اللغز الأكبر
وخلال فعاليات ما يطلقون عليه بـ”أسبوع الشهيد”، والذي يحاكي تجربة “حزب الله” اللبناني، كشفت بعض السلطات المحلية التابعة للحوثيين عن بعض أرقام خسائرها البشرية، في معرض تمجيد ما قدموه. وأفصح محافظ ذمار، المعيّن من قبل الحوثيين، محمد البخيتي، في يناير/كانون الثاني الماضي، عن أكثر من 5 آلاف قتيل في المحافظة التي تعد الخزان البشري الأول لمقاتلي الجماعة، فيما كشف محافظ إب عبد الواحد صلاح أن عدد القتلى منذ مارس 2015 وحتى يناير 2021 بلغ 2700، وهو رقم كبير قياساً بمحافظة لا تمتلك مليشيا الحوثيين فيها حاضنة واسعة، كما هو الحال مع محافظات شمال اليمن.
ومن المؤكد أن المحافظات المركزية للحوثيين، والتي تمتلك فيها الجماعة أكبر قواعد شعبية، مثل صنعاء وصعدة وعمران وحجة وذمار، هي من قدّمت العدد الأكبر من الخسائر البشرية، إذ من المرجح أن يكون الرقم الإجمالي لهذه الخسائر مجتمعةً قد تجاوز 50 ألف قتيل.
على الضفة المقابلة، لا يُعرف أيضاً حجم الخسائر البشرية في صفوف القوات الحكومية والمقاومة الشعبية. وخلال الأسابيع الماضية، كشف محافظ مأرب سلطان العرادة عن 3 آلاف قتيل من الجيش الوطني خلال عام واحد فقط من التصدي للهجمات الحوثية على المحافظة النفطية.
ونظراً للخمول الذي ضرب عدد من جبهات القتال خلال الأعوام الثلاثة الماضية، باستثناء محافظة مأرب أخيراً، ولجوء الفصائل التي تقاتل الحوثيين إلى إحصاء خسائرها بشكل منفرد، توقعت مصادر عسكرية أن تصل خسائر الجيش الوطني منذ بدء الحرب إلى أكثر من 20 ألف قتيل. وقالت المصادر، إنّ الرقم لا يشمل قوات طارق صالح (ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح) في الساحل الغربي، التي يزيد عدد خسائرها البشرية عن 600 قتيل منذ بداية تشكلها في إبريل/نيسان 2018، وكذلك ألوية العمالقة (المتمركزة كذلك في الساحل الغربي من اليمن)، أو القوات التابعة لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”.
وفي سياق الحرب النفسية المتبعة خلال الحرب، زعم المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأحد الماضي، أنّ حصيلة الخسائر البشرية في صفوف قوات الحكومة تجاوزت 256616 ما بين قتيل وجريح. ولم يكشف المسؤول العسكري الحوثي عن الكيفية التي جعلته يلجأ إلى ذكر رقم محدد، ومبالغ فيه بالتأكيد. وفي مؤتمر صحافي عرض فيه حصاد 6 سنوات من الحرب، تحدّث سريع كذلك عن أكثر من 10403 بين قتيل وجريح في صفوف الجيش السعودي، و1240 قتيل وجريح في صفوف القوات الإماراتية، فضلاً عن أكثر من 8634 قتيل وجريح في صفوف القوات السودانية.