مصر

بدء نقل المعتقلات إلى مجمع السجون الجديد… و«العفو الدولية» تطالب بالتحقيق مع ضباط شرطة مصريين في وقائع تعذيب

كشفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومحامون مصريون يتولون الدفاع عن سجناء في قضايا الرأي، عن بدء السلطات المصرية في نقل أول مجموعة من المحتجزات في عدد من السجون المخصصة للنساء، بينها سجن النساء في القناطر، وآخر في مدينة برج العرب في الإسكندرية –شمال مصر، لمجمع السجون الجديد في وادى النطرون.
وأشار المحامي أحمد حلمي، عبر فيسبوك السبت الماضي، إلى رسائل سجينات القناطر إلى أهاليهن طلبًا لحضورهم في أقرب وقت إلى مقر السجن لتسلم متعلقاتهن من بطاطين وغيرها، وذلك لنقلها لـ”وادي النطرون” في موعد الزيارة التالية، موضحًا أنه يُسمح لكل سجينة بالاحتفاظ ببطانية واحدة فقط معها خلال الانتقال للسجن الجديد.
وحسب منشور حلمي، فإنه طالب أهالي السجينات بمراجعة مواعيد الزيارة الخاصة بكل سجينة مع إدارة السجن لضمان عدم ذهابهم إلى “القناطر” لزيارتها ليكتشفوا هناك أنها نُقلت إلى “وادي النطرون” بالفعل.
وكانت وزارة الداخلية المصرية أعلنت، في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تدشين مجمع سجون وادي النطرون ضمن رؤية الجمهورية الجديدة وإحدى نتائج الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وفي بيان أصدرته الوزارة في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حددت 12 سجنًا سيتم إفراغها في مجمع “وادي النطرون”، هي: استئناف القاهرة، ليمان طرة، القاهرة في طرة، بنها، الإسكندرية، طنطا العمومى، المنصورة، شبين الكوم، الزقازيق، دمنهور القديم، معسكر العمل في البحيرة، المنيا العمومى. موضحة أن موازنة الدولة لن تتحمل أي أعباء لإنشاء وإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل لأن القيمة الاستثمارية لأراضي السجون العمومية المقرر غلقها تفوق تكلفة إنشاء تلك المراكز.

وقائع تعذيب

إلى ذلك، طالبت منظمة العفو الدولية في بيان لها، السلطات المصرية بالتحقيق مع ضباط الشرطة المسؤولين عن وقائع التعذيب التي تم تصويرها داخل الحجز في قسم شرطة السلام أول، بدلًا من تعذيب المحبوسين وذويهم وبينهم طفل عمره 15 عامًا بتهمة تسريب المقاطع المصورة. وأوضحت أنها علمت من ثلاثة مصادر، إلى جانب الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أن نيابة أمن الدولة حققت مع 12 متهمًا في الفترة من 16 فبراير/شباط الماضي وحتى الأول من مارس/ آذار الجاري بسبب مقاطع الفيديو، وقررت حبسهم جميعًا بعد أن وجهت لهم تهمًا بـ”نشر أخبار كاذبة، والانتماء وتمويل جماعة إرهابية، وحيازة أداة نشر داخل مكان اعتقال”.
وأشارت المنظمة إلى أنه من بين المتهمين، ناصر عمران، 46 عامًا، الذي تعرّض للاختفاء القسري منذ قُبض عليه في 9 فبراير/ شباط الماضي حتى مثوله أمام النيابة في 20 من الشهر نفسه، وهو كان أحد المحتجزين في القسم وقت تصوير الفيديو حيث كان متهمًا بجريمة تتعلق بالمخدرات، ولكن تمت تبرئته وأُخلي سبيله في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وإلى جانب عمران، قالت المنظمة إنه قُبض على زياد خالد، 15 عامًا، من منزله في مدينة السلام في القاهرة، في 16 فبراير/شباط الماضي، واحتُجز بمكان مجهول، وذلك قبل عرضه على النيابة في الأول من مارس/اذار، التي قررت استمرار حبسه، ووُجهت له اتهامات بـ”المساعدة في تمويل جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة”.
ودعت المنظمة الدولية السلطات المصرية إلى إسقاط التهم وحفظ التحقيق مع المتهمين الـ 12 بتسريب الفيديوهات والإفراج عنهم.
وشدد مدير بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيليب لوثر، على أن معاقبة السلطات للضحايا وأصدقائهم بدلا من التحقيق مع مَن قام بتعذيبهم “أمر مخز وسيريالي ومشهد جديد في مهزلة السلطة التي تنكر بشكل صارخ ارتكاب أي مخالفات وتقمع أصوات الضحايا الذين يتجرؤون على المطالبة بالعدالة”، بحسب تعبيره.
وترجع أحداث الواقعة إلى نشر صحيفة “الغارديان” البريطانية، في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، تقريرًا عن تعرض عدد من سجناء قسم شرطة السلام أول، في القاهرة، للتعذيب، استنادًا إلى مقطعي فيديو حصلت عليهما الصحيفة، مرجحة أن يكون تصويرهما جرى في نوفمبر من العام الماضي.
مقطعا الفيديو اللذان امتنعت “الغارديان” عن نشرهما، ونشرتهما مواقع أخرى وقتها، أظهر أولهما محتجزين اثنين في ملابسهما الداخلية، معلقين من أذرعهما المعقودة خلف ظهريهما على شبكة معدنية، فيما سمع صوت مصور الفيديو معلقًا بأنهما “مُعلقان منذ 13 ساعة”.
أما الفيديو الثاني فيظهر فيه عدد من السجناء داخل زنزانة وهم يكشفون عن كدمات متفرقة في أجسادهم، متهمين ضباط مباحث وقوة شرطة قسم السلام أول، الذين ذَكروا أسماءهم، بالتسبب فيها بعد ضربهم بالشوم، ما نفته وزارة الداخلية في اليوم التالي على لسان مصدر أمني تحدث للصحف المصرية، وأكد فبركة المشاهد بهدف نشر الشائعات والأكاذيب، مشيرًا إلى أن مَن نشرهما “عنصر بجماعة الإخوان المسلمين، هارب”، بحسب ما نُشر بعدة صحف وقتها.
وهو ما تبعته النيابة العامة في 15 فبراير/ شباط الماضي بإصدار بيان أكدت خلاله أن تحقيقاتها أسفرت عن كذب واقعة تعذيب المساجين بقسم شرطة السلام، وتبيّن لها أن أربعة مساجين أحدثوا بأنفسهم إصابات داخل الحجز وصوروا المقطعين المتداولين بهاتف محمول مهرب، فيما كشفت تحريات الشرطة أن الواقعة تمت بتحريض من أشخاص داخل البلاد وخارجها لإثارة الفتن وبث الشائعات.
وبالتزامن مع نظر محكمة أمن الدولة طوارئ في قضية الباحث الحقوقي أحمد سمير سنطاوي في ثاني جلسات إعادة محاكمته بعد أن أصدرت نفس المحكمة العام الماضي حكماً بحبسه لمدة 4 سنوات، طالبت 4 منظمات حقوقية بإغلاق القضية وإخلاء سبيله.

محكمة طوارئ

وتنظر محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، إعادة محاكمة سنطاوي في القضية رقم 744 لعام 2021 جنح أمن دولة طوارئ، بعد قبول مكتب التصديق على الأحكام الالتماس المقدم في 17 فبراير/ شباط الماضي من محامي سنطاوي بإلغاء الحكم الصادر بحقه وإعادة المحاكمة. وقالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومنظمة روبرت ف. كينيدي لحقوق الإنسان، وجمعية علماء في خطر، ومعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إن إعادة المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ يضرب بضمانات المحاكمة العادلة عرض الحائط، كونها محكمة استثنائية لا يمكن الطعن بأحكامها، ويتم إحالة المتهمين إليها في ظل سريان حالة الطوارئ، أو إذا ما تمت إجراءات إعادة المحاكمة في قضايا صدرت أحكامها خلالها.
وفي فبراير/ شباط الماضي، مر عام على حبس الباحث المصري وطالب الماجستير في الجامعة الأوروبية المركزية في النمسا أحمد سمير سنطاوي، بعد عودته في زيارة إلى مصر، الذي تعرض خلالها للاختفاء القسري.
وطالبت المنظمات بضرورة إعادة النظر في السياسة الأمنية التي تتعامل بها الدولة المصرية مع ملف الباحثين والأكاديميين المصريين بالخارج، بحيث تتوقف فوراً عن الانتهاكات المستمرة للحرية الأكاديمية والبحث العلمي، والتي تتصاعد منذ 2015، والتي استهدفت خلالها السلطات الباحثين المصريين من دارسي الماجستير والدكتوراه، وكذلك ‏الحاصلون على منح تعليمية مختلفة، وذلك على خلفية التعبير عن آرائهم وتوجهاتهم.
واعتبرت أن قضية سنطاوي تعد رمزًا للبيئة القمعية الشديدة التي يواجهها الباحثون والأكاديميون المصريون في الخارج.
وفي يوليو/ تموز 2021، وبعد يومين من تصريحات لوزيرة الهجرة المصرية، حذرت فيها من أن الدارسين المصريين في الخارج يشكلون خطورة على الأمن القومي المصري كونهم يعودون “محملين بأفكار مغلوطة”، اعتقلت السلطات المصرية طالبة الدكتوراه والباحثة في التاريخ الشفهي عالية مسلم، فور وصولها من برلين إلى مطار القاهرة، وذلك قبل أن تخلي نيابة أمن الدولة سبيلها بكفالة 10 آلاف جنية، بعد التحقيق معها حول مجال دراستها بالخارج وسبب عودتها. بينما يعاني وليد سالم، باحث الدكتوراه في جامعة واشنطن، من المنع تعسفياً من السفر، عقب إدراج النائب العام اسمه على قوائم الممنوعين من السفر.
وزاد البيان: “يعتبر التضييق الأمني على الباحثين المصريين والتي تصل في حالات عدة إلى مطاردتهم والتحقيق معهم وحبسهم احتياطياً لسنوات كما في حالة الباحث المصري وطالب الماجستير باتريك جورج زكي، والمنع من استكمال الدراسة، واحداً من أبرز أنماط الانتهاكات المتكررة التي تمارس بحق المجتمع العلمي والأكاديمي في مصر.
وأوضحت المنظمات أن قمع السلطات ومضايقاتها واستجوابها وسجنها للباحثين المصريين هو أحد أبرز أنماط انتهاكات حقوق الإنسان التي تُمارس بشكل متكرر ضد المجتمع الأكاديمي في مصر وحقهم الأساسي في حرية التعبير.
ورأت المنظمات أن مثل هذه الممارسات تنتهك وتضر وضع الحرية الأكاديمية والبحث العلمي، بحيث تصبح مصر بلدًا طاردًا للعقول من ناحية بسبب التضييقات الأمنية على الباحثين المصريين بالداخل، ومن الناحية الأخرى تصبح حيزًا خطرًا للدراسة للباحثين القادمين من الخارج، سواء المصريون أو الأجانب، ما يؤثر سلبًا على الإنتاج المعرفي والتبادل الثقافي والعلمي.
وطالبت المنظمات السلطات المصرية بالتوقف عن استهداف الباحثين المصريين وتحويلهم إلى فئة “خطرة” بسبب عملهم، وذلك بما يشمل وقف كافة أشكال المنع والتعنت في سفرهم للخارج، وإنهاء كافة القضايا المتهم فيها باحثون مصريون بنشر أخبار كاذبة على خلفية دراستهم أو عملهم، ومن بينهم الباحث أحمد سمير سنطاوي، والباحث وليد سالم، والباحث باتريك جورج، وكذلك السماح لهم بالسفر لاستكمال دراستهم بالخارج، وفتح تحقيقات في ما تعرضوا له من انتهاكات خلال فترة تقييد حريتهم.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى