بلومبيرغ: قرارات أردوغان الأخيرة مدفوعة بالسياسة المحلية وهي مقامرة عالية المخاطر
عربي تريند_ تساءل المعلق التركي سنان أولغين عن السبب الذي دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزل مدير المصرف المركزي وهو الثالث خلال عامين والخروج من ميثاق اسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة.
وأجاب في مقال نشره موقع “بلومبيرغ” أن السياسة وراء القرارين نابعة من محاولته تعزيز شعبيته وزيادة حظوظ حرب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري بعد عامين.
وقال إن الرئيس التركي يقامر عبر قرارين مثيرين للجدل أنه يستطيع عمل هذا. ففي نفس اليوم الذي عزل فيه مدير المصرف المركزي ناجي أغبال، أعلن عن خروج تركيا من ميثاق اسطنبول، وهو اتفاق للمجلس الاوروبي صمم لحماية المرأة. وأدى القراران إلى نقد دولي مباشر، ولكن علينا فهمهما من خلال السياسة المحلية خاصة حملات إعادة أردوغان. ويقول الكاتب إن الانتخابات ليست قريبة لكن الرئيس قرر على ما يبدو قرر عقد انتخابات مبكرة لتغيير المشهد السياسي. وهذا هو التفسير الوحيد للتحركات الأخيرة، بما في ذلك قرار النائب العام إغلاق الحزب المؤيد للأكراد “حزب الشعب الكردي الديمقراطي”.
ولا يبدو منظور أردوغان جيدا، فاستطلاعات الرأي تظهر تراجعا مستمرا في شعبية حزب العدالة والتنمية. وكشفت دراسة مسحية في هذا الشهر اعدتها مؤسسة بحث في اسطنبول أن حصة حزب العدالة من الأصوات هي أقل من 30%، وهي أدنى نسبة منذ عقدين. وتعكس الدراسة رؤية متزايدة بين الأتراك أن زعيمهم لمدة 18 عاما لم يدر الاقتصاد بطريقة جيدة. وتتراجع نسبة الدخل للفرد بشكل مستمر منذ ذروتها في 2013 والتي وصلت إلى 12.000 دولار في العام.
وفي عام 2020 وصلت إلى 7.700 دولارا. وكانت المركزة المفرطة في السلطة التي تم إدخالها بعد التحول للنظام الرئاسي عام 2018 أدى لشل عمل الحكومة. وأصبحت عمليات اتخاذ القرار أقل وضوحا مما خلق حالة من عدم اليقين لوكلاء الاقتصاد المحليين والأجانب.
ولهذا السبب انخفضت نسبة الاستثمار الخاص مما جعل من الصعوبة بمكان على الحكومة التعامل مع الزيادة المستمرة في معدلات البطالة. ولكي تكون لدى أردوغان أي فرصة لمد حكمه إلى العقد الثالث فهو بحاجة لتغيير الوضع الراهن. وكانت قراراته في نهاية الأسبوع مصممة لهذا. فقد لام الرئيس مدير المصرف المركزي أغبال على سياسة الفائدة الإيجابية والتي جعلت تركيا في المرتبة الثانية من ناحية معدل الفائدة الإسمي ضمن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعد الأرجنتين وعرقلة التعافي الاقتصادي وخلق فرص العمل والدعم الشعبي الذي يحظى به. ويعتبر المدير الجديد شهاب قافجي أوغلو نائبا سابقا في حزب أردوغان ومن المؤمنين الأشداء بمواقفه المتشددة من الفائدة وأنها سبب التضخم. وبوجود حاكم مطواع على رأس المصرف المركزي فمن المحتمل عودة أردوغان إلى توسيع السياسات المالية وتخفيف شروط الائتمان وسياسات الإقراض. وحسب رأيه فالحوافز الائتمانية ضرورية لإنعاش الاقتصاد.
لكن السوق يختلف مع هذا الرأي، فقد انخفضت قيمة الليرة والتعامل في السوق المالي يوم الإثنين. ويرى المستثمرون أن نموا قائما على القروض الائتمانية هو سبب ضعف الاقتصاد ويعرض العملة لدورات من فقدانها قيمتها وضغوط التضخم ونقص في السيولة النقدية. ولو تعرضت الليرة لضغوط مستمرة فإن الحكومة ستأخذ من الاحتياط النقدي الأجنبي.
ومن المفارقة، حسب الكاتب، فبإجباره المراجعة في السياسة المالية وتقويض استقلالية المصرف المركزي، يعرض أردوغان منظور إعادة انتخابه للخطر. ولا يظهر أن قراره الخروج من ميثاق اسطنبول أنه سيحرف المسار لصالحه. ومن المفارقة أن هذا الميثاق كان من بنات أفكار الحكومة في أنقرة، ودعمه المجلس الأوروبي وتحول إلى قرار متعدد الأطراف في قمة للمنظمة الأوروبية عقدت في اسطنبول عام 2011. لكن خروج تركيا من الاتفاق هو بمثابة محاولة من الرئيس لجذب الإسلاميين المحافظين لدعم حملات إعادة انتخابه والذين لم يعجبهم الميثاق لأنه يعطي حماية للمثليين الذين هاجمهم الرئيس في خطاباته. إلا أن الدعم الشعبي قليل للخروج من الميثاق وبخاصة في ظل الصعوبات التي تواجه البلد في الحد من العنف ضد المرأة. وتظهر إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن 38% من النساء في تركيا يتعرضن للعنف من أزواجهن أو شركائهن، مقارنة مع 25% في أوروبا. وسيستخدم معارضو أردوغان قراره الخروج من الميثاق لإقناع النساء بعدم التصويت له ولحزبه. ولرجل معروف بأنه يتخذ تحركات فيها مخاطر كبيرة، يعتبر القراران الأخيران لأردوغان مقامرة عالية.