درعا في ذكرى الثورة السورية: تصعيد النظام ينذر بالأسوأ
عربي تريند_ لم يترك النظام السوري الذكرى العاشرة للثورة الشعبية ضدّه، تمرّ من دون تصعيد عسكري في محافظة درعا، جنوبي البلاد، والتي يحتفل أبناؤها بذكرى الثورة في 18 مارس/آذار من كل عام بخلاف عدد كبير من السوريين الذين يحتفلون بها في منتصف مارس. وينذر تصعيد النظام الجديد في درعا، بما هو أسوأ، بعد مرور عامين ونصف العام على إبرامه اتفاقات تسوية مع فصائل المعارضة السورية برعاية روسية، من الواضح أنها تتعرض لتحديات، ربما قد تطيح بها. وبعد هجوم بكمين تعرضت له أول من أمس الثلاثاء، وأوقع في صفوفها خسائر فادحة، عزّزت قوات النظام، أمس الأربعاء، وجودها في محيط بلدة المزيريب في ريف درعا الغربي، وفق ما أكد ناشطون، أشاروا إلى أن هذه القوات استقدمت رتلاً ضمّ دبابات ومدرعات إلى مبنى مؤسسة الريّ الواقع شرقي البلدة، والذي يعدّ نقطة انطلاق قوات النظام في المنطقة.
من بين قتلى الفرقة الرابعة في كمين الثلاثاء، ضباط برتب عالية
وكانت “الفرقة الرابعة”، وهي من أشرس فرق قوات النظام، قد تعرضت أول من أمس لخسائر بشرية في اشتباكات مع قيادي سابق في فصائل المعارضة السورية، هو أبو طارق الصبيحي، ومجموعته، ومسلحين من أبناء المنطقة، إثر محاولتها اعتقاله. والصبيحي متهم بقتل تسعة عناصر من أجهزة النظام الأمنية، بهجوم استهدف مخفر المزيريب في أوائل شهر مايو/ أيار الماضي. وأوضحت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أن عناصر “الفرقة الرابعة” التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام بشار الأسد، وقعوا في كمين محكم أدى إلى مقتل 23 عنصراً وإصابة آخرين. واعترف النظام بخسائره في المزيريب، حيث نقلت وكالة “سانا” الرسمية عن مصدر في قيادة شرطة درعا، قوله إن عدداً من جنود النظام قتلوا وجرح آخرون في الهجوم الذي وقع بين بلدتي المزيريب واليادودة، مضيفاً أنه تم نقل الجرحى إلى مشفى درعا الوطني.
كاريكاتير عشر سنوات / حجاج
زوايا
سورية .. عشرية الدم والأمل
من جهته، أكد المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران”، أبو محمود الحوراني، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن من “بين قتلى الفرقة الرابعة، ضباطاً برتب عالية”، مشيراً إلى وجود تخوف من ردّ فعل النظام على الحادث. وبيّن الحوراني أن “للفرقة الرابعة في قوات النظام نقطة تمركز بين اليادودة ومزيريب”، موضحاً أن هذه النقطة عُزّزت بعناصر خلال الأيام القليلة الماضية. ولفت أيضاً إلى أن قائد فصيل “الغيث” في “الفرقة الرابعة”، غياث دلة، كان يتردد بشكل دائم على هذه النقطة، وأن كمين الثلاثاء كان يستهدف عناصر من هذا الفصيل تحديداً. ولفت إلى أن الكمين وقع على مسافة قصيرة من هذه النقطة، لم تتعد ربما الكيلومتر الواحد. ونشر ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، صوراً تظهر جثث قتلى “الفرقة الرابعة” الذين سقطوا إثر الكمين.
وتحاول “الفرقة الرابعة” منذ نهاية العام الماضي إخضاع محافظة درعا لسطوتها، ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل إلى الآن. وتقع منطقة المزيريب في ريف درعا الغربي، غير بعيد عن الحدود السورية – الأردنية، وتتميز ببحيرتها التي تحمل الاسم ذاته، ما جعلها معلماً سياحياً كان السوريون يقصدونه في فصل الصيف.
وحول أسباب التصعيد الجديد، أشار العميد إبراهيم الجباوي، وهو قيادي سابق في فصائل المعارضة في جنوب سورية، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن قوات النظام ومليشياته الطائفية، والتي وصفها بـ”الحاقدة”، لم تستطع حتى اليوم السيطرة على معظم المدن والبلدات في درعا، مضيفاً أن “النظام يشعر بأن هذا الأمر يقلّل من شأنه ومن سطوته في عموم الجنوب السوري، ولا يتيح له القيام بعمليات انتقام بحق أبناء المحافظة التي شكّلت مهد الثورة السورية”. ولفت الجباوي إلى أن “قوات النظام وأجهزته الأمنية تحاول اقتحام بلدات محافظة درعا، ولكنها تفشل في كلّ مرة، حيث كان هناك فشل في السيطرة على طفس والصنمين وجاسم، لأن أبناء هذه البلدات لم يسلّموا سلاحهم الخفيف والمتوسط وفق ما نصّت اتفاقات التسوية، بل سلّموا السلاح الثقيل فقط، لذا فإنهم بقوا بالمرصاد لقوات النظام”.
وذكّر الجباوي بأن “قوام الفرقة الرابعة الناشطة في عموم محافظة درعا، هم من عناصر مليشيات إيرانية طائفية، ومن حزب الله اللبناني، لذا فإن القرار في هذه الفرقة هو في يد الإيرانيين الذين يحاولون إحداث تغيير ديمغرافي في جنوب سورية بأي شكل من الأشكال، ونشر التشيع بالترغيب أو بالترهيب”. وأكد القيادي السابق في المعارضة، أن هذه المحاولات الإيرانية “ستفشل”، لافتاً إلى أن “أبناء محافظة درعا لن يسمحوا لهذه المليشيات بدخول مدنهم وبلداتهم وقراهم”. كما أكد أن من بين قتلى كمين المزيريب أول من أمس، عناصر من هذه المليشيات.
يفشل النظام في السيطرة على معظم بلدات ومدن درعا، لأن أبناءها لم يسلّموا سلاحهم الخفيف والمتوسط
ويحتفل أهالي محافظة درعا في 18 مارس من كلّ عام، بذكرى الثورة السورية التي اندلعت في العام 2011, ويعتبر أهالي درعا التظاهرات التي عمّت المحافظة في 18 مارس 2011، الانطلاقة الحقيقية للثورة السورية. ويفتخر أبناء المحافظة بأن أول قتيل سقط في هذه الثورة، كان قد خرج في تلك تظاهرات، وهو محمود الجوابرة (مواليد العام 1987)، وذلك إثر إصابته برصاصة أطلقها عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.
وبمناسبة الذكرى العاشرة، دعا نشطاء محليون أهالي مدينة درعا، للخروج في تظاهرة عصر اليوم الخميس، في ساحة المسجد العمري الكبير في حي درعا البلد. ومن المرجح أن تلقي التطورات المتسارعة في بلدة مزيريب بظلالها على التظاهرات المرتقبة، والتي ستستذكر الشعارات الأولى للثورة، وأبرزها الدعوة إلى “إسقاط النظام”، والإفراج عن المعتقلين في سجونه.
ولم تشهد محافظة درعا أي هدوء أو استقرار منذ منتصف العام 2018 الذي شهد إبرام اتفاقات التهدئة مع قوات النظام بإشراف روسي، والتي نصّت على عدم دخول هذه القوات إلى المدن والبلدات التي تسيطر عليها فصائل المعارضة. ولم يلتزم النظام بتعهداته، وخصوصاً لجهة إطلاق المعتقلين، بل اعتقل المئات أيضاً بعد توقيع هذه الاتفاقات، قُتل البعض منهم تحت التعذيب. كما شهدت المحافظة منذ ذاك الحين عمليات اغتيال على نطاق واسع، تُتهم الأجهزة الأمنية التابعة للنظام بالوقوف وراءها، لعل أبرزها اغتيال القيادي البارز في فصائل المعارضة أدهم الكراد، الذي قتل في كمين على طريق درعا – دمشق في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2020.