العالم تريند

إسرائيل تسوّق رفضها للخطة الأمريكية- العربية: “هذه جائزة للفلسطينيين على السابع من أكتوبر”

فيما تحاول الولايات المتحدة الترويج لـ”نظرية بايدن” الخاصة بالشرق الأوسط وتتخللها دولة فلسطينية وتطبيع مع السعودية، قطع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الطريق عليها بقوله في رسالة مبطنة للإدارة الأمريكية، إنه يرفض إملاءات في مجال تسوية مع الفلسطينيين.

وقال نتنياهو للرئيس الأمريكي بايدن في محادثتهما الأخيرة ليلة الخميس، إن إسرائيل ستواصل معارضة الاعتراف من طرف واحد بدولة فلسطينية كونها “جائزة للإرهاب” وفق تعبيره.

نتنياهو الذي سبق وأعلن بصوته وصورته تسوية الدولتين خلال ما يعرف بخطاب بار إيلان عام 2009، لم ينف في محادثته مع بايدن إمكانية القيام بتسوية يتم “التوصل لها من خلال مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة”.

نتنياهو: ستواصل إسرائيل معارضة الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية؛ لأن اعترافا كهذا بعد مذبحة السابع من أكتوبر، يعني منح جائزة كبرى للإرهاب غير مسبوقة

يشار إلى أن نتنياهو قد أعلن تأييده التكتيكي لدولة فلسطينية بضغط الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وما لبث أن قال والد نتنياهو في حديث للقناة 12 العبرية، المؤرخ تسيون نتنياهو، إن ولده قال ما قاله فقط من أجل عدم مجابهة الإدارة الأمريكية، ولا ينوي التقدم فعلا نحو دولة فلسطينية.

واستغرقت المحادثة مع بايدن التي جرت خلال اجتماع مجلس الحرب ليلة أمس، نحو 40 دقيقة، قال بعدها نتنياهو: “أوضحت خلال اجتماع المجلس الوزاري موقفي حيال الأحاديث التي تسمع في الآونة الأخيرة حول فرض دولة فلسطينية على إسرائيل”.

وتابع: “ستواصل إسرائيل معارضة الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية؛ لأن اعترافا كهذا بعد مذبحة السابع من أكتوبر، يعني منح جائزة كبرى للإرهاب غير مسبوقة، وستحول دون كل تسوية مستقبلية”.

وحسب المصادر الإسرائيلية، فقد تحدث بايدن ونتنياهو أمس في محادثتهما الثانية هذا الأسبوع، حول موضوع المحتجزين ومستقبل القتال داخل قطاع غزة، وبالتشديد على عملية رفح التي تتحفظ منها واشنطن، علاوة على المساعدات الإنسانية العالقة حاليا.

وقف النار
وجاءت تصريحات نتنياهو هذه على خلفية المحادثة مع بايدن، وفي أعقاب نشر صحيفة “واشنطن بوست” أمس حول محاولة الولايات المتحدة مع عدد قليل من الدول في الشرق الأوسط، استكمال صياغة خطة تفصيلية شاملة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين بما في ذلك وضع جدول زمني خاص بإقامة دولة فلسطينية.

وقالت الصحيفة الأمريكية إنه من المرجّح أن يعلن عن هذه الخطة في غضون أسابيع. وبحسب تقريرها، فإن الحاجة الملحة في محاولة استكمال خطة كهذه ترتبط مباشرة بمحاولة وقف القتال داخل قطاع غزة، وإطلاق المحتجزين.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمريكية وعربية، قولها إن وقفا أوليا للقتال، يُفترض أن يستمر ستة أسابيع، سيمنح وقتا كافيا للإعلان عن الخطة للجمهور الواسع، وتجنيد الدعم لها، والبدء بخطوات أولية لتطبيقها، من بينها تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة.

يخطّط القائمون على الخطة أن يتم البدء في تحقيقها قبل بدء شهر رمضان المقبل على أساس أن مفتاحها هم المحتجزون الإسرائيليون

ويخطّط القائمون على الخطة أن يتم البدء في تحقيقها قبل بدء شهر رمضان المقبل على أساس أن مفتاحها هم المحتجزون الإسرائيليون، وفق ما قاله مصدر أمريكي لـ”واشنطن بوست”.

وبعد نشر الصحيفة الأمريكية تفاصيل عن الخطة، سارع مكتب نتنياهو لرفض الفكرة. فقال الناطق بلسان مدير المديرية الوطنية للدبلوماسية الجماهيرية في ديوان رئاسة الحكومة، آفي هايمان، إن “هذا ليس الوقت لتوزيع جوائز على الفلسطينيين”.

وفي حديث لصحافيين أجانب، زعم هايمان أمس وقبيل محادثة بايدن- نتنياهو، أن إسرائيل ما زالت تعيش في فترة ما بعد كارثة السابع من أكتوبر. وتابع: “الآن هو وقت الانتصار… الانتصار المطلق على حماس، ونحن سنواصل مسارنا حتى النصر”.

دولة إرهابية
واجتر هايمان تصريحات نتنياهو التي جاء فيها أن كل المداولات الحالية بشأن اليوم التالي ستبدأ في اليوم التالي بعد حماس. كما سارع عدد من الوزراء في حكومة الاحتلال للتعبير عن معارضتهم للخطة الأمريكية، فقال الوزير المستوطن بتسلئيل سموتريتش إنه لا يمكن قبولها بأي شكل من الأشكال كونها تقول للفلسطينيين “أنتم تستحقون جائزة على مذبحة السابع من أكتوبر على شكل دولة وعاصمتها القدس”.

وتبعه وزير الأمن القومي المدان بالإرهاب إيتمار بن غفير، فقال إن نية الولايات المتحدة مع بعض الدول العربية لإقامة “دولة إرهابية” إلى جانب إسرائيل تنمّ عن فكرة فارغة وجزء من مفهوم مغلوط كأن هناك شريكا للسلام.

كذلك قال وزير التعليم في حكومة الاحتلال يوآف كيش (الليكود) في حديث لموقع “واينت” الإخباري العبري صباح اليوم الجمعة، “إننا مشغولون الآن فقط بالانتصار داخل قطاع غزة وتدمير قدرات حماس واستعادة المخطوفين. وكل حديث عن جائزة كهذه أو تلك لهؤلاء القتلة، لا دخل لنا بها” بحسب تعبيره.

أما الوزير بلا حقيبة غدعون ساعر (الحزب الدولاني برئاسة بيني غانتس) فقد عبّر هو الآخر عن رفضه القاطع للخطة المقترحة: “أنذرت وحذّرت من هذه الخطة الخطيرة القائمة على اعتراف دولي بدولة فلسطينية بشكل أحادي الجانب. هذه خطة ليس فقط لن تحل الصراع، بل تحوله إلى غير قابل للحل”.

بدون أمريكا سنقاتل العرب بالعصي والحجارة
بيد أن المشكلة في الموقف الإسرائيلي الرافض لتسوية سياسية لا تنحصر في حكومة الاحتلال، وفي الائتلاف الصهيوني المتطرف الغيبي فحسب، بل إن المعارضة متلعثمة ولا تختلف في الجوهر بطروحاتها السياسية، إذ يخشى لبيد وغانتس وأيزنكوت مجرد القبول بتسوية الدولتين حتى عندما يجري الحديث عن دولة فلسطينية اصطناعية- منزوعة السيادة والسلاح ومحاصرة.

ويذهب رئيس حكومة الاحتلال السابق المعارض الكبير لنتنياهو، إيهود باراك، للقول إنه ينبغي الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والسعي لتسوية الخلافات معها داخل الغرف الموصدة بدلا من التراشق الإعلامي.

“بدون الأمريكيين، سنجد أنفسنا في حرب طوال الحياة. وفي مرحلة معينة سنضطر للقتال عندئذ بالعصي والحجارة”.

وفي حديث للقناة 12 العبرية، شدد باراك على إمكانية قبول نظيرة بايدن المذكورة، ويعلل ذلك بالقول إنه يكفي أن تقول إسرائيل “نعم لمفاوضات سياسية” وإن الدولة الفلسطينية ليست أمرا ملحّا مطروحا ويمكن الالتفاف على ذلك بلغة دبلوماسية وبحنكة سياسية، داعيا نتنياهو لاتخاذ قرار هو لجانب مَن مع الولايات المتحدة أم مع سموتريتش وبن غفير؟

وتعبّر زميلته سابقا وعضوة الكنيست السابقة عن حزب “العمل” شيلي يحيموفيتش، عن موقف مماثل، محذّرة من تدهور علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة. وعللت ذلك بالقول إنه “بدون الأمريكيين، سنجد أنفسنا في حرب طوال الحياة. وفي مرحلة معينة سنضطر للقتال عندئذ بالعصي والحجارة”.

غير أن هناك استطلاعات رأي كثيرة جدا تظهر أن نصف الإسرائيليين على الأقل كانوا يعارضون فكرة الدولتين، وقيام دولة فلسطينية حتى قبل السابع من أكتوبر. واليوم، بات الشارع الإسرائيلي ينزع نحو المزيد من التشنج والرغبة بالانتقام، فيما يبقى صوت العقلاء المدركين أن دولة فلسطينية مستقلة هي مصلحة إسرائيلية أيضا، صوتٌ ضعيف وفي البرية.

في المقابل، باركت وزارة الخارجية الفلسطينية الجهود الرامية لإنجاز مبادرة سياسية تقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. ووجهّت انتقادات للمواقف الإسرائيلية الرافضة للفكرة، ودعت لفرض عقوبات خاصة على سموتريتش وبن غفير اللذين يشكلّان تهديدا على السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.

كما أكدت الخارجية الفلسطينية على أن كل مبادرة توقف الحرب وتسوّي الصراع دون البدء بدولة فلسطينية لها عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وباعتراف الغرب أيضا، ستكون محكومة بالفشل كالمبادرات السابقة.

كما نُسب للرئيس الفلسطيني قوله “إننا نسمع من الولايات المتحدة الكثير عن دولة فلسطينية لكنها تبقى دون تطبيق”. مشيرا إلى أننا “نطالب حركة حماس بسرعة إنجاز صفقة الأسرى لتجنيب شعبنا الفلسطيني ويلات وقوع كارثة أخرى لا تحمد عقباها ولا تقل خطورة عن نكبة 1948”.

وأثارت هذه التصريحات انتقادات بعض الأوساط الفلسطينية واعتبرتها تحميلا لحماس مسؤلية المذبحة في غزة،علما أنه سبق وهاجم إسرائيل في الماضي لرفضها تسوية سياسية بقوله: “رضينا بالبين والبين ما رضي فينا”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى