مصر

والدة الناشط علاء عبد الفتاح: ابني ليس وحيدا.. ملايين الشباب المصري “ارتكبوا جريمته”

عربي تريند_ نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لأستاذة الرياضيات بجامعة القاهرة ليلى سويف بعنوان “ابني ليس وحيدا، الملايين من الشباب ارتكبوا جريمته”، وجاء المقال دفاعا عن ابنها الناشط السياسي المعتقل علاء عبد الفتاح، وقالت فيه “كنت أقف خارج مجمع طرة، الذي يعتقل فيه ابني، سألتني أم: ما سبب اعتقال ابنك؟” فأجبت “السياسة”. و”بدت مستغربة ليس لاعتقاله بسبب السياسة -وهذا ليس غريبا في مصر- ولكن لأن معظم المعتقلين السياسيين هم من الإسلاميين ولم تكن تعتقد أنني أم لإسلامي” وأضافت “كان من شباب الثورة”. ولم تكن بحاجة لتوضيح أكثر.

وتساءلت عن السبب الذي أدى لاعتقال ابنها علاء عبد الفتاح، مجيبة أنه كان واحدا من عشرات آلاف المعتقلين السياسيين في مصر، وهو معتقل منذ سبعة أعوام وخلال عدة حكومات وبدون أمل في الخروج. ووقف أمام المحكمة عدة مرات وسيصدر حكم عليه يوم الإثنين. وجريمته، مثل ملايين الشباب في مصر وأبعد منها، لأنه آمن بعالم آخر ممكن وتجرأ على المحاولة لتحقيقه. ويبدو أن العالم الخارجي الذي ألهم الثوريين المصريين يحرف نظره، فيما لا تقدم الحكومات الديمقراطية لمسألة العدالة والحقوق إلا الكلام. ومن الأفضل تلخيص هذا بكلام علاء نفسه “لقد دخلنا سن الرشد مع الانتفاضة الثانية، وخطونا خطواتنا الحقيقية في العالم مع سقوط بغداد، وبكى كل إخواننا العرب من حولنا” وهتف التحالف الشمالي “على أجسادنا الميتة” وغنى التحالف الجنوبي “ليس باسمنا”، كان هناك عالم آخر ممكن، وفهمنا أن العالم الذي سنرثه ميت وأننا لسنا وحيدين”.

وهذا الكلام من مقال نشره علاء في عام 2017 بعنوان “صورة الناشط خارج سجنه” وظهر في مجموعة من كتاباته التي صدرت هذا العام. ومهمة والدته اليوم في مقالها هي رسم صورة قريبة عن الناشط داخل سجنه. فقد اعتقل علاء في أيلول/سبتمبر 2019 وسط موجة أخرى من الاعتقالات، وكان قد أنهى خمس سنوات من الاعتقال بتهم “تنظيم احتجاجات” وكان يعيد بناء حياته. ومضى على خروجه من السجن مدة ستة أشهر تحت الرقابة، وأجبر كل ليلة على النوم في مركز الشرطة عندما جاءوا لاعتقاله. ومنذ ذلك الوقت احتجز في سجن طرة 2 شديد الحراسة، والظروف فيه أسوأ من سجن طرة 1 شديد الحراسة حيث يعتقل بقية السجناء. وما وصفه لأمه ومحاميه مرعب: ففي الليلة التي أحضر فيها إلى السجن، جرد من ملابسه وضرب في حفلة يطلق عليها السجناء “حفلة الترحيب”.

وأخبر والدته أنهم هددوه إذا ذكر ما حدث له، لكنه كتب شكوى للنائب العام. وحرم من الحصول على أي مواد للقراءة مهما كان نوعها. ولم يسمح له بالحصول على راديو ولا مشاهدة التلفزيون. ولا يسمح له بفترة النقاهة والتدرب خارج زنزانته. ولا يسمح له بالخروج منها إلا في وقت الزيارات أو الذهاب إلى المحكمة. لكنه تحدث لعائلته عن كل انتهاك أو خرق يعرفه، ويخبرها عندما يستمع عن اختفاء أشخاص من نظام السجن وتقدم بتقرير قال فيه إنه سمع شخصا ما يعذب في الزنزانة الملاصقة لزنزانته. ولم يفقد الضباط الذين اشتكى منهم وظائفهم ولا يزالون يحتفظون بالسلطة عليه.

وأشارت إلى أن القيود التي فرضت على الزيارات بسبب كوفيد أدت لتعليقها مدة خمسة أشهر وعندما استؤنفت لم يسمح بها إلا مرة واحدة في الشهر ولمدة 20 دقيقة ولشخص واحد من العائلة. ولا تتمكن هذه من رؤية السجين شخصيا، بل ومن خلف حاجز زجاجي حيث يتم التواصل عبر الهاتف وكل شيء مسجل. وأخبر والدته في الفترة الأخيرة أنه ينتابه تفكير انتحاري. وعندما ينقل إلى المحكمة، يوضع في قفص و”أخبرني عبر القضبان أنه سيموت داخل السجن”. وفي بداية هذا العام حاول صحافيان الانتحار، وهما محمد إبراهيم (أو محمد أوكسجين) وعبد الرحمن طارق (موكا) وذلك احتجاجا على سجنهما بدون محاكمة ولعدة سنوات أو ما يعرف “اعتقال ما قبل المحاكمة”، وهما مثالان من عدة أمثلة.

و”عانى علاء لمدة عامين من هذا التعذيب البطيء ولا نهاية في الأفق”. وقضى علاء معظم فترة سجنه بدون توجيه تهم له. وبسبب الضغوط الدولية لإنهاء هذا النوع من الاعتقالات لأجل غير مسمى، أحيل في تشرين الأول/أكتوبر للمحاكمة بقضية جديدة سيتم الاستماع إليها في محكمة أمن الدولة العاجلة، وهو متهم إلى جانب محمد أوكسجين ومحاميه محمد الباقر والذي اعتقل أثناء تمثيله لعلاء بتهم نشر الأخبار الزائفة. ورفض القاضي منح محامي الدفاع نسخة من القضية حتى لا يقوموا بتحضير الدفاع. و”لكننا نعرف أن علاء أمام المحكمة لأنه أعاد نشر تغريدة عن سجين توفي بسبب التعذيب، في نفس السجن الذي يعتقل فيه علاء الآن. وسيصدر الحكم على علاء والمتهمين معه يوم الإثنين ولا يمكن الاستئناف على الحكم”.

وتعلق ليلى سويف أن الضغوط التي تزعم الولايات المتحدة وأوروبا أنها تمارسها على الحكومة المصرية لكي تنظف سجلها في حقوق الإنسان لا تهدف إلا لإرضاء قطاعات معينة من الناخبين. وترد السلطات المصرية بناء على هذا، وتفهم أن “تنظيف سجل حقوق الإنسان” يعني في الحقيقة “ندعمكم ولكننا نناشدكم ألا تتسببوا بالإحراج لنا”. ولهذا أصدرت مصر قبل فترة إستراتيجية هنأت نفسها عليها وهي “إستراتيجية حقوق الإنسان الوطنية”. وبعد شهرين من لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية المصري سامح شكري أصدرت الولايات المتحدة بيانا قالت فيه إنها “ترحب بالإستراتيجية” وتخطط “لمواصلة الحوار بشأن حقوق الإنسان”. و”من تهمهم حقوق الإنسان عليهم ألا ينخدعوا بالإستراتيجيات ولكن النظر إلى الأفعال: البدء بالإفراج عن جيل يقتل ببطء في السجن لتفكيرهم الحر وتعبيرهم عن أنفسهم”.

وتشير إلى كلمات علاء في مقالته التي نقلت منها وإلى معنى “حلفائنا الشماليين” والذين يهتفون “ليس باسمنا” والقنابل تسقط على بغداد، و”يسألني الناس الذين يعيشون في أمريكا وبريطانيا وعالم الشمال إن كان بإمكانهم المساعدة وأخبرهم أن عليهم النظر مليا في السياسة الخارجية لحكوماتهم وبطريقة دقيقة مثلما يمحصون سياساتها المحلية. وجواب علاء دائما: أصلحوا ديمقراطيتكم واحموها وهذه أفضل طريقة للمساعدة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى