قطر

“قرنقعوه” قطر… أطفال يحتفلون بيومهم الرمضاني

يحيي أطفال قطر، مساء اليوم الأحد، ليلة “القرنقعوه”، فيرسمون لوحة تراثية عند خروجهم بعد المغرب، يطوفون الشوارع ويطرقون أبواب البيوت، طالبين المكسرات والحلويات التي جهزتها الأسر لهذه الليلة. وبعد أن يظفروا بما تجود به الأمهات، تهتف حناجر الصغار بأهزوجة يتمنون فيها لربات البيوت الكريمات “زيارة مكة المكرمة”.

يقول الباحث في الموروث الشعبي، خليفة السيد المالكي، لـ”العربي الجديد”، إنّ “القرنقعوه” احتفال تقيمه الأسر القطرية تكريماً للأطفال من الجنسين، مكافأة لهم على إتمام صيام نصف شهر رمضان، موضحاً أنّه في ليلة “القرنقعوه” يخرج الأطفال وهم يرتدون ملابس تقليدية، فالذكور يلبسون الثياب البيضاء الجديدة، ويرتدي بعضهم “السديري” المطرز، ويعتمرون فوق رؤوسهم “القحفية”. أما الفتيات فيرتدين فوق ملابسهن العادية “الثوب الزري”، وهو ثوب يشع بالألوان ومطرز بخيوط ذهبية، ويضعن “البخنق” فوق رؤوسهن، ويتزينّ ببعض الحلي الخليجية، ويحمل كلّ طفل كيساً مصنوعاً من القماش يسمى “خريطة” وهي تشبه المخلاة أو الخرج، زاهية الألوان ومختلفة الأشكال والأحجام.

ويردد الجميع أهزوجتهم الشهيرة: “قرنقعوه قرنقعوه، عطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم، يا مكة يا المعمورة، يا أم السلاسل والذهب يا نورة، عطونا من مال الله، يسلم لكم عبد الله، عطونا دحبة ميزان، سلّم لكم عزيزان، يا بنيّة يا حبّابة، أبوجِ مشرّع بابه، باب الكرم ما صكّه، ولا حطّ له بوّابة”.

وحول تسمية ليلة “قرنقعوه” التي يحتفل بها في منتصف شهر رمضان من كلّ عام، يوضح المالكي أنّها مشتقة من قرقعة الحصى، فقديماً كانت الأمهات عندما يذهبن في الربيع إلى البرّ، يجلبن معهن حصَيات ملساوات ويحتفظن بها لهذه الليلة، فتعطي الأم كلّ طفل، سواء كان صبياً أو بنتاً، حصاتين بيضاويتي الشكل، تسمى الواحدة منهما “صمية”، وهي من الصوّان، فيقرع الطفل حصاتيه ببعضهما ليحدث تلك “القرقعة”، ويمكن أن تسمى الليلة “قرقيعان” من المنطلق نفسه، فيستعملون ذلك الصوت أيضاً إيقاعاً لأغنيتهم الشهيرة في هذه الليلة. وثمة قولان آخران في التسمية، فـ”قرنقعوه” كناية عن قرع الأطفال أبواب البيوت، أو نسبة إلى “قرة العين في هذا الشهر”.

وفي ليلة “القرنقعوه” يكرم “المسحراتي” أيضاً. ووفقا للمالكي، يصطحب المسحراتي الأطفال ويطوف بعد صلاة المغرب من خلال الطبلة والطوس (الصاجات) يرددون هذه الأهزوجة: “في ذا الكون منزلنا… عسى الله ينصرنا… هللت مكة وقالت مرحبا بالزائرين… مرحبا بك يا محمد والصحابة أجمعين”. وفي نهاية الجولة يتم تقسيم “القرنقعوه” وهي المكسرات والحلويات على الجميع بالتساوي.

تستعد الأسر القطرية قبيل ليلة النصف من رمضان بتحضير سلال كبيرة تسمى باللهجة القطرية “الجفير”، وتكون ممتلئة بالمكسرات والحلويات، من البيذان، والزبيب، واللوز، والجوز، والنخي، والملبس وغيرها. ويقول المالكي إنّ معظم الأسر القطرية اليوم، أصبحت تبالغ في الاحتفال بالمناسبة، وتتنافس في كيفية عرض وتغليف الأكياس التي يحملها الأطفال، أو في تقديم أشياء جديدة وغريبة من الحلوى، حتى إنّها ترسل أطفالها بالسيارات مع السائقين ليطوفوا، أو ترسل الأطفال بصحبة الخادمات أو السائقين، ما يذهب بهجة الاحتفال بهذا الموروث الخليجي، والذي يدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال في رمضان.

يتميز احتفال ليلة “القرنقعوه” بأنّه مهرجان تراثي يتوجه بشكل خاص إلى الأطفال، وتحتفل به إلى جانب الأسر القطرية المراكز والمؤسسات الثقافية والمجمعات التجارية الكبرى، كما تنظم الجامعات والمدارس مهرجانات وفعاليات خاصة بالمناسبة. وقد أعدت المؤسسة العامة للحي الثقافي “كتارا”، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، والمركز الثقافي للطفولة، ومركز قطر للتراث والهوية، ونادي الجسرة الثقافي، وسوق واقف، والعديد من الهيئات والبنوك والمؤسسات، فعاليات وعروضاً تثقيفية وألعاباً ترفيهية للأطفال مستمدة من العادات والتقاليد القطرية والخليجية، بالإضافة إلى سلسلة من الأنشطة والفعاليات الأخرى الهادفة إلى إحياء الموروث القطري.

تجدر الإشارة إلى أنّ “القرنقعوه” من تقاليد مختلف مناطق الخليج العربي بشكل عام. وباختلاف المكان، تختلف الأهازيج والمسميات في هذه الليلة، فتسمى في قطر والكويت والمنطقة الشرقية في السعودية بـ”القرنقعوه”، وتسمى في البحرين “القرقاعون”، ويطلق عليها أهل سلطنة عمان “القرنقشوه”، أما في الإمارات فتسمى “حق الليلة”. يشترك الجميع في الاحتفال بهذه الليلة في منتصف شهر رمضان.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى