مصر

«محاكم التفتيش»: تقرير مصري يرصد حصار حرية الرأي على الإنترنت

عربي تريند_  تحاصر النيابة العامة والمحاكم الاقتصادية في مصر، حرية الرأي والتعبير على الإنترنت، حسب «الجبهة المصرية لحقوق الإنسان»، التي أصدرت تقريرا في هذا الشأن، الخميس، بعنوان «محاكم التفتيش».
وتتبع التقرير قضايا ترتبط بالنشر، أحالتها النيابة العامة للمحاكم الاقتصادية، لقيام أشخاص متهمين فيها بممارسة حقهم في التعبير عن رأيهم بأشكال مختلفة على منصات الكترونية، واتهامهم بأفعال مجرمة وفقاً لقوانين ثم تشريعات خلال السنوات الأخيرة، أبرزها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وسلط الضوء أيضاً على أداء وقرارات وأحكام النيابات والمحاكم الاقتصادية التي نظرت هذه القضايا، وذلك «بعد سنوات من تغيير التشريعات والسياسات التنفيذية لمؤسسات الدولة المصرية لتكون أكثر اتساقاً مع الروح السلطوية التي يتم بها النظام السياسي الحالي».
وبدأت السلطات المصرية، منذ عام 2018، موجة واسعة من الاستهداف الأمني والقضائي لمئات المواطنين، الذين مارسوا حقهم في التعبير عن رأيهم، إذ تعرض هؤلاء للحبس الاحتياطي من قبل نيابات على رأسها نيابة أمن الدولة، وأحيلت بعض هذه القضايا لمحاكم الجنايات، أو الطوارئ أو المحاكم الاقتصادية، طبقا للتقرير، الذي تحدث عن اتهام أعداد كبيرة باتهامات منها «نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي».
وهذا الاتهام وصفته الجبهة بـ«المعلب الذي اتبعته السلطات المختلفة لتجريم ممارسة المواطنين حقهم في التعبير الحر عن آرائهم، وتحويل حقهم وحرياتهم إلى جريمة جنائية».

مراقبة الإنترنت

وجاءت هذه الهجمة، وفق التقرير «في إطار سعي أجهزة الدولة المتواصل أيضاً لمراقبة الإنترنت وحجب عشرات المواقع الإخبارية والحقوقية، في ظل مظلة من التشريعات وقوانين تم تصميمها لتنفيذ هذا الهدف مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون مكافحة الإرهاب، بما احتوته على مواد اتسم بعضها بالغموض خاصة فيما يتعلق بتهمة الاعتداء على قيم الأسرة المصرية، وبانتقاد السياسات العامة».
ومنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة عام 2014، أصدر عدد من القوانين «السلطوية» التي وسعت من رقعة حبس المعارضين، إلى جانب الإمساك بتلابيب السلطة التنفيذية، والتأثير على السلطة القضائية، منها قانون «مكافحة الجرائم الإلكترونية»، تبعا للجبهة، التي أشارت إلى أن «الاستهداف الأمني والقضائي، طال مواطنين عاديين، جراء قيامهم بالنشر والتعبير عن رأيهم الحر عبر مواقع التواصل الاجتماعي».

«مكافحة الجرائم الإلكترونية»

وأبرز الانتهاكات التي أتاحها القانون «مراقبة الإنترنت، وحجب المواقع، وتجريم قواعد غير محددة».
وتناول التقرير نشأة وتطور القانون المنظم لعمل المحكمة الاقتصادية واختصاصاتها، وكيف دخل إلى اختصاصها المتعلق بقضايا الإفلاس والبورصة وغيرها من الاختصاصات الاقتصادية، لتبدأ في النظر في الدعاوى عن الجرائم في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وكذلك نظر عدد من قضايا النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية انتقاد مؤسسات سياسية أو لاحتوائها على محتوى مخالف للآداب العامة أو ما بات يعرف بمخالفته «لقيم ومبادئ الأسرة المصرية».

المحاكم الاقتصادية

كما تطرقت الجبهة لتعديل قانون المحاكم الاقتصادية، في أغسطس/ آب 2019، الذي أضاف اختصاصات جديدة للمحكمة الاقتصادية، وجعلها تنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وهو القانون الذي يتيح الحبس في قضايا النشر على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف.
وركز الجزء الثاني من التقرير على طبيعة الأشخاص والجهات، محركي الدعاوى في هذه القضايا، وعلى رأسها إدارة البيان والتوجيه والتواصل الاجتماعي في مكتب النائب العام والتي تم إنشاؤها لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي وتلقي الشكاوى والتفاعل مع جمهور النيابة بالإضافة إلى مؤسسات تنفيذية ومواطنين.
فيما استعرض الجزء الثالث خطاب وأداء النيابة في عدد من هذه القضايا، سواء من خلال البيانات الصادرة أو أثناء التحقيقات، والتي استخدمت النيابة فيه خطابا يمكن عده «محافظاً ورافضاً للانتقاد السياسي وحملت لغته مصطلحات أخلاقية ودينية، فضلاً عن تعديها على الخصوصية وحرمة الحياة الشخصية»، حسب التقرير.
وتناول الجزء الرابع خطاب المحكمة الاقتصادية، والذي ظهر من أحكامها، حيث احتوى على «لغة إنشائية بعيدة عن الرصانة القانونية، والنزوع نحو الوعظية والتربوية، والعداء لحريات النساء، وذلك في ظل سلطة تقديرية كبيرة للقاضي في تفسير المفاهيم وإصدار الأحكام بناءً على ذلك.»

أحكام طالت حقوقيين

وتطرقت الجبهة لعدد من القضايا التي استهدفت عددا من صانعي المحتوى على «التيك توك» تحت شعار «حماية أخلاق المجتمع»، مثل حنين حسام ومودة الأدهم اللتين صدر بحقهما حكم بالسجن عامين وغرامة 300 ألف جنيه، وهدير الهادئ، التي صدر ضدها حكم بالسجن عامين في اتهامها بنشر صور وفيديوهات «منافية للأخلاق».
كما تناول التقرير القضية الذي اتهم فيها الحقوقي حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بـ«إهانة» هيئة الانتخابات المصرية من خلال منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، وقضت المحكمة بتغريمه بـ 10 آلاف جنيه مصري.
كذلك لفت التقرير إلى القضية التي اتهم فيها ماركو صليب شحاتة باستخدام مصادر التشريع الإسلامي للترويج لأفكار متطرفة والتطاول على الذات الإلهية، وصدور حكم بسجنه 5 سنوات.
وخلصت الجبهة إلى أن «الهجمة التي قادتها النيابة على حرية النشر والتعبير على الإنترنت، وما تبعها من أحكام المحكمة الاقتصادية، وما تم الاستناد عليه من قوانين تعسفية مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات عبر اتهام الأفراد بإهانة هيئات ومؤسسات نظامية أو تهديد قيم ومبادئ الأسرة المصرية، تمكن الدولة من السيطرة المجتمعية، خاصة على الأشخاص المهمشين اجتماعيا بسبب دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم».

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى