المغرب العربي

تحذيرات من النعناع في المغرب

النعناع يهدد صحة السكان في المغرب، وهو الذي يشكل عنصراً أساسياً في مأكولاتهم ومشروباتهم، ما دفع إلى تحرك رسمي

الشاي (الأتاي) بالنعناع جزء أساسي من عادات المغاربة وسلوكهم الغذائي، سواء كان الشخص زائراً أو سائحاً. وللشاي دلالة على حسن الضيافة والكرم. كما أنّ المناسبات الاجتماعية لا تخلو من الشاي بالنعناع.

لكن أخيراً، أصدر “المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية” (أونسا) في جهة طنجة تطوان الحسيمة (شمال المغرب)، بياناً حذّر فيه من استهلاك النعناع بعدما أخذ عينات ثبت من خلالها أنها “لا تستجيب لمعايير السلامة الصحية”.

و”تحتوي هذه العينات على مبيدات غير مرخصة لزراعة النعناع أو مبيدات تفوق المقادير المسموح بها وتشكّل خطراً جسيماً على صحة المستهلك”، بحسب البيان. وأوردت “المصالح الإقليمية لحماية النباتات” التابعة لمكتب “أونسا” أنها ستقوم بإجراءات للتأكد من سلامة النعناع، من بينها “أخذ عينات من خمسة مزارعين في إقليمي العرائش والفحص أنجرة باعتبارهما من المناطق التي تزرع النعناع بكثرة في شمال البلاد، وتحرير مخالفة بحق المزارعين في حال ثبوت عدم احترام المعايير الصحية، وإتلاف حقول النعناع غير السليمة، وإجبار موزعي النعناع على إجراء تحاليل مخبرية تثبت سلامة منتج النعناع”.

عيّنة مخالفة للقانون
يقول المدير الجهوي لـ”أونسا” محمد زردون، لـ”العربي الجديد”: “ثبت حالياً وجود عينة مخالفة للقانون”، مضيفاً أن “مكتب السلامة في جهة طنجة تطوان الحسيمة، أخذ عينات من خمسة مزارعين بشكل عشوائي، اثنان في إقليم الفحص أنجرة، وثلاثة في مدينة القصر الكبير في إقليم العرائش، وتبين وجود عينة واحدة مخالفة للقانون بعد فحص أربع عينات”. وسيتولى “أونسا” تحرير محضر مخالفة يرفع إلى النيابة العامة بحقّ المزارع الذي أخلّ بالحق العام للمواطنين، وإتلاف محصوله”.

يأتي ذلك ضمن برنامج “الرصد الوطني” الذي يخص مراقبة قطاع الفاكهة والخضار والحليب واللحوم وغيرها من المنتجات والذي قام به مكتب “أونسا” هذا العام في ستّ جهات مغربية تنتج النعناع على وجه الخصوص، منها جهة طنجة تطوان الحسيمة. وتقع مدينة القصر الكبير، وهي من أكبر المدن الشمالية المنتجة للنعناع، على مساحة 200 هكتار، وتضم مائة مزارع لديهم تعاونية تقدم تحاليل دورية، إضافة إلى منطقة الفحص أنجرة، عدا عن المساحات الزراعية التي يعمل فيها نحو 900 مزارع على مستوى طنجة.

ومن خلال التتبع والرصد على مدار عام، تأكد لـ”أونسا”، بحسب زردون، أنّ “النعناع من أكثر المنتجات التي ترتفع فيها بقايا مبيدات أو مبيدات غير مرخصة (هناك 18 مبيد حشرات مرخصاً للنعناع بالمغرب). ويقول: “حللّنا 13 عينة مصدرها أسواق الجملة ونقاط البيع والفلاحين، ثبت وجود سبع عينات من النعناع بينها مخالفة لقانون استخدام المبيدات، لكنها لم تكن معروفة المصدر على اعتبار أن النعناع منتج متحرّك بين أسواق المغرب”. كذلك، خضع المزارعون في إقليم العرائش ضمن برنامج “الرصد” هذا إلى ورشات تدريبية وتوعوية تتعلق بكيفية استخدام المبيدات والأسمدة الخاصة بالورقيات.

ويزرع المغرب نحو أربعة آلاف هكتار من النعناع، وينتج سنوياً ويوزع ما بين 65 و70 ألف طن من النعناع، ويُصدر ما يصل إلى 7 آلاف منها إلى الخارج، وتحديداً إلى بلدان الاتحاد الأوروبي من خلال جمعيات وتعاونيات خاضعة لمعايير السلامة المحلية والدولية. وتبقى مكافحة المبيدات غير المرخصة (أي التي تستخدم بطريقة خاطئة على غرار مبيد الطماطم) أو الإفراط في استخدامها أمران تصعب السيطرة عليهما.

ويعزو زردون الأمر إلى “عدم احترام الفلاحين فترة الأمان التي تقدر بأسبوع، وتفصل بين فترة الجني والاستخدام الأخير للمبيد، أو بسبب جهل الفلاحين لهذه الممارسات الزراعية”. من جهة أخرى، فإن متطلبات المستهلك لناحية توفير أوراق نعناع ذات جودة قد تضغط على الفلاحين للإفراط في استخدام المبيدات.

النعناع في طنجة
ما سبق لا يعني أنّ النعناع في منطقة طنجة هذه الأيام غير صالح للاستهلاك. يقول زردون: “سنتلف حقل النعناع المخالف لمعايير السلامة الذي صادفناه في مدينة القصر الكبير، وسيخضع النعناع للرصد على فترات بحسب ميزانية المؤسسة”. يضيف: “أعلنّا الأمر من خلال وسائل الإعلام حتى يستوعب المستهلك وجود هذه المشاكل، وننصحه بشراء النعناع من الأسواق المراقبة، وإجبار مسؤولي أسواق الجملة على مطالبة موزعي النعناع بإجراء تحاليل دورية تثبت سلامته”.

في هذا الصدد، سيواصل مكتب “أونسا” رصد حقول الفلّاحين حتى يجد تجاوباً إيجابياً، أو يحدث تدخل من قبيل تحرير المخالفات وإتلاف الحقول. وفي ما يتعلق بالحل النهائي للمبيدات غير المرخصة، يتحدث زردون عن “تطبيق الفلاحين المعايير الصحية في حقولهم، خصوصاً أنّ 95 في المائة من المنتجات في المغرب غير خاضعة للتوضيب ولا بيانات عن مصدرها الزراعي”.

كما أتلفت “أونسا” حقلاً في نواحي مدينة الرباط (7 آلاف متر مربع)، وحقلين في مدينة مراكش، تبلغ مساحة كل واحد منهما 8 آلاف متر مربع.

بائعون ومستهلكون
في أحد أسواق طنجة، التقت “العربي الجديد” بائع الخضار عمران بنصالح. يقول لـ”العربي الجديد”، إن “إقبال الناس على شراء النعناع طبيعيّ، لم يطرأ عليه أي تغيّر. ثمّ إنّ النعناع يصلنا من الحقول الصغيرة في نواحي طنجة”. يتابع: “لا تخافوا، النعناع جودته مضمونة بمختلف أنواعه الأبيض والأحمر والحُرّ”. بائع آخر يقول: “لم نسمع أبداً بتحذير من أونسا. لكن لا يمكن تعميم الأمر على كافة منتجي النعناع، لأنّ بعض الإنتاج تزرعه وتسوّقه النساء الجبليات”.

بدورها، تقول سارة مديوني، لـ”العربي الجديد”: “سمعنا بالتحذيرات المتعلقة باستخدام المبيدات. لم يعد بعض الأشخاص يستهلكونه، كما أن عائلتي لا تستهلكه. وعلى الرغم من أنني أفضل النعناع مضافاً إلى الشاي، لكنني سأتوقف عن تناوله”.

هيثم عطاوي، يقول إنه يزرع النعناع في بيته من دون مبيدات. أمّا يونس معروفي، فيقول لـ”العربي الجديد”: “سمعنا بالتحذيرات، لكن ما هو البديل عن النعناع والسالمية (المريمية) مع الشاي؟”.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى