“الجمعة السوداء”.. هوس يجتاح العالم فما قصته؟!
يوم “الجمعة السوداء” أو الـ”Black Friday”، موسم سنوي يمتد أياماً محدودة يشتعل خلالها هوس الناس الراكضين خلف العروض والتخفيضات التي تتجمع كلها في هذا اليوم الذي يوافق الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر من كل عام.
هو يوم تبادل المصالح بين البائع والمشتري؛ فالأول يسعى إلى التخلص من بضاعته التي لم تُبَع خلال العام، في حين يحاول الثاني إشباع رغباته بأسعار قليلة وقد تكون زهيدة.
وتقليد الجمعـة السوداء قديم عالمياً، لكنه تحوّل إلى واحد من أهم أيام العام تجارياً، ويعتبـر مقدمة لموسم العطـلات والأعياد الغربي، ما يجعله بمنزلة إعلان بدء موسم التسوّق عالمياً.
لماذا سُميت بالجمعة السوداء؟
ترجح مصادر تاريخية أن التسمية جاءت بسبب الأزمة المالية التي ضربت الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، لكن هذا لا علاقة له بشكل يوم الجمعة السوداء التي تعيشها دول كثيرة كل عام.
وسبب تسميتها بهذا الاسم يعود أصله لستينيات القرن الماضي، حين بدأت شرطة فيلاديلفيا باستخدامه لكثرة خروج الناس فيه للتسوق ولكثرة الحوادث الناتجة في ذلك اليوم.
الجمعة السوداء
وبعد عدة سنوات، وتحديداً عام 1966، أطلقت شرطة فيلاديلفيا هذا الاسم بشكل رسمي على أول جمعة بعد أعياد الميلاد؛ حيث استُخدم على باصات الشرطة لتوجيه الناس ولحثهم على الهدوء وعدم افتعال المشاكل.
وفي رواية أخرى، يقول خبراء الاقتصاد إن استخدام فكرة التخفيضات ترجع إلى عام 1869 نتيجة ركود اقتصادي وتضخم أثر على قيمة العملة والأسهم، بسبب زيادة المنتجات، وعدم رغبة المستهلكين في الشراء.
أرباح خيالية
عام 2017، ارتفعت المشتريات عبر الإنترنت في “الجمعة السوداء” بنسبة 18.4% مقارنة بـ2016، بحسب بيانات “أدوبي أناليتيكس” التي تهتم سنوياً بحصد أرباح الشركات العالمية من هذا اليوم.
وبحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الدولية، أصدرته عقب جمعة 2017 السوداء، فإنها أغدقت أرباحاً طائلة على جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة بيع التجزئة على الإنترنت “أمازون”، ما زاد ثروته متجاوزة عتبة الـ100 مليار دولار.
الجمعة السوداء
وقالت الوكالة إن ثروة بيزوس ارتفعت من 2.4 مليار دولار إلى 100.3 مليار دولار، مع القفزة التي حققتها أسهم عملاق التجارة الإلكترونية “أمازون” بنسبة 2%، بسبب الجمعة السوداء.
وبحسب تقارير اقتصادية، فإن الشخص أنفق في المتوسط 967.13 دولاراً في 2017، مقارنة بنحو 935.58 دولاراً للشخص لعام 2016، بإجمالي 682 مليار دولار في 2017، مقارنة بـ655.8 مليار دولار، وبمعدل زيادة يقترب من 4%.
وفي 2016، بلغ عدد المتسوقين ما يقرب من 101.17 مليون شخص، مقارنة بنحو 74 مليون شخص في عام 2015، فيما تجاوز عدد المتسوقين في 2017 مستوى الـ150 مليون شخص.
وعلى مدار السنوات الـ15 الماضية، كان موسم التسوق خلال شهري نوفمبر وديسمبر منتعشاً ومتنامياً باستمرار، بمتوسط زيادة سنوية في المبيعات 2.5%، وقبل الأزمة المالية العالمية، بلغ متوسط الزيادة السنوية في 10 سنوات 3.5%.
وعادة ما تبالغ مؤسسة الأبحاث الوطنية الأمريكية في تقدير المبيعات داخل البلاد؛ ففي عام 2015 توقعت المؤسسة تحقيق مبيعات بـ630.5 مليار دولار، ولكن ما بيع بالفعل كانت قيمته نحو 626.1 مليار دولار فقط.
تقليد عالمي
حرصت بعض الدول على تكرار التجربة الأمريكية فى تطبيق يوم الجمعة السوداء لديها للخروج من حالة الكساد في الأسواق لديها، ومن أهم تلك الدول بريطانيا، وكندا، والمكسيك، ورومانيا، والهند، وفرنسا، والنرويج، وأستراليا.
وبالنسبة إلى المنطقة العربية أطلق أحد مواقع التسوق الإلكتروني العربية مبادرة عام 2014؛ رداً على يوم الجمعة السوداء، حملت اسم “الجمعة البيضاء”، وكان اختيار اللون الأبيض بدلاً من الأسود لخصوصية يوم الجمعة لدى العرب المسلمين.
وقد اختلف عدد كبير من الآراء فى المنطقة العربية حول اختيار مناسبة أمريكية لإعادة استهلاكها عربياً، فيما رشح بعضهم استخدام المناسبة بطريقة تتماشى مع الثقافة العربية والإسلامية بعيداً عن تقليد الغرب.