العالم تريند

الرواية الفرنسية لزيارة نتنياهو إلى باريس.. لطمة شخصية له وفزعة خارجية لمناهضيه

 عربي تريند_ دحضت مصادر فرنسية الرواية الإسرائيلية بأن الرئيس الفرنسي ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد ركّزا بالأساس على القضية الإيرانية، وقالت إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وجه انتقادات شديدة، خلال محادثاتهما، لـ “الإصلاحات القضائية”، بقوله إن المصادقة عليها تعني أن إسرائيل فكت الارتباط عن الديموقراطية.

يشار إلى أن تصريحات وتقارير إسرائيلية صادرة عن مقربين من نتنياهو وعن مكتبه قد زعمت أن نتنياهو، الذي عاد للبلاد من فرنسا فجر اليوم الأحد، قد اتفق مع ماكرون على تصعيد الضغط على إيران، وأن هذه كانت القضية الجوهرية في صلب مداولاتهما. وأغفلت هذه المصادر الانتقادات الفرنسية لـ “الإصلاحات القضائية” التي تقودها حكومة نتنياهو، المتهم بالفساد، وتعتبرها المعارضة “تقزيماً مريعاً للسلطة القضائية، وانقلاباً على الديمقراطية”.

وعاد نتنياهو من فرنسا، بعد زيارة بدأها الأحد، برفقة زوجته سارة نتنياهو، تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي الذي هاتف نتنياهو وعزّاه في مقتل إسرائيليين في عملية النبي يعقوب، ودعاه لزيارة باريس، وفق الرواية الإسرائيلية الرسمية. لكن صحيفة “لوموند” الفرنسية كشفت الكثير من تفاصيل اللقاء بين الجانبين ونسفت الرواية الإسرائيلية وقالت، من جملة ما قالته، إن نتنياهو هو الذي دعا نفسه لزيارة باريس. كما أكدت أن ماكرون ركز خلال اللقاء على تحفظ فرنسا على “الإصلاحات القضائية” التي تحوّل إسرائيل إلى حبر على ورق.

 شيفر: هل اعتقد نتنياهو أن تتغاضى فرنسا عن الانقلاب في نظام الحكم داخل إسرائيل، وهي الدولة التي وضعت شعارات الحرية والمؤاخاة والمساواة منذ الثورة الفرنسية؟

واعتبرت جهات إسرائيلية سياسية وإعلامية تسريبات “لوموند” ضربة مطرقة بزنة خمسة كيلوغرام على رأس نتنياهو. وعبّر عن هذه الضربة الفرنسية المفاجئة لنتنياهو رسم كاريكاتيري نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” يظهر فيه نتنياهو وماكرون حول مأدبة عشاء، وفيما يحمل الأول لافتة لصورة قنبلة موقوتة كتب عليها إيران، كان الثاني يقوم برفع غطاء طنجرة الطعام المقدم في وجبة العشاء، ويتبيّن أن الوجبة عبارة عن ضفدع أخضر، في ما بدا وجه الضيف الإسرائيلي مندهشاً إزاء هذه المفاجأة غير السارة.

تحذيرات ماكرون

وطبقاً لما جاء في “لوموند”، فقد “حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نتنياهو من أنه إذا لم تكن هناك تغييرات على خطط حكومته بعيدة المدى لإصلاح النظام القضائي، ستستنتج باريس أن إسرائيل خرجت عن المفهوم المشترك للديمقراطية”.

 وكانت “لوموند” أول صحيفة تنقل تصريحات ماكرون، التي لم ترد في البيان الفرنسي بشأن اللقاء مع نتنياهو في قصر الإليزيه.

يشار إلى أن “لوموند” صحيفة فرنسية رصينة وعريقة، ومن المستبعد جداً أن تنقل عن ماكرون مثل هذه الانتقادات القاسية أو الصادمة لنتنياهو دون أن يكون ماكرون قد أكد لها ذلك.

ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أيضاً عن مصادر فرنسية قولها إن ماكرون أعرب خلال اللقاء صراحة عن أن خطة الإصلاح القضائي المقترحة “تهدد بكسر سلطة المحكمة العليا، القوة المضادة المؤسساتية الوحيدة في الحكومة، وتفتح أزمة غير مسبوقة منذ نشأة إسرائيل عام 1948”. ونقلت أيضاً عن مسؤول فرنسي آخر مطّلع على الإجراءات، رد نتنياهو بأن “المحكمة العليا أصبحت شديدة التطفل، وأنها تضعف التنمية الاقتصادية، حيث انتقلت إسرائيل من دولة قانون إلى دولة محامين، ونحن نرغب إعادة التوازن بين فروع الحكومة القائم في الديمقراطيات الأخرى”.

وأوضح نتنياهو، في حديثه مع ماكرون، وفقاً للصحيفة المذكورة أيضاً، أن إلغاء قرارات المحكمة سيحتاج إلى “أغلبية ساحقة” في الكنيست، لكنه لم يوضح أكثر.

 ورفض مكتب نتنياهو التعليق على محتوى الاجتماع المغلق. في المقابل قال إن اللقاء هو الأول بين الزعيمين منذ عودة نتنياهو إلى السلطة في أواخر كانون أول/ ديسمبر، وحمل كل مظاهر اللقاء الدافئ، رغم التحذير الحاد. يذكر هنا أنه بعد وصول نتنياهو تعانق هو وماكرون على درجات القصر قبل أن يلوحا للكاميرات ويتوجها بعد ذلك إلى عشاء استمر لساعتين مع مستشاريهما.

الخط الأحمر الإيراني

وفقاً للإليزيه، انتقد ماكرون اندفاع إيران المتهور لتطوير برنامجها النووي، فيما حثّ نتنياهو فرنسا على دعم العقوبات المشددة ضد إيران وزيادة الردع ضد الجمهورية الإسلامية ووكلائها خلال المحادثات. وطبقاً لـ “تايمز أوف إسرائيل” كان هناك بعض الخلاف بين الاثنين حول ما يجب أن يكون عليه الخط الأحمر بالنسبة للغرب، وقالت إن نتنياهو حثّ على أن يكون الخط أحمر عند تخصيب نسبة 90٪، بينما قال ماكرون إن الخط الأحمر ينبغي أن يكون عند تسليح إيران لبرنامجها النووي. وتابعت: “اتفق الزعيمان على العمل معاً لردع إيران، لكنهما لم يتحدثا عن عمليات محددة”.

وقال نتنياهو للصحافيين الإسرائيليين المراقبين، خلال عودتهم من باريس، إن “فرنسا وإسرائيل تقتربان كثيراً في طريقة رؤيتهما للتهديد الإيراني”. وتابع نتنياهو، الذي يواجه تصاعداً في الاحتجاجات الداخلية، بمشاركة حتى أوساط يمينية صوتت لحزبه في انتخابات الكنيست الأخيرة: “أعرب ماكرون عن استعداده لفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني”، مشدداً على أنهما تحدّثا عن “أمور ملموسة”. وقال إن “القلق مشترك”، مضيفاً أنه وجد تفهماً واستعداداً للعمل في أوروبا والولايات المتحدة أكبر بكثير مما كان عليه في الماضي.

أشياء عسكرية لأوكرانيا

فيما يتعلق بأوكرانيا، أعرب نتنياهو عن استعداده لإرسال “أشياء عسكرية” إلى كييف، وفقاً لمسؤول مطلع على المحادثة، وشدد في الوقت نفسه على أنه لا يمكن أن يذهب بعيداً دون استفزاز روسيا، ولم يتحدث نتنياهو عن زيارة وزير خارجيته إيلي كوهين المرتقبة إلى كييف. كما قال لماكرون إنه “من السابق لأوانه التفكير في الوساطة”، وأوضح أنه لن يلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا حتى تطلب منه روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة القيام بذلك.

نتنياهو: المحكمة العليا أصبحت شديدة التطفل، وتضعف التنمية الاقتصادية، حيث انتقلت إسرائيل من دولة قانون إلى دولة محامين.

لا للضم

وناقش ماكرون ونتنياهو التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين بإسهاب. وبحسب المسؤول، الذي نقلت عن الصحيفة المذكورة، تعهّد نتنياهو للرئيس الفرنسي بأنه “لن يكون هناك ضم”. وقال نتنياهو، في هذا المضمار، إنه يجب أن يعطي شيئاً لائتلافه في ما يتعلق بالمستوطنات، لكن ذلك سيكون “أقل بكثير” مما يرغب به الشريكان في الائتلاف إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش. كما ضغط ماكرون على نتنياهو بشأن تصاعد العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، وحثّ إسرائيل على تجنب “أي إجراءات يمكن أن تؤجج تصاعد العنف”، حسبما قال قصر الإيلزيه. كما وجه الرئيس الفرنسي تحذيراً بشأن محاولات نتنياهو توسيع “اتفاقات أبراهام”، وقال لرئيس الوزراء “إذا واصلتم ما تفعلونه في فلسطين، فسيكون من الصعب على السعودية قبول اتفاق معكم”.

لوموند: ديمقراطية إسرائيل غدت وهمية

يشار إلى أن صحيفة “لوموند” قد قالت، في افتتاحية عددها الصادر في أول يوم من هذا العام، إنه بعد أكثر من 50 عامًا على احتلال غزة والضفة الغربية بالقوة، ها هي إسرائيل تضع في الصدارة متدينين متعصبين، هدفهم الأول هو توسيع المستوطنات لتكريس الهيمنة اليهودية، الأمر الذي ينطوي على ثمن سياسي ودبلوماسي.

 وتابعت: “خلال نصف قرن، استمر هذا النظام الاستثنائي في التطور، وظلت السلطات الإسرائيلية تشجع استيطان الإسرائيليين من الديانة اليهودية داخل هذه الأراضي المحتلة، في انتهاك للقانون الدولي”.

الفزعة الخارجية

واعتبرت صحيفة “هآرتس” العبرية، اليوم الأحد، أن انتقادات ماكرون تظهر أن العالم لم يعد متفرّجا على ما يجري داخل إسرائيل، ونوهت لقول الرئيس الفرنسي إن إضعاف الجهاز القضائي يعني الانقطاع عن القيم الديمقراطية المشتركة بين الدولتين. وسلطت وسائل الإعلام العبرية الضوء على هذه الانتقادات، واعتبرتها لطمة لنتنياهو وحكومته. وقال المعلق السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” شيمعون شيفر متسائلاً: “هل اعتقد نتنياهو أن تتغاضى فرنسا عن الانقلاب في نظام الحكم داخل إسرائيل، وهي الدولة التي وضعت شعارات الحرية والمؤاخاة والمساواة منذ الثورة الفرنسية؟”.

مدام سارة: “رجلي  على رجلك”

يشار إلى أن انتقادات ماكرون قد جاءت بعد أيام من انتقادات مشابهة أطلقها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، خلال مؤتمر صحافي مع نتنياهو في القدس المحتلة، في الأسبوع الماضي، حيث قال، من جملة انتقاداته المعلنة، والتي يبدو أنها كانت أشد خلال اللقاء داخل الغرفة المغلقة، “إن مثل هذه الإصلاحات ينبغي أن تتم فقط من خلال إجماع إسرائيلي”.

 كما حذرت أمس أكبر البنوك الأمريكية من تبعات “الإصلاحات القضائية” في إسرائيل على اقتصادها، لكن مقربين من نتنياهو استخدموا ذات المزاعم تعقيباً على انتقادات ماكرون في ردهم أيضاً على تحذيرات المصارف الأمريكية.

يذكر أن نتنياهو كان قد قال، في اليوم الأول لزيارته فرنسا، إن الانتقادات لن توقف خطة الإصلاح القضائي.

ويشار أيضاً إلى أن زوجته سارة نتنياهو اختارت أن ترافقه، في أول زيارة دبلوماسية له إلى فرنسا، فيما امتنعت عن مرافقته في زيارته الأولى في ولايته السادسة إلى الأردن، في الأسبوع المنصرم، والتي استغرقت عدة ساعات فقط.

 وكان الزوجان نتنياهو، قبل أيام، قد قدّما شهادتين في محكمة إسرائيلية حول سفرها الدائم معه في جولاته الدبلوماسية في العالم. وأصل القضية أن الزوجين نتنياهو رفعا دعوى تعويض على قذف وتشهير ضد رئيس معهد التصدير السابق الذي قال للإعلام إنه اطلع ذات مرة على اتفاقية موقعة بواسطة محام بين نتنياهو وزوجته، مفادها أن “رجلها على رجله”، فلا يسافر لأي دولة في العالم دون مشاركتها، إضافة لاستشارتها في كل تعيين شخص معين في يوظيفة كبيرة. في رده قال نتنياهو في المحكمة إن زعماء العالم ينفعلون عندما يلتقون بزوجته مرافقة له، أما هي فنفت تدخلها في التعيينات، وقالت إنها تشارك فقط في محادثات مجاملة على فنجان قهوة عند مقابلة زوجها لبعض المرشحين لإشغال وظائف مرموقة داخل منزلهما، وقد نفى الاثنان وجود الاتفاق المذكور بينهما.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى