العالم تريند

باحثان إسرائيليان: واشنطن تدفع إسرائيل لعزلة خطيرة.. والمستفيد إيران

عربي تريند_ يَعتَبر رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب عاموس يادلين، مع زميل باحث آخر، أفنير غولوب، أن الولايات المتحدة تدفع إسرائيل لعزلة خطيرة، ويدعوان للإسراع في ترميم العلاقات معها.

في مقال مشترك نشره موقع القناة 12 العبرية، يشير ياديلن وغولوب إلى أن الولايات المتحدة وإيران توصّلَتا إلى تفاهمات بشأن صفقة تبادل أسرى- إطلاق سراح أميركيين اعتُقلوا في إيران، في مقابل تحرير إيرانيين اعتُقلوا في الولايات المتحدة، والإفراج عن ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية، التي سيتم تحويلها إلى قطر لتستخدمها إيران لأهداف إنسانية.

ويشيران إلى أن الحديث يدور عن تفاهمات واتفاقات، وليس عن اتفاق رسمي، ولا عودة إلى اتفاق 2015. ويعتقدان أن تطبيق التفاهمات بشأن الأسرى، بالإضافة إلى تسريبات إعلامية بشأن خطوات إيرانية لخفض تخصيب اليورانيوم، وتراجُع في عدد الضربات التي تنفّذها أذرع إيران ضد الولايات المتحدة في المنطقة، كلّها أمور تشير إلى تفاهمات غير رسمية وواسعة أكثر بين إدارة بايدن وإيران: امتناع أميركي عن فرض عقوبات جديدة على إيران، في مقابل إبطاء التقدم الإيراني في المجال النووي، والامتناع عن الوصول إلى درجة 90% من تخصيب اليورانيوم، أي تخطّي الخط الأحمر الذي سيؤدي إلى الضغط على الرئيس الأمريكي للعمل.

فشل إسرائيلي

ويرى الباحثان الإسرائيليان أن هذه التطورات تشير إلى فشل حكومة إسرائيل إستراتيجياً، ويعللان ذلك بالقول إنها لم تؤثر قط في سياسة الولايات المتحدة، وذلك يعود، إما إلى وضع العلاقات مع واشنطن وانعدام الإصغاء السياسي، بسبب التركيز على الوضع الداخلي في إسرائيل، وإما إلى عدم وجود خيار موثوق به لوقف التقدم الإيراني النووي. ويستذكران أن الهدف الإسرائيلي كان منع إيران من التمركز كدولة على عتبة النووي، لكن إيران قامت بذلك، وعملياً، الاتفاق يعترف بذلك، ويكتفي بالالتزام بعدم التقدم إلى درجة تخصيب 90%، من دون التنازل عن القدرات التي تملكها أصلاً. ويمضيان في ترسيم ما يعتبرونه مأزقاً إسرائيلياً مهماً: “في حال لم تتضمن التفاهمات خفضاً جدياً في كمية المواد المخصبة التي تملكها إيران اليوم، فإن هذه الأخيرة ستبقى على مسافة أسبوعين من إنتاج المواد الانشطارية الجاهزة على مستوى عسكري، والتي تكفيها لصنع عدة قنابل”.

ويحذران من أن إيران ستستطيع التقدم في برنامجها النووي، من دون خرق الخط الأحمر الذي وضعه الغرب والولايات المتحدة، ويقولان إنه إذا أرادت إسرائيل العمل ضد البرنامج النووي الإيراني، فستقوم بذلك وهي معزولة، من دون دعم من حلفائها، وفي مقابل برنامج نووي متقدم ومحمي.

تنازلات أمريكية

كما يقولان إن بايدن أشار إلى أنه لا يريد التصعيد ضد إيران، وهو جاهز لتقديم التنازلات من أجل تركيز جهوده على الصين وروسيا، وهذا بحد ذاته رسالة معاكسة لخيار تهديد عسكري موثوق به، كانت إسرائيل تريد من الولايات المتحدة طرحه.

 ويضيفان: “وحتى في ظل الأخبار المتتالية عن قيام الولايات المتحدة بتعزيز قواتها في المنطقة بطائرات حربية وسفن وآلاف الجنود من “المارينز”، بهدف ردع إيران عن الاستمرار في مهاجمة السفن التجارية والحاويات في مقابل مضيق هرمز، يمكن الافتراض أن احتكاكات موضعية لن تؤدي إلى تحول إستراتيجي في العلاقات ما بين الولايات المتحدة وإيران، ومن المؤكد أن هذا لن يحدث خلال سنة الانتخابات في واشنطن”.

في جزئية الاستنتاج يرى ياديلن وغولوب أنه، في ضوء هذا كله، على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن يفهم أن الإستراتيجيا الإسرائيلية التي يقودها “كبح إيران قبل تحوُّلها إلى دولة على عتبة النووي، ومعارضة كل اتفاق” حتى لو كان “أطول زمنياً وأفضل”، وعدم الرغبة في تنسيق السياسات مع الولايات المتحدة، فشلت.

ويعتبران أن المطلوب الآن الملاءمة مع الواقع الجديد: السعي لتفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة في مقابل التفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران.

وعن ذلك يتابعان: “أولاً، على نتنياهو أن يتذكر ما كان بارعاً في القيام به سابقاً: إزاحة جميع المواضيع الأُخرى عن الطاولة، وإعادة الموضوع الإيراني إلى رأس سلّم الأولويات بين الدول”. وينبهان إلى أنه، حتى الآن، يعرقل سلوكُ وزرائه المتطرفين في الضفة الغربية المحتلة والتركيزُ على الانقلاب القضائي لقاءاته مع الرئيس الأمريكي، ومع قيادات المنطقة، ويسرق الوقت من لقاءات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، على حساب القضايا الإستراتيجية.

ثانياً، على رئيس الحكومة نتنياهو السعي لأن يعلن الرئيس الأمريكي بايدن أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة باتفاق “أطول وأفضل”، كهدف دبلوماسي وحيد في مقابل إيران، وأنه لا يزال ملتزماً بعدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً، كجميع الرؤساء قبله. ويؤكدان أن مثل هذه التصريحات المهمة ستعزز التزام الحزب الديمقراطي بالصراع ضد النووي الإيراني، وبصورة خاصة في الوقت الذي تهمّش التفاهمات مع إيران القضية وتقلل من أهميتها، على الأقل حتى انتخابات 2024.

تنسيق مفقود

ويرى الباحثان أن التغيير في السياسة الإسرائيلية، من نهج المواجهات المنفردة إلى التنسيق والتفاهمات، هو ثمن معقول جداً، على الحكومة الإسرائيلية تقديمه بهدف صوغ إطار تفاهمات إستراتيجية، وحتى تنسيق عملياتي مع إدارة بايدن بشأن الخطة لمنع إيران من الوصول إلى النووي. وبرأيهما من المؤكد أن الحديث يدور عن بديل إستراتيجي أفضل لإسرائيل من السماح لإيران بالتمركز في العتبة النووية، حيث تستطيع تخطّي هذه العتبة حين تريد، ويشجعها على ذلك أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تمثلان جبهة واحدة.

كيف ستبدو هذه التفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة؟

عن هذا التساؤل يجيبان بأن الاتفاق على خطط دبلوماسية وسرية، تتمكن من منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي بطريقة فاعلة، من خلال تجديد الالتزام الأمريكي باتفاق “أطول وأفضل”، كهدف دبلوماسي لهذه الحملة، علاوة على خطة استخباراتية منسّقة لتقوية القدرات المشتركة والإسراع في تشخيص القرار الإيراني بتخطي العتبة النووية.

 كذلك يدعوان إلى الاتفاق على مؤشرات من شأنها التدليل على أن إيران تتقدم، تكنولوجياً وعملياتياً، نحو القنبلة النووية، وعلى الردود على هذه المؤشرات، إضافة لتجهيز مشترك لبدائل إضافية لوقف إيران، في حال قررت الانزياح عن المسار الدبلوماسي.

 كذلك يطالب يادلين وغولوب بجهود مشتركة، الهدف منها وضع تهديد عسكري علني وصادق، إسرائيلي- أمريكي، يتضمن تنسيقاً وتدريبات على تنفيذ ضربة ضد المفاعلات النووية في إيران، الاتفاق على التعاون وتوزيع المسؤوليات عندما يتخطى الإيرانيون الخط الأحمر، وحجم المساعدة والدعم المتبادل لضربة كهذه.

وفي سلة توصياتهما يشددان أيضاً على حيوية التنسيق بين الدولتين بشكل يضمن للإدارة الأمريكية ألا تتفاجأ إستراتيجياً من إسرائيل، وفي السياق نفسه، مطالبة الرئيس الأمريكي بالتزام مكتوب بأن حرية الحركة الإسرائيلية ضد إيران لن تتضرر، تقوية قدرات إسرائيل الدفاعية والقوات الأمريكية في المنطقة والتنسيق في ما بينهما، تنسيق الجهود لردع إيران وتقليل حجم ردها على هجومٍ عليها، إذا حدث، واستعمال أدوات الضغط الموجودة لدى الدولتين لوقف المواجهة، في حال بدأت، علاوة على التزام أمريكي بمنع إيران من ترميم خطتها النووية بعد الضربة، إذا حدثت.

وفي الختام، يخلص يادلين وغولوب للقول إنه على رئيس الحكومة الاعتراف بالقيود، وعدم نجاعة سياسته الحالية في مقابل إيران: حتى لو كان على قناعة بأن الأمريكيين تصالحوا مع إيران النووية، وأنهم في حالة “إستراتيجية احتواء”، عليه أن يحرج الإدارة باستعمال تصريحات الرؤساء الأربعة السابقين، التي تتضمن التزاماً بإستراتيجية “المنع”، وأن يحسّن الظروف لعملية إسرائيلية عسكرية أكثر ما يمكن، هذا في حال اضطرت إسرائيل إلى التحرك.

ويتابعان: “من الأفضل الآن اختيار خطوة مبادرة، تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة بشأن الإستراتيجيا والخطة العملياتية المشتركة لمنع وإحباط تزوُّد إيران بسلاح نووي”.

يشار إلى أن بعض المراقبين الإسرائيليين يعتبرون أيضاً أن مبادرة السعودية لتعيين سفير لها في السلطة الفلسطينية بشكل مفاجئ تعكس تراجع العلاقات الثنائية بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، وأن تصريحات أستراليا التي تؤكد أن الشطر الشرقي من القدس منطقة محتلة، هو الآخر يدلل على الخلل المذكور.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى