شكاوى من ارتفاع أسعار الأدوية في الجزائر
فوجئ الكثير من المرضى الجزائريين، بزيادة جديدة على أسعار العشرات من الأدوية في الصيدليات وخصوصاً أدوية الأمراض المزمنة مثل السكري والقلب والأورام، من دون إعلان الحكومة أو معامل إنتاج الأدوية عنها.
وتواجه الجزائر منذ منتصف سنة 2016 زيادة مستمرة في أسعار الأدوية، بعد قرار الحكومة الجزائرية تعويم الدينار أمام الدولار، ما تسبب في ارتفاع ثمن أكثر من 20 صنفاً من الأدوية، إلا أن القفزات الأخيرة المتتالية أثرت بشكل كبير على الجزائريين وزادت من أعبائهم المالية.
واتهم مواطنون وصيادلة وزارة الصحة، بالرضوخ المستمر لشركات الأدوية في رفع الأسعار، خصوصا أنها وافقت في مطلع السنة الحالية على رفع أثمان 15 صنفاً دوائياً بنسب تراوحت بين 10 و50% بعد الضغط الذي مارسته شركات الأدوية السنة الماضية وبلغ الأمر تخفيض الإنتاج ما أدى إلى اضطراب المعروض وحدوث ندرة في الصيدليات.
ومنذ تعويم الدينار آخر مرة مطلع مارس/آذار الماضي بالتزامن مع بداية الحراك الشعبي، ترتفع أسعار الأدوية بشكل مستمر من دون سقف محدد لها، وهو ما أكده الصيدلي عمر جانكي لـ” العربي الجديد”، وقد أشار إلى أن ثمن الأدوية خاصة للأمراض المزمنة، في زيادة مستمرة يومياً وسط زيادة الإقبال عليها، ما أدى إلى إرهاق المواطنين مادياً.
وأكد الصيدلي الجزائري أن “نسبة الارتفاع في الأدوية تراوحت بين 10 و50 بالمائة”، لافتاً إلى أن ذلك “يحصل سراً خلال الأيام الماضية خوفاً من اشتعال الموقف داخل البلاد وإثارة حالة من الغضب، بالموازاة مع سخط الجزائريين على النظام السياسي”.
واستشهد جانكي بالعديد من الأدوية التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعارها وهي: “الأنسولين” و”كلوكوفاج” و”الدولسيل” لمرضى السكري، و”السانتروم” لمرضى القلب، كذلك أدوية الضغط والأعصاب والمخ، ومحاليل تغذية للرعاية المركزة وأدوية للسيولة، وصبغات الأشعة.
كما تستمر ندرة بعض الأدوية في الجزائر منذ منتصف سنة 2016، وتجاوزت الأزمة رفوف الصيدليات لتطاول المستشفيات، التي باتت عاجزة عن ضمان الحد الأدنى من العلاج في بعض التخصصات، ومنها أمراض القلب والشرايين والسكري.
وأنعشت ندرة بعض الأدوية الحيوية، تجارة هذه السلع بطرق غير قانونية، عبر وكلاء الأدوية أو مسافرين إلى دول أجنبية، كما فتحت الباب أمام “تجّار الشنطة” الذين طرحوا أنفسهم كبديل للصيدليات، وفي كثير من الأحيان أصبحوا هم من يمول رفوف هذه الأخيرة، ما أثر على الأسعار.
وإلى ذلك قال رئيس النقابة الجزائرية لأصحاب الصيدليات الخاصة شفيق راحم لـ”العربي الجديد” إن “ارتفاع أسعار الأدوية في الحقيقة يرجع إلى عاملين: الأول تراجع قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، علماً أن استيراد الأدوية أو المواد الأولية يتم بالدولار.
أما العامل الثاني فهو حالة الندرة المستمرة للأدوية المطلوبة في الجزائر، والتي تبلغ 200 نوع، منها 130 غالباً ما تكون نادرة بصفة مطولة، ما أحدث ضغطا على الطلب ودفع المنتجين والمستوردين لرفع الأسعار بعيدا عن رقابة الوزارة”.
وكشف المتحدث أن “الحكومة لم تفرج عن برامج استيراد الأدوية مبكرا بحجة استمرار الحراك الشعبي، ما أخر وصول شحنات الأدوية إلى نهاية يونيو/ حزيران الحالي”.
وأكد راحم أن “الحكومة مطالبة بالتحكم في سوق الأدوية وكبح منطق اللوبيات المسيطرة على السوق حتى لا نضع المرضى تحت رحمتهم”. وفي إطار سياسة الترشيد، تم تحديد، مطلع 2018، قائمة المنتجات الصيدلية ذات الاستعمال البشري، والمعدات الطبية المصنعة بالجزائر الممنوعة من الاستيراد، والتي بلغ عددها 357 صنفا، بالإضافة إلى 11 صنفاً مدرجا ضمن المعدات الطبية المصنعة محلياً كالحقن والضمادات.
ورغم ذلك، عجزت الحكومة الجزائرية عن فرض منطقها على سوق الدواء في البلاد، ولم تنجح في كبح فاتورة استيراد الأدوية في وقت استطاعت تقليص واردات السيارات والإسمنت والحديد.
وحسب أحدث بيانات الجمارك، فقد استقرت فاتورة استيراد الأدوية خلال الشهور الخمسة الماضية من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من 2018، إذ استوردت الجزائر ما قيمته 1.32 مليار دولار خلال الفترة الماضية من العام الجاري، مقابل 1.1 مليار دولار في 2018. ومن حيث الكم، قفزت الكميات المستوردة بنسبة 10 في المائة لتستقر عند عتبة 15 ألف طن في الأشهر الماضية من السنة الحالية.