العراق.. ارتفاع عدد الأطفال مجهولي النسب يشجع “التبني”
من بين ما شهده العراق من مخلفات الحروب والعنف، منذ ما يزيد على خمسة عشر عاماً، الأطفال مجهولو النسب الذين ارتفع عددهم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
ارتفاع أعداد هؤلاء الأطفال، بحسب ما تشير الدوائر الرسمية المختصة، قابله من جانب آخر إقبال عوائل على تبني أطفال منهم؛ خاصة من لا يستطيعون الإنجاب.
في محافظة نينوى (شمال)؛ وبسبب أعمال العنف والحرب التي جرت فيها لتحريرها من تنظيم الدولة، يوجد اليوم العديد من الأطفال مجهولي النسب؛ منهم من قتل أولياء أمورهم، وكانوا قد ولدوا في فترة حكم التنظيم للمدينة (2014 – 2017)، ولم يتحصلوا على بيانات رسمية تثبت نسبهم.
وتقول سكينة محمد علي، رئيسة شؤون المرأة والطفل في ديوان محافظة نينوى، إن هذه الزيادة يقابلها “عدم وجود دور إيواء كافية”.
بحسب قولها، فإن هذا الأمر دفع “القضاء الأعلى في المحافظة إلى استثناء المحافظة والسماح للأزواج الذين لم ينجبوا أطفالاً حصراً بتبني طفل واحد بعد توفر الشروط، وعلى أن يكون الزوجان من محافظة نينوى”.
اقرأ أيضاً
25 مليون دولار من العراق لمن يقدم معلومات عن “البغدادي”
وأضافت في حديثها لـ”الخليج أونلاين”: إن “تبني الأطفال حرام من الناحية الشرعية لكن كثرة الأطفال مجهولي النسب بعد أحداث داعش، وعدم قدرة دور رعاية الأيتام على استيعاب أعداد الأطفال، دفع إلى اتخاذ هذه الخطوة”.
سكينة أشارت إلى أن أكثر من 90 طفلاً مجهول النسب تم تبنيهم من قبل عائلات قدموا طلبات إلى محكمة الأحداث في محافظة نينوى، مبينة أن “بعض العائلات التي تقدمت بطلبات تمكنت من تبني طفل بعد توفر كافة الشروط للتبني، في حين ما تزال عائلات أخرى تنتظر إكمال الإجراءات القانونية”.
وتشمل الشروط الواجب توفرها في العائلة التي تسعى لضم طفل من دور الدولة، أن يكون طالبا الضم زوجين عراقيين ومعروفين بحسن السيرة وعاقلين وسالمين من الأمراض المعدية، وقادرين على إعالة الصغير وتربيته، وأن يتوفر فيهما حسن النية.
وأوضحت سكينة أن “كل عائلة تتبنى طفلاً من دور رعاية الأطفال الأيتام والمشردين ومجهولي النسب تبقى تحت الرقابة الاجتماعية لمدة 6 أشهر؛ حيث يتم إرسال جهات مختصة لمراقبة وضع الطفل لتقييم تربيته ووضعه الصحي لتأمين حياة جيدة له من الناحية الأسرية والتعليمية والاقتصادية ونواح أخرى”.
واستطردت تقول: “إذا ما حظي الطفل باهتمام كبير من قبل المتبنيين ورعاية خاصة، فإن المتبنيين باستطاعتهما تسجيل الطفل باسميهما بعد ذلك”.
وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية كشفت في وقت سابق عن آلية تبني اليتيم ومجهول النسب، مبينة أنها تتم بطلب مشترك من الزوجين لمحكمة الإحداث.
وقال المتحدث باسم الوزارة عمار منعم في بيان صدر في أكتوبر الماضي، إن على الزوجين الراغبين بضم طفل يتيم أو مجهول النسب إليهما، تقديم طلب مشترك إلى محكمة الأحداث للضم.
وأضاف: إن “محكمة الأحداث تصدر قرارها بالضم بصفة مؤقتة ولمدة تجريبية أمدها ستة أشهر قابلة للتمديد، وترسل المحكمة باحثاً اجتماعياً إلى دار الزوجين مرة واحدة على الأقل كل شهر؛ للتحقق من رغبتهما في ضم الصغير ورعايتهما له، ويقدم عن ذلك تقريراً مفصلاً إلى المحكمة”.
وأشار منعم إلى أنه “يترتب على طالبي الضم التزامات يجب أن تتحقق للموافقة على ضم الطفل؛ وهي الإنفاق على الصغير إلى أن تتزوج الأنثى أو تعمل، وإلى أن يصل الغلام الحد الذي يكسب فيه أمثاله رزقهم، ما لم يكن طالب علم أو عاجزاً عن الكسب لعلة في جسمه أو عاهة في عقله”.
في هذا الخصوص يقول هشام حامد، إن عدم قدرته على الإنجاب دفعته وزوجته، بعد تسعة أعوام من الزواج، إلى أن يتبنيا طفلاً.
وأضاف في حديث لـ”الخليج أونلاين”: إنه “وبعد تقديم طلب رسمي تم إجراء مفاضلة للمتقدمين للتبني، وحالفني الحظ من بين 10 متقدمين”.
حامد يقول إن الطفل يعيش اليوم معه هو وزوجته، وإنه ملأ عيهما المنزل بوجوده، ويترقبان أن ينطق بكلمتي بابا وماما اللتين حُرما منهما لسنين طويلة.
من جانبها قالت الباحثة الاجتماعية المهتمة بحقوق الطفل، أطياف الجبوري: إن “ارتفاع عدد الأطفال اللقطاء ومجهولي النسب أصبح خطراً يهدد المجتمع العراقي”.
ووصفت في حديث لمراسل “الخليج أونلاين” ارتفاع عدد هذه الفئة من الأطفال بـ”القنبلة الموقوتة”، لافتة النظر إلى أن “قانون التبني يحرمه الدين الإسلامي، لكن أصبح من غير الممكن السكوت عن الأعداد الكبيرة لهذه الفئة”.
أطياف دعت مجلس القضاء الأعلى، باعتباره الجهة القضائية الأرفع في البلاد، إلى التخفيف من القوانين والشروط المفروضة على الأزواج الذين يطالبون بضم اليتيم أو تبني الأطفال مجهولي النسب.
ودعت الحكومة العراقية والجهات المختصة أيضاً إلى “إنزال أقصى العقوبات على الأشخاص الذين يرمون أطفالهم الرضع ويتبرؤون منهم مهما كانت الأسباب؛ سواء أكانت نتيجة العلاقات غير الشرعية أم نتيجة لانفصال الأزواج أم لأي سبب كان”.