بعد تسعة مواسم من الفزع.. متى يتوقف رامز جلال عن تكرار نفسه؟
هل ما زال في جعبة رامز جلال مزيدا من المقالب ليقدمها العام المقبل؟ ففي كل عام يقسم الفنان الكوميدي على تقديم مفاجآت صادمة لضيوفه، ربما لديه عشرات الأفكار وما تبقى من حيوانات ليتنكر بداخلها، ويفاجئ الضيوف بهجوم القرش والأسد والتمساح والدب والغوريلا.
ثيمة أصبحت واحدة للبرنامج تبدأ بإغراء الضيف برحلة مترفة واهتمام مبالغ فيه، لتبدأ رحلة الصعاب والاستفزازات للضيف لدفعه للانفعال، ويا حبذا لو انتقل إلى مرحلة السباب.
على الجانب الآخر، ينعت رامز -على الهواء مباشرة- بأقذع الصفات، سيقبل حتما الضيف عرض الحلقة بعد منحه مبلغا ضخما، من أجل إسعاد الجمهور في شهر رمضان، ولكن بعد انتهاء الموسم التاسع من “رامز في الشلال” من سلسلة الفزع التي تحمل اسم رامز جلال، لماذا يكرر نفسه كل عام؟
على مدار تسع سنوات ومنذ عام 2011، كانت البداية برامز قلب الأسد، مرورا برامز ثعلب الصحراء، ورامز عنخ آمون، ورامز قرش البحر، رامز واكل الجو، رامز بيلعب بالنار، رامز تحت الأرض، رامز تحت الصفر، وأخيرا رامز في الشلال.
متى يتجه رامز جلال للتمثيل؟
رامز جلال الذي لم يكن “نجم شباك” قبل برامج المقالب، أصبح يعتمد في ظهوره الفني على البرنامج فقط، إلى جانب تقديم فيلم كوميدي كل عامين أو ثلاثة.
ربما لم يعد لديه رصيد مناسب لتقديم أعمال فنية بوصفه ممثلا، واكتفى بدور مقدم البرنامج الساخر، الذي يتنمر ضد ضيوفه بطريقة عنيفة، ربما على أوزانهم تارة وملابسهم تارة أخرى، أوعلى حياتهم الشخصية.
فكلما زادت قسوة التهكم على الضيف، زاد تمسك القناة به، وبالتأكيد زاد سيل الإعلانات لصالح جميع الأطراف.
كل ما سبق جعل القناة التي تبث برنامج رامز تكرر التجربة، بأفكار أكثر سادية وتعذيبا للضيوف، خاصة مع الجدل الذي أثير حول مصداقية التجربة، وهل الضيف يكون على علم مسبق أم لا؟!
في كل حلقة كانت الجماهير المؤكدة على صدق رامز والجماهير المؤكدة على فبركة الحلقة تستمر في المشاهدة، في محاولة من كل فريق لإثبات وجهة نظره عن طريق ملاحظة الضيوف وردود أفعالهم وتحليل مدى صدقها، وتناسبها مع شخصية الضيف كما يعرفه الجمهور.
العنصرية خط رئيس لإنجاح البرنامج
المتابع لبرامج رامز منذ البداية وحتى الموسم الأخير في برنامجه “رامز في الشلال”، يجد تعليقات رامز أثناء الحلقات شديدة العنصرية، سواء على أشكال الضيوف أو عيوبهم الجسدية، أو ردود أفعالهم، وملابسهم، بشكل يصل إلى حد التربص بالضيوف، ما يثير التساؤلات حول كيفية قبول الضيف لإذاعة حلقة متخمة بالشتائم والتعليقات المسيئة له شخصيا، وما المبالغ التي تجعل الفنان يوافق على كل تلك الإهانات المغلفة بالسخرية؟
الملاحظة الأخرى التي يكتشفها المتابع، أن تعليقات رامز على الفنانين وسخريته منهم، تختلف حسب جنسية وطبيعة وقدر كل فنان أو فنانة.
فنجد أسوأ التعليقات للممثلات اللواتي لا يتمتعن بالجمال المثالي من وجهة نظره، أمثال فيفي عبده، وشيماء سيف، ومها أحمد، ونشوى مصطفى.
وهي تعليقات تتربص بأشكالهن وأجسادهن وحتى بردود أفعالهن. بينما الفنانات اللواتي يراهن جميلات، تتحول تعليقاته إلى ما يشبه تحرشا لفظيا مشينا.
وفي الحلقة الخاصة بالمذيعة ريا أبي راشد من رامز في الشلال، كان رامز جلال شديد الحذر والتهذيب في تعليقاته عنها، فيما يخص جمالها غير المتكلف، وثقافتها الواسعة، وطلاقتها اللغوية، ما يجعلنا نعيد الحسابات في تقييمه للضيوف المنتمين للمؤسسة الممولة والعارضة للبرنامج.
أسباب الاستمرار رغم ضعف المحتوى
بحسب فرويد فإن كل إنسان لديه غرائز عدوانية، ورغبة بدائية دائمة في العنف، فرضتها طريقة الحياة القديمة، عندما كان الإنسان يصارع فعليا من أجل البقاء ضد الحيوانات المفترسة وظروف الطبيعة القاسية.
ربما تكون تلك النزعة قد اختفت بفعل التطور والمدنية والقانون الذي يجرم العنف، لكن الرغبة لا تزال موجودة، وتظهر في متابعة الجماهير لأفلام الرعب، أو الرياضات القتالية العنيفة.
وبغض النظر عن كون البرنامج مفبركا أم حقيقيا، لكنه يعمل على إشباع تلك الرغبة بداخل كل شخص، وهو آمن تماما أمام الشاشة، بالإضافة إلى إشباع رغبة الجماهير وفضولهم لمشاهدة النجوم والفنانين في مواقف ضعف، تكسر الصورة النمطية للنجم أو البطل.
المحتوى الذي يقدمه البرنامج يلبي رغبات جمهور عريض في مصر والعالم العربي، ويظهر مدى اندماج الجماهير دون رغبة حقيقية في مقاومة الانحدار الإعلامي، ومدى استغلال الشبكة المنتجة للبرنامج للوعي الجمعي، الذي يفرض ذوقه على الوعي الشخصي.
بمعنى أن اختيار الشخص لموقف مخالف للجمع غالبا ما يكون أصعب وبحاجة إلى قرار فعلي بمقاومة ضغط الجماهير، وتشكيل ذوق خاص وهو أمر شديد الصعوبة، حيث إن التغيرات التي تطرأ على الفرد المنخرط في الجمهور مشابهة تماما لتلك التي يتعرض لها الإنسان أثناء عملية التنويم المغناطيسي.
وفي النهاية ما إن يصبح الفرد جزءا من الجماهير حتى يكتسب سمات جديدة لم تكن موجودة سابقا، أو ربما كانت موجودة لكنه لم يجرؤ على التعبير عنها بصراحة، ويصبح جزءا من الآلة الإعلامية بكل قسوتها وغير إنسانيتها.
ربما سيستمر جلال في تقديم نسخة مكررة كل عام من مقالب الفزع، فلن تنتهي أنواع الحيوانات المرعبة التي يتنكر بداخلها، ولن تتوقف فنانات مثل فيفي عبده ومها أحمد عن الدهشة مما يفعله رامز، إلى أن يصبح ضيوفه أكثر فطنة في اكتشاف الخدعة قبل أن تبدأ.