سرقة قصة “ولد الغلابة” يثير الجدل في مصر.. والمؤلف يرد
لحقت أزمة كبيرة بإحدى أكثر الأعمال الدرامية المصرية مشاهدة في شهر رمضان؛ لتكشف عن وجود أزمة حقيقية بصناعة الدراما والكتابة في هوليود العرب.
وكشف موقع “هوليوود ريبورتر”، عن اقتباس قصة مسلسل “ولد الغلابة”، للممثل أحمد السقا، ومي عمر، من المسلسل الأمريكي الشهير “Breaking Bad”، بطولة الممثل براين كرانستون.
وعرضت أهم مطبوعة تصدر بـ”هوليوود”، صورا تؤكد ليس فقط سرقة فكرة المسلسل بل تجزم بتطابق بعض مشاهده الإخراجية وتقارن بين بعض المشاهد من العملين.
وتناقل مغردون ومدونون مصريون خبر الموقع الأمريكي، معتبرين أنها فضيحة عالمية، فيما وصفه الصحفي محمود المملوك، بأنه “فضيحة مصرية على أرض عالمية”.
وتقوم فكرة “ولد الغلابة” على مدرس تاريخ من صعيد مصر، يرفض الدروس الخصوصية، ولكن الفقر والظروف الاجتماعية تضطره للاستدانة، ثم تجارة المخدرات، ثم القتل عدة مرات، ثم تصنيع المخدرات، وهو ما يشابه فكرة “Bad Breaking”، التي تقوم على إصابة مدرس كيمياء بالسرطان فيقرر تصنيع المخدرات، لتأمين مستقبل ابنه.
ولكن متابعين رصدوا إلى جانب اقتباس “ولد الغلابة”، فكرة المسلسل الأمريكي، تقليد المشاهد، وزوايا التصوير، والإكسسوارات، ليأتي ظهور شخصية المحامي الذي يجسده الممثل أحمد زاهر، بالحلقات الأخيرة للمسلسل ليؤكد تشابهها الكبير مع شخصية المحامي “سول”، في “Bad Breaking”.
“رد المؤلف”
وفيما لم يصدر أي تعليق من المخرج محمد سامي، ولا من الممثل أحمد السقا، أنكر مؤلف مسلسل “ولد الغلابة” السيناريست أيمن سلامة، اقتباسه فكرة المسلسل، وقال عبر صفحته بـ”فيسبوك”: “أخيرا شاهدت بعض حلقات (بريكنجباد) بعد الضجة المثارة على السوشيال ميديا وشممت رائحة فيلم الكيف بداخله”.
وأكد أن “ولد الغلابة” لا يمت بصلة لهذا العمل الأمريكي، ولكن ربما تكون التيمة الدرامية جعلت الناس تربط بين العملين.
وانتقد متابعون رد المؤلف، ما دفعه لحذف المنشور من صفحته، فيما سخر منه الصحفي إبراهيم الجارحي، مشيرا إلى نقل مشاهد بالنص ومشاهد بالنص وبالملابس والاكسسوار.
“مصر الخاسرة”
وفي تعليقه قال الرئيس السابق لهيئة قصور الثقافة بمصر سعد عبدالرحمن، إن “السرقة الأدبية أو الفنية أو الاقتباس دون اعتراف بذلك قديم وليس جديدا في قصص الأفلام وحواديت المسلسلات”.
وأكد لـ”عربي21″، أنه “طالما القانون في إجازة لا يُفعل إلا بالمزاج؛ فإن حقوق الملكية الفكرية التي نلوكها كما نلوك اللبان (العلكة) في أفواهنا ستظل مجرد حبر على ورق، أو مجرد تمنيات معلقة في فراغ حياتنا الثقافية”.
وانتقد عبدالرحمن، تغيب القامات المصرية المبدعة في مجال الكتابة والإخراج عن صناعة الدراما، وقال: “طالما الاستسهال وأسلوب الفبركة أو سلق البيض في صناعة الأعمال الفنية هو السائد؛ فلا عجب أن تَغيب أو تُغيّب ( بتشديد الياء) تلك القامات”.
وأشار إلى أن خسارة مصر كبيرة بتجفيف قوتها الناعمة وتجريدها من إمكاناتها التي صنعت ريادتها على مر العقود، وزاد بقوله: “مع الأسف لم تعد لدينا لا قوة ناعمة ولا خشنة”.
“مسخ”
وفي ردها على التساؤل: كيف أساء سرقة “ولد الغلابة” من مسلسل أمريكي لتاريخ الدراما المصرية؟قالت الناقدة الفنية إيمان نبيل: “من قرر اقتباس المسلسل أساء لنفسه قبل أي شي؛ لأنه ببساطة حوّل أفضل مسلسل في التاريخ إلى مسخ بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
وأوضحت نبيل، في حديثها لـ”عربي21″، أنه “في المسلسل الأمريكي (breaking bad)، كان برايان كرنستين، صاحب شخصية (هايزنبيرغ) بالمسلسل، ممثلا من النوع الوسط، مثل الممثلة المصرية ندى بسيوني، ويصفه الجمهور والنقاد بأنه: حلو ودمه خفيف لكن بيرقص على السلم”.
وأشارت: “لكن برايان كرنستين، تحول على يد صناع العمل الأمريكي وأصبح من نجوم الصف الأول في الدراما التلفزيونية على مر التاريخ، عكس أحمد السقا، الذي هو في الأصل نجم شباك مصري وعربي، تحول في العمل لشيء ليس له وصف”.
وحول إبعاد كبار صناع الدراما من مخرجين وفنانين ومؤلفين أكدت الناقدة الفنية، أن “إسناد الأعمال الفنية والدرامية لمغمورين يعني أن الإبداع والابتكار ليس مأخوذا بعين الاعتبار من الأساس وأن كله قص ولزق رخيص”، متسائلة: “كم هي المشاهد من كم المسلسلات المعروضة تم لزقها لعمل حلقات يتم مطها دون مراعاة ذكاء ومشاعر المشاهدين”.
وترى نبيل، أنه “بالطبع هناك حدود للاقتباس، وحقوق الملكية الفكرية، لكن كلها يتم تجاوزها، ولا أدري كيف يتملصون قانونيا لكن أدبيا أيضا لا يجوز”، مشيرة إلى وجوب ذكر مصدر الاقتباس، ومؤكدة أن “الخاسر من ذلك هو البطل والمخرج لأنهما يتحولان بعد عدة حلقات من فنانين إلى حرامية في ذهن المشاهد”.
وبشكل عام أعلنت الناقدة الفنية إيمان نبيل، أسفها لتراجع مستوى الدراما المصرية، مضيفة أنها “ستظل كذلك بدون كتاب لديهم رسالة مثل الراحل أسامة أنور عكاشة”، منتقدة ما يعقده الكتاب هذه الأيام من جلسات عصف ذهني للكتابة، معتبرة أنها “ليس بها تفكير ولا دراسة ولا مبنية على تاريخ أو معلومة”.
“ليس الوحيد”
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي مازال الجدل قائما بين المتابعين ما بين ساخر ومنتقد ومدافع للمسلسل الذي أثار ضجة قبل قضية الاقتباس.