مصر: الصحافي أحمد أبو زيد مهدد بفقد بصره في سجن طرة
يوماً تلو الآخر تزداد خطورة الوضع الصحي للصحافي والناشط الحقوقي، أحمد أبو زيد، داخل محبسه بسجن طره، وصار الآن معرضاً للعمى نتيجة احتياجه الشديد لإجراء عملية مياه زرقاء، وهو مرض يعتبر ثاني مسبب للعمى النهائي.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تعالت النداءات المطالبة بإنقاذ أبو زيد، وطالبت أسرته بتدخل كافة الجهات المدافعة عن السجناء في إنقاذه من العمى وتيسير إجراءات العملية له داخل محبسه بعد تأجيلها لأكثر من مرة، إما بسبب التعنت أو الإهمال أو بسبب طول الإجراءات.
الصحافي والناشط الحقوقي، أحمد أبو زيد، كان يعمل بجريدة الديار، وهو باحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام (منظمة مجتمع مدني مصرية)، اعتُقل من منزله يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2017، وتم إخفاؤه لعدة أيام، ثم ظهر في نيابة أمن الدولة التي رحّلته إلى سجن طره للتحقيق على ذمة القضية رقم 977 لسنة 2017 والمعروفة بمكملين2.
وكان أبو زيد أحد أكثر المدافعين عن حريات الصحافيين، ومسانداً لأسر المعتقلين السياسيين وأصحاب الرأي.
وتلقى المرصد الإقليمي لحقوق الإنسان “مناصرة” نداء استغاثة من الجماعة الصحافية في مصر للمطالبة بالنشر لإنقاذ أبو زيد، حيث إنه مهدد بالإصابة بالعمى نتيجة عدم تلقيه الرعاية الصحية.
وجاء في نص بيان الاستغاثة “نداء إلى الصحافيين.. نداء إلى نقابة الصحافيين.. أنقذوا زميلكم الصحافي أحمد أبو زيد من العمى الصامت”.
وقال الكاتب الصحافي والنقابي السابق، كارم يحيى، إنه اتصل بأسرة أبو زيد وعلم بأن المياه الزرقاء أصابت عينيه كليهما، إلا أن عينه اليسرى مهددة بالضياع تماماً لتدهور حالتها، وأطباء السجون أنفسهم نصحوا بسرعة إجراء العملية لها، لكن تعنتاً يحول دون الإسراع بإنقاذ بصر أحمد أبو زيد جراء الضغط الرهيب على العين.
وكتب يحيى “واضح أن التشخيص من إدارة السجون، فمن أين يأتي التعطيل لإنقاذ بصر زميلنا الذي أشهد له بأنه خلوق وكفؤ وإنسان، وطالما تضامن هو مع كل صحافي معتقل أو محبوس ومع أسر المحبوسين”.
ووجّه يحيى الدعوة لكل “صحافي محترم وصاحب ضمير أن يرفع صوته مطالباً بالنور والحياة والحرية لزميلنا الغالي الأستاذ أحمد أبو زيد الطنوبي. وإلى أن يتحرك مجلس النقابة لإنقاذ بصر صحافي شاب، فالنقابة مسؤولة عن كل الصحافيين بمن فيهم غير الأعضاء بجداولها وانتظاراً للانضمام لها. وهم في أشد الاحتياج إلى مظلة حمايتها وتدخلها”.
يشار إلى أن عدد السجون بمصر حالياً 54 سجناً، بالإضافة إلى 320 مقرَ احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة، أما أماكن الاحتجاز غير المعروفة والسرية لا يعرَف عددها. كما يقدر عدد المسجونين السياسيين في مصر بحوالي 60 ألف سجين ومحبوس، وفق تقديرات حقوقية.
وكان مركز عدالة قد أصدر تقريراً، في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، بعنوان “كيف تعالج سجينًا حتى الموت”، كشف فيه أن أعداد حالات الإهمال الطبي داخل السجون في الفترة من 2016 حتى 2018 وصلت إلى ما يقارب 819 حالة، بينما وصلت أعداد الوفيات إلى 60 حالة وفاة.
يشار إلى بناء 23 سجناً جديداً من 2013 حتى 2018 تماشياً مع منهجية التوسع في الاعتقالات وغلق المجال العام والمحاكمات غير العادلة.
وجدير بالذكر أن إتاحة الرعاية الصحية للجميع على قدم المساواة أحد العناصر الرئيسية لتحقيق مبدأ الحق في الصحة بشكل عام، الذي كفله الدستور في المادة 18، “لكن مسار ما بعد الثالث من يوليو/تموز 2013 وما تلاه من تحولات سياسية أسهمت في تغيير المنظومة الحاكمة للعدالة الجنائية في مصر تغيراً راديكالياً تبلور في صورة تعديلات تشريعية، كان له أثر بالغ في زيادة أعداد المحتجزين في مصر بصورة غير مسبوقة، استجابت لها الدولة ببناء سجون جديدة” حسب تقرير مركز عدالة، الذي وجد أن الإهمال الطبي داخل السجون المصرية أصبح أمراَ معتاداً، مما يشكل تهديداً حقيقياً لصحة المرضى المسجونين، ويخالف النصوص القانونية المحلية والدولية، هذا إلى جانب غياب منظومة واضحة يُنظم من خلالها تقديم الرعاية الطبية للسجناء.
كما أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية تعمل في بريطانيا) كانت قد أصدرت تقريراً في نهاية العام الماضي بعنوان “خمس سنوات من القهر والإخضاع” رصدت من خلاله بشكل كمّي انتهاكات حقوق الإنسان في مصر خلال الخمس سنوات الأخيرة منذ أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية 2018.
وحمل التقرير فقرة “قضى 717 شخصاً داخل مقار الاحتجاز المختلفة، بينهم 122 قُتلوا جراء التعذيب من قبل أفراد الأمن، و480 توفوا نتيجة الإهمال الطبي، و32 نتيجة التكدس وسوء أوضاع الاحتجاز، و83 نتيجة فساد إدارات مقار الاحتجاز، بالإضافة لمقتل 169 شخصاً بالتصفية الجسدية المباشرة على يد قوات الأمن المصرية، كما نفذت السلطات حكم الإعدام بحق 20 شخصاً على خلفية اتهامهم في قضايا معارضة للسلطات”.
وأوضح التقرير أن عدد الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي خلال فترة عمله هم 61262 شخصاً، بينهم 629 نساء و1143 قاصراً، وكعادة السلطات الأمنية في مصر فقد تعرض معظم هؤلاء المعتقلين للاختفاء القسري لمدة تزيد عن 24 ساعة على الأقل، بينما استمر تعريض بعضهم للاختفاء القسري حتى الآن.