الكويت: نواب يقاطعون الحكومة بسبب أزمة استجواب رئيس الوزراء
وافق مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، أمس الثلاثاء، على تحويل الاستجواب المقدم لرئيس مجلس الوزراء، الشيخ جابر المبارك الصباح، إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية للنظر في مدى دستوريته، ما دفع نوابا إلى إعلان مقاطعتهم الحكومة.
وجاءت إحالة الاستجواب للتشريعية بعد موافقة 39 عضواً، ورفض 24 وامتناع اثنين عن المشاركة في عملية التصويت بحجة عدم قانونيتها، ورجح تصويت الوزراء الذين يبلغ عددهم 14 وزيراً كفة الحكومة في التصويت، بينما كان جميع المصوتين الرافضين للإحالة من نواب البرلمان.
ورفض النائبان عبد الله فهاد العنزي ورياض العدساني المشاركة في التصويت بحجة عدم دستوريته حتى وإن كان التصويت بالرفض لأن ذلك يعني الاعتراف بشرعية التصويت.
ورغم تصريحات رئيس اللجنة التشريعية، العضو خالد الشطي، بأن اللجنة لن تقرر مدى دستورية الاستجواب ومدى اختصاص رئيس مجلس الوزراء بها وبالتالي قرار شطب الاستجواب أو عدمه، فإن المؤشرات تشير إلى قيام اللجنة بشطب الاستجواب وإلغائه خصوصاً وأنها تتكون من النواب المستقلين الموالين للحكومة في التصويت إضافة إلى وجود سابقة للجنة ذاتها بشطبها للاستجواب المقدم لرئيس مجلس الوزراء من النائب شعيب المويزري قبل شهور.
وكانت الحكومة قد تغيبت يوم الأحد الماضي عن الجلسة التي طلب 22 عضواً في البرلمان عقدها لبحث ملف العفو الشامل عن المعتقلين السياسيين والمهاجرين السياسيين من قادة المعارضة، الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن على خلفية قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011 إبان الاحتجاجات الشعبية ضد رئيس مجلس الوزراء السابق لتزيد من غضب النواب الذين قرر 10 منهم توقيع كتاب عدم التعاون مع رئيس الحكومة ورفعه للأمير.
وعلل النواب تقديمهم لكتاب عدم التعاون برفض الحكومة حضور الجلسة الخاصة للعفو الشامل وتعطيل الاستجوابات المقدمة لرئيس الوزراء، وما وصفته من اعتداء للسلطة التنفيذية على الدستور.
وطالب النواب الحكومة بالرحيل وإعادة تكليف رئيس مجلس وزراء جديد بدلاً من رئيس الوزراء الحالي، وهو ما يعني حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة وهي صلاحية لا يملكها سوى أمير البلاد.
وقال النائب عادل الدمخي: “عندما تعجز الحكومة ورئيسها عن مواجهة استجواب دستوري وتلجأ إلى سبل الالتفاف كالسرية والتحويل للتشريعية لتمنع المجلس من بسط الرقابة على أعمالها فإنها تستحق عدم التعاون”.
وقال النائب المقدم للاستجواب، عبد الكريم الكندري، إن البرلمان الكويتي فقد صلاحياته بسبب سيطرة الحكومة عليه والحيل القانونية التي يلجأ لها الطرف الموالي للحكومة داخل البرلمان.
وكانت الحكومة قد سجلت عدة انتصارات داخل البرلمان في الأسابيع الماضية حيث نجحت بتجاوز الاستجواب المقدم لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، أنس الصالح، دون التصويت عليه. كما نجحت بتجاوز الاستجواب المقدم لوزير الإعلام، محمد الجبري، بعد التصويت عليه بأغلبية ساحقة. واستطاعت إسقاط قانون الحقوق المدنية للبدون رغم الضغوط النيابية لتمريره. كما استطاعت تجاهل الجلسة المخصصة لقانون العفو الشامل وأخيراً استطاعت إحالة الاستجواب المقدم لرئيس الوزراء للجنة التشريعية.
ورغم امتلاك رئيس مجلس الوزراء لأغلبية مريحة داخل البرلمان تؤهله لتجاوز الاستجواب بعد مناقشته، إلا أن التوجه الحكومي هو عدم السماح بصعود رئيس مجلس الوزراء للمنصة بأي ثمن كونه يرتبط بشكل حساس بمسألة “كرسي الإمارة” مستقبلاً، إذ ترى الحكومة أنه لا يصح لأحد يمكن أن يُرشح ليصبح أميراً ذات يوم أن يناقش استجواباً مقدماً له.
وقال نائب معارض في البرلمان لـ”العربي الجديد” إن هناك رسائل من القيادة السياسية وتلميحات بإبعاد كرسي مجلس الوزراء عن أي استجواب مقابل السماح باستجواب أي وزير، وأن الحكومة لن تتوانى عن استخدام حقوقها الدستورية في حماية رئيس مجلس الوزراء.
وأضاف النائب المعارض الذي تحدث لـ”العربي الجديد”: “الرسالة وصلت للجميع من خلال التصويتات بأن الحكومة ستستخدم كل شيء من أجل عدم صعود رئيس مجلس الوزراء للمنصة، وفي حال فشل شطب الاستجواب فإن الحكومة تدفع بكل سهولة إلى طلب سرية الجلسة بحجة وجود معلومات تمس الأمن القومي”.
وبينما يرى النواب المعارضون أن ما تقوم به الحكومة عبث بأهم أداة للرقابة في الكويت وهي الاستجواب، يرى الموالون للحكومة أن كل ما يحدث يتم وفق أطر قانونية ودستورية صحيحة، حيث كفل القانون لها طلب التصويت على إحالة أي استجواب للجنة التشريعية للنظر في مدى دستوريته ودخوله في اختصاصات الوزير المستجوب.
ويقول الخبير السياسي والأكاديمي عبد الرحمن المطيري لـ”العربي الجديد” إن “الحكومة سجلت انتصاراً كاسحاً بعد إحالة الاستجواب للجنة التشريعية وعدم تحديد مهلة للجنة كي ترد على المجلس في مدى دستورية الاستجواب مما يعني أن الحكومة ستنجو في العطلة الصيفية التي ستبدأ بعد شهر رمضان، ويبقى أمامها دور انعقاد واحد حتى حلول موعد الانتخابات في منتصف عام 2020”.
لكن الظروف الإقليمية وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في مياه الخليج العربي والتهديدات الموجهة للأهداف الأميركية في الخليج ومن بينها القواعد الأميركية قد تغيّر من خطط الحكومة في الإبقاء على البرلمان لأطول فترة ممكنة وتدفع أمير البلاد لحل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة، وهو ما يقره المطيري إذ يقول إنه “يمكن للظروف الإقليمية أن تفسد ترتيبات الحكومة المستمرة منذ ثلاث سنوات بسهولة تامة”.